Saturday, May 31, 2014

1246 - سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت خصوم بالباب . عالية أصواتهما . وإذا أحدهما يستوضع الآخر ويسترفقه في شيء . وهو يقول : والله لا أفعل . فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما . فقال: أين المتألي على الله لا يفعل المعروف ؟ قال : أنا ، يا رسول الله فله أي ذلك أحب ، صحيح مسلم

سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت خصوم بالباب . عالية أصواتهما . وإذا أحدهما يستوضع الآخر ويسترفقه في شيء .
وهو يقول : والله لا أفعل .
فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما . فقال: أين المتألي على الله لا يفعل المعروف ؟
قال : أنا ، يا رسول الله فله أي ذلك أحب ، صحيح مسلم
------------------------------------------------
الراوي: عائشة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1557 خلاصة حكم المحدث: صحيح
------------------------------------------------
الشرح:
يستوضعه: يسأله أن يضع او يخفف عنه بعض دينه لديه .
يسترفقه: يسأله الرفق.
المتألي: الحالف
هذا الحديث ذكره المؤلف رحمه الله في بيان الصلح بين اثنين متنازعين فإذا رأى شخص رجلين يتنازعان في شيء وأصلح بينهما ، فله أسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد فعل خيراً كثيراً ، كما سبق الكلام فيه على قول الله تعالى : ( لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) [النساء:114] .
فالنبي صلى الله عليه وسلم لما سمع نزاع رجلين وقد علت أصواتهما ، خرج إليهما صلى الله عليه وسلم لينظر ماذا عندهما ، وفيه دليل على أنه لا حرج على الإنسان أن يتدخل في النزاع بين اثنين ، إذا لم يكن ذلك سراً بينهما ؛ لأن هذين الرجلين قد أعلنا ذلك ، وكانا يتكلمان بصوت مرتفع ، أما لو كان الأمر بين اثنين على وجه السر والإخفاء ؛ فلا يجوز للإنسان أن يتدخل بينهما ؛ لأن في ذلك إحراجاً لهما ، فإن إخفاءهما للشيء يدل على أنهما لا يحبان أن يطلع عليه أحد من الناس ، فإذا أقحمت نفسك في الدخول بينهما ؛ أحرجتهما وضيقت عليهما ، وربما تأخذهما العزة بالإثم فلا يصطلحان .
والمهم أنه ينبغي للإنسان أن يكون أداة خير، وأن يحرص على الإصلاح بين الناس وإزالة العداوة والضغائن حتى ينال خيراً كثيراً  
والله تعالى اعلم
للمزيد

1245 - أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم . في غزوة الفتح . فقالوا : من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالوا : ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد ، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم . فكلمه فيها أسامة بن زيد . فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال: أتشفع في حد من حدود الله ؟ فقال له أسامة : استغفر لي يا رسول الله فلما كان العشي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختطب . فأثنى على الله بما هو أهله . ثم قال: أما بعد . فإنما أهلك الذين من قبلكم ، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف ، تركوه . وإذا سرق فيهم الضعيف ، أقاموا عليه الحد . وإني ، والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها . قال يونس : قال ابن شهاب : قال عروة : قالت عائشة : فحسنت توبتها بعد . وتزوجت . وكانت تأتيني بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صحيح مسلم

أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم . في غزوة الفتح .
فقالوا : من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فقالوا : ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد ، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم . فكلمه فيها أسامة بن زيد .
فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال: أتشفع في حد من حدود الله ؟
فقال له أسامة : استغفر لي يا رسول الله
فلما كان العشي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختطب . فأثنى على الله بما هو أهله .
ثم قال: أما بعد . فإنما أهلك الذين من قبلكم ، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف ، تركوه .
وإذا سرق فيهم الضعيف ، أقاموا عليه الحد .
وإني ، والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها
ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها .
قال يونس : قال ابن شهاب : قال عروة : قالت عائشة : فحسنت توبتها بعد . وتزوجت . وكانت تأتيني بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صحيح مسلم
------------------------------------------------
الراوي: عائشة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1688 خلاصة حكم المحدث: صحيح
------------------------------------------------
الشرح:
أن قريشا أهمهم: أي أحزنهم وأوقعهم في الهم خوفا من لحوق العار ، وافتضاحهم بها بين القبائل
شأن المرأة المخزومية: أي المنسوبة إلى بني مخزوم قبيلة كبيرة من قريش وهي فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد بنت أخي أبي سلمة بن عبد الأسد الصحابي الجليل الذي كان زوج أم سلمة أم المؤمنين قتل أبوها كافرا يوم بدر قتله حمزة
التي سرقت: أي وكانت تستعير المتاع وتجحده أيضا كما في الرواية الآتية
 فقالوا: أي أهلها
 من يكلم فيها: أي من يشفع أن لا تقطع إما عفوا أو بفداء
 ومن يجترئ: أي يتجاسر عليه بطريق الإدلال قاله النووي
 إلا أسامة بن زيد حب النبي صلى الله عليه وسلم: بكسر الحاء أي محبوبه وهو بالرفع عطف بيان أو بدل من أسامة
 أتشفع في حد: أي في تركه والاستفهام للتوبيخ
 فاختطب: قال القاري أي بالغ في خطبته أو أظهر خطبته وهو أحسن من قول الشارح أي خطب انتهى .
قلت وفي رواية للبخاري خطب
 إنما هلك الذين من قبلكم: وفي رواية سفيان عند النسائي إنما هلك بنو إسرائيل
 أنهم: أي لأجل أنهم
 كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه: فلا يحدونه
 وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد: قال ابن دقيق العيد الظاهر أن هذا الحصر ليس عاما ، فإن بني إسرائيل كانت فيهم أمور كثيرة تقتضي الإهلاك ، فيحمل ذلك على حصر مخصوص وهو الإهلاك بسبب المحاباة في الحدود فلا ينحصر في حد السرقة
 وإنما خص صلى الله عليه وسلم فاطمة بالذكر لأنها أعز أهله عنده ، فأراد المبالغة في تثبيت إقامة الحد على كل مكلف وترك المحاباة في ذلك . وفي الحديث منع الشفاعة في الحدود وهو مقيد بما إذا رفع إلى السلطان
و الله تعالى اعلم
للمزيد

Friday, May 30, 2014

1244 - أن أخت الربيع ، أم حارثة ، جرحت إنسانا . فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القصاص . القصاص فقالت أم الربيع : يا رسول الله أيقتص من فلانة ؟ والله لا يقتص منها . فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سبحان الله يا أم الربيع ، القصاص كتاب الله قالت : لا . والله لا يقتص منها أبدا . قال : فما زالت حتى قبلوا الدية . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ، صحيح مسلم

أن أخت الربيع ، أم حارثة ، جرحت إنسانا .
فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القصاص . القصاص
فقالت أم الربيع : يا رسول الله أيقتص من فلانة ؟ والله لا يقتص منها .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سبحان الله يا أم الربيع ، القصاص كتاب الله  
قالت : لا . والله لا يقتص منها أبدا . قال : فما زالت حتى قبلوا الدية .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ، صحيح مسلم
------------------------------------------------
الراوي: أنس بن مالك المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1675 خلاصة حكم المحدث: صحيح
------------------------------------------------
الشرح:
القصاص القصاص: أي أدوا القصاص وسلموه إلى مستحقه
فاختصموا : اى ذهبوا اليه لتخفيف العقوبة
 كتاب الله القصاص: أي حكم كتاب الله وجوب القصاص في السن ، وهو قوله : والسن بالسن  ، وأما قوله : ( والله لا يقتص منها ) فليس معناه رد حكم النبي صلى الله عليه وسلم ; بل المراد به الرغبة إلى مستحق القصاص أن يعفو ، وإلى النبي صلى الله عليه وسلم في الشفاعة إليهم في العفو ، وإنما حلف ثقة بهم ألا يحنثوه ، أو ثقة بفضل الله ولطفه ألا يحنثه ; بل يلهمهم العفو
إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره  معناه: لا يحنثه لكرامته عليه
وفي هذا الحديث فوائد : منها : جواز الحلف فيما يظنه الإنسان .
ومنها : جواز الثناء على من لا يخاف الفتنة بذلك ، وقد سبق بيان هذا مرات .
ومنها : استحباب العفو عن القصاص .
ومنها : استحباب الشفاعة في العفو  - في القصاص -  .
ومنها : أن الخيرة في القصاص والدية إلى مستحقه لا إلى المستحق عليه .
ومنها : إثبات القصاص بين الرجل والمرأة ، وفيه ثلاثة مذاهب :
أحدها : مذهب عطاء والحسن : أنه لا قصاص بينهما في نفس ولا طرف ; بل تتعين دية الجناية ؛ تعلقا بقوله تعالى : والأنثى بالأنثى  .
الثاني : وهو مذهب جماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم ثبوت القصاص بينهما في النفس وفيما دونها مما يقبل القصاص ، واحتجوا بقوله تعالى :  النفس بالنفس  إلى آخرها ، وهذا وإن كان شرعا لمن قبلنا ، وفي الاحتجاج به خلاف مشهور للأصوليين ، فإنما الخلاف إذا لم يرد شرعنا بتقريره وموافقته . فإن ورد كان شرعا لنا بلا خلاف ، وقد ورد شرعنا بتقريره في حديث أنس هذا . والله أعلم .
والثالث وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه يجب القصاص بين الرجال والنساء في النفس ، ولا يجب فيما دونها . ومنها وجوب القصاص في السن ، وهو مجمع عليه إذا أقلها كلها ، فإن كسر بعضها ففيه وفي كسر سائر العظام خلاف مشهور للعلماء ، والأكثرون على أنه لا قصاص
و الله تعالى اعلم
للمزيد

1243 - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين: حسابكما على الله . أحدكما كاذب . لا سبيل لك عليها قال : يا رسول الله مالي ؟ قال: لا مال لك . إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها . وإن كنت كذبت عليها فذاك أبعد لك منها ، صحيح مسلم

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين: حسابكما على الله . أحدكما كاذب . لا سبيل لك عليها
قال : يا رسول الله مالي ؟
قال: لا مال لك . إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها . وإن كنت كذبت عليها فذاك أبعد لك منها ، صحيح مسلم
------------------------------------------------
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1493 خلاصة حكم المحدث: صحيح
------------------------------------------------
الشرح:
المتلاعنين: اى زوج اتهم زوجته بالزنى و انكرت ، و حلف كل منهما   على كذب الآخر
لا سبيل لك عليها: اى انه صلى الله عليه و سلم امر بالتفريق بينهما و انهاء عقد الزواج
مالي : ما عطاه لها عند الزواج من مهر و خلافه
إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها: اى ان كنت صدقت و هى زانية بالفعل ، فالمهر تستحقه نظير المدة التى قضتها زوجة لك
وإن كنت كذبت عليها فذاك أبعد لك منها: و ان كنت كاذب و اتهمتها كذباً ، فبطبيعة الحال لا تستحق رد المهر مكافأة على ذلك
و اللعان لغة مصدر لاعن وقد يستعمل جمعا للعن وهو الطرد والإبعاد, وشرعا كلمات معلومة جعلت حجة للمضطر إلى قذف من لطخ فراشه وألحق العار به أو إلى نفي ولد مما سيأتي, وسميت لعانا لاشتمالها على كلمة اللعن, ولأن كلا من المتلاعنين يبعد عن الآخر بها إذ يحرم النكاح بينهما أبدا واختير لفظ اللعان على لفظي الشهادة والغضب , وإن اشتملت عليهما  الكلمات أيضا; لأن اللعن كلمة غريبة في تمام الحجج من الشهادات والأيمان, والشيء يشتهر بما يقع فيه من الغريب, وعليه جرت أسماء السور, ولأن الغضب يقع في جانب المرأة وجانب الرجل أقوى ولأن لعانه متقدم على لعانها في الآية والواقع .اهـ
وكيفية اللعان أن يقول الزوج أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا أربع مرات والخامسة يقول فيها عليه لعنة الله إن كان من الكاذبين فيما رماها به من الزنا, وكررت كلمات الشهادة لتأكيد الأمر ولأنها أقيمت من الزوج مقام أربعة شهود من غيره ليقام عليها الحد وهي في الحقيقة أيمان كما مر, وأما الكلمة الخامسة فمؤكدة لمفاد الأربع، ومما يحلف عليه الزوج أن يقول: إن هذا الولد من زنا وليس هو مني لينتفي عنه. ولعان المرأة أن تقول أربعا أشهد بالله أنه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا، وتقول في الخامسة بأن عليها غضب الله إن كان من الصادقين فيما رماني به من الزنا
قضى بالولد للمرأة: الولد يلحق بأمه وينتفي نسبه من أبيه
وفرق بين المتلاعنين: اى أنه انهى زواجهما و اصبحت الفرقة فرقة أبدية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا سبيل لك عليها
و الله تعالى اعلم
للمزيد

Thursday, May 29, 2014

1242 - عن عبادة بن الصامت: أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخذ على النساء : أن لا نشرك بالله شيئا ، ولا نسرق ، ولا نزني ، ولا نقتل أولادنا ، ولا يَعْضَهْ بعضا بعضا . فمن وفى منكم فأجره على الله . ومن أتى منكم حدا فأقيم عليه فهو كفارته . ومن ستره الله عليه فأمره إلى الله . إن شاء عذبه ، وإن شاء غفر له ، صحيح مسلم

عن عبادة بن الصامت: أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخذ على النساء :
أن لا نشرك بالله شيئا ، ولا نسرق ، ولا نزني ، ولا نقتل أولادنا ، ولا يَعْضَهْ بعضا بعضا .
فمن وفى منكم فأجره على الله .
ومن أتى منكم حدا فأقيم عليه فهو كفارته .
ومن ستره الله عليه فأمره إلى الله . إن شاء عذبه ، وإن شاء غفر له ، صحيح مسلم
------------------------------------------------
الراوي: عبادة بن الصامت المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1709 خلاصة حكم المحدث: صحيح
------------------------------------------------
الشرح:
أخذ علينا: اى اخذ عليهم عهداً
 فَمَنْ وَفَى: من الوفاء بالعهد
يَعْضَهْ:  أي لا يسب ، وقيل : لا يأتي ببهتان ، وقيل : لا يأتي بنميمة
وفي هذا الحديث فوائد ، منها : تحريم هذه المذكورات وما في معناها . ومنها : الدلالة لمذهب أهل الحق أن المعاصي غير الكفر لا يقطع لصاحبها بالنار إذا مات ولم يتب منها ، بل هو بمشيئة الله تعالى إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه خلافا للخوارج والمعتزلة ; فإن الخوارج [ ص: 364 ] يكفرون بالمعاصي ، والمعتزلة يقولون : لا يكفر ، ولكن يخلد في النار ، وسبقت المسألة في كتاب الإيمان مبسوطة بدلائلها .
ومنها أن من ارتكب ذنبا يوجب الحد فحد سقط عنه الإثم ، قال القاضي عياض : قال أكثر العلماء : الحدود كفارة استدلالا بهذا الحديث ، قال : ومنهم من وقف لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا أدري الحدود كفارة " قال : ولكن حديث عبادة الذي نحن فيه أصح إسنادا ولا تعارض بين الحديثين ، فيحتمل أن حديث أبي هريرة قبل حديث عبادة فلم يعلم ثم علم ، قال المازري : ومن نفيس الكلام وجزله قوله : ( ولا نعصي فالجنة إن فعلنا ذلك ) وقال في الرواية الأولى : ( فمن وفى منكم فأجره على الله ) ولم يقل : فالجنة ; لأنه لم يقل في الرواية الأولى : ولا نعصي ، وقد يعصي الإنسان بغير الذنوب المذكورة في هذا الحديث كشرب الخمر وأكل الربا وشهادة الزور ، وقد يتجنب المعاصي المذكورة في الحديث ، ويعطى أجره على ذلك وتكون له معاص غير ذلك فيجازى بها
و الله تعالى اعلم
للمزيد

1241 - أن رجلا قدم من جيشان ( وجيشان من اليمن ) فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له المزر ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أو مسكر هو ؟ قال : نعم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل مسكر حرام . إن على الله ، عز وجل عهدا ، لمن يشرب المسكر ، أن يسقيه من طينة الخبال قالوا : يا رسول الله وما طينة الخبال ؟ قال: عرق أهل النار . أو عصارة أهل النار ) ، صحيح مسلم

أن رجلا قدم من جيشان ( وجيشان من اليمن ) فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له المزر ؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أو مسكر هو ؟
قال : نعم .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل مسكر حرام .
إن على الله ، عز وجل عهدا ، لمن يشرب المسكر ، أن يسقيه من طينة الخبال
قالوا : يا رسول الله وما طينة الخبال ؟
قال: عرق أهل النار . أو عصارة أهل النار ، صحيح مسلم
------------------------------------------------
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2002 خلاصة حكم المحدث: صحيح
------------------------------------------------
الشرح:
قوله صلى الله عليه وسلم : (كل مُسكر حرام)، هذا جواب جامع يدخل فيه المسئول عنه وغير المسئول عنه، وأن القضية معلقة بالإسكار، فكل ما أسكر فإنه حرام سواء كان من الشعير أو من العسل أو من العنب أو من التمر أو من أي شيء، وسواء كان جامداً أو سائلاً أو مسحوقاً أو غير مسحوق، كل ذلك حرام؛ لأن الأمر علق بالإسكار. فقوله عليه الصلاة والسلام: (كل مُسكر حرام) هذا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، ولهذا لما سئل بعض الصحابة عن الباذق -وهو نوع من الشراب- قال: (سبق محمد صلى الله عليه وسلم الباذق، فقال: (كل مُسكر حرام) )، يعني: أن الشريعة في عموماتها وكلياتها يدخل فيها ما كان معروفاً وما ليس بمعروف، فقوله: (كل مُسكر حرام)، أنيط الحكم بالإسكار في جميع أحواله سواء كان سائلاً أو جامداً أو دقيقاً أو أي شيء آخر، ولا ينظر إلى ما وراء ذلك. ثم إن قوله: (كل مُسكر حرام)، يكون في القليل والكثير، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: (ما أسكر كثيره فقليله حرام)، وإنما حرم القليل الذي لا يُسكر؛ لأنه ذريعة إلى المُسكر، وهذا من باب سد الذرائع ومنع الأشياء التي توصل إلى الغايات، فالقليل وإن كان لا يُسكر فإنه حرام
و الله تعالى اعلم
للمزيد

1240 - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق ، داخلا من بعض الْعَالِيَةِ ، والناس كَنَفَتَيْهِ . فمر بجدي أَسَكَّ ميت . فتناوله فأخذ بأذنه . ثم قال: أيكم يحب أن هذا له بدرهم ؟ فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء . وما نصنع به ؟ قال: أتحبون أنه لكم ؟ قالوا: والله لو كان حيا ، كان عيبا فيه ، لأنه أسك . فكيف وهو ميت ؟ فقال: فوالله للدنيا أهون على الله ، من هذا عليكم ، صحيح مسلم

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق ، داخلا من بعض الْعَالِيَةِ ، والناس كَنَفَتَيْهِ .
فمر بجدي أَسَكَّ ميت . فتناوله فأخذ بأذنه .
ثم قال: أيكم يحب أن هذا له بدرهم ؟
فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء . وما نصنع به ؟
قال: أتحبون أنه لكم ؟
قالوا: والله لو كان حيا ، كان عيبا فيه ، لأنه أسك . فكيف وهو ميت ؟
فقال: فوالله للدنيا أهون على الله ، من هذا عليكم ، صحيح مسلم
------------------------------------------------
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2957 خلاصة حكم المحدث: صحيح
------------------------------------------------
الشرح:
مر بالسوق داخلا من بعض العالية: أي كان دخوله صلى الله عليه وسلم من بعض العالية إلى السوق ، والعالية والعوالي أماكن بأعلى أراضي المدينة ، والنسبة إليها علوي وأدناها على أربعة أميال وأبعدها من جهة نجد ثمانية أميال قاله ابن الأثير
وَالنَّاسُ كَنَفَتَيْهِ: المعنى على جانبيه
أَسَكَّ :  قال القاضي عياض في المشارق : يطلق على ملتصق الأذنين وعلى فاقدهما وعلى مقطوعهما وعلى الأصم الذي لا يسمع ، والمراد هاهنا الأول . وقال ابن الأثير : المراد الثالث ، وقال النووي في شرح مسلم والقرطبي المراد صغير الأذنين
 والحديث فيه جواز مس ميتة مأكول اللحم ، وأن غسل اليد بعد مسها ليس بضروري
يبيّن هذا الموقف العظيم مدى حرص النبي – صلى الله عليه وسلم – على تحذير أصحابه من خطر الدنيا والافتتان بها، وهو – فوق ذلك – يُغذّي عقول الناس أن الحياة الصحيحة المستحقّة لألوان البذل والتضحيّة إنما هي وراء هذه الحياة لا فيها، وأما ما كان قبل ذلك فهو غرور ووهم كما وصفها الله تعالى في محكم كتابه :{ وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } (الحديد:20).
ولقد تنوّعت أساليب النبي – صلى الله عليه وسلّم – في تصوير حقيقة الدنيا والتحذير من زخرفها، فتارةً نراه يطرق حال الفقراء والأغنياء في عرصات القيامة وما بعدها، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم - : ( إن الأكثرين هم الأقلّون يوم القيامة، إلا من قال بالمال هكذا وهكذا وهكذا –يقصد من تصدق عن يمينه وشماله ومن خلفه -، وقليلٌ ما هم) رواه البخاري ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء ) متفق عليه، وقال عليه الصلاة والسلام : (يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام ) رواه الترمذي ، وصحّ عنه – صلى الله عليه وسلم - قوله: (قمت على باب الجنة فكان عامة من دخلها المساكين، وأصحاب الجدّ - أي الموسرون - محبوسون، غير أن أصحاب النار قد أمر بهم إلى النار) متفق عليه.
وتارة يمثّل النبي – صلى الله عليه وسلم – الدنيا لأصحابه بالأمثلة المعنويّة والحسّيّة التي ترسّخ في نفوسهم حقارة الدنيا ودنوّها، وأنّها لا تساوي شيئا عند الله تعالى ، ومن قبيل المعنوي: تشبيه النبي عليه الصلاة والسلام للدنيا بالزهرة التي سرعان ما تذبل، وبالأرض اليانعة التي لا تلبث أن تفقد جمالها وألوانها، ومن جملة الشواهد على ذلك قوله تعالى : { زهرة الحياة الدنيا } (طه:131)، وقوله تعالى : {واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا} (الكهف:45)، وما صحّ عن النبي عليه الصلاة والسلام من قوله : ( لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء ) رواه الترمذي ، ومن التمثيل الحسّي لحقيقة الدنيا الموقف الذي بين يدينا.
ومن نسمات عبير هذا الموقف النبوي، أن نلحظ كيف كان النبي – صلى الله عليه وسلّم – ينوّع في أساليبه الوعظيّة والتربويّة فلا يقف فيها عند نمطٍ واحد، بل هو تجديد يُراد به إشعار النفس بالفكرة المطلوبة بطريقة عمليّة واضحة، وهو الأمر الذي يحتاجه الدعاة والمصلحون لإيصال رسالتهم وتحقيق أهدافهم.
و الله تعالى اعلم
للمزيد

1239 - عن ابن الساعدي المالكي: استعملني عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الصدقة . فلما فرغت منها ، وأديتها إليه ، أمر لي بعمالة . فقلت : إنما عملت لله ، و أجري على الله . فقال : خذ ما أُعْطِيتَ . فإني عملت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فَعَمَّلَنِي فقلت مثل قولك . فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أُعْطِيتَ شيئا من غير أن تسأل ، فكل . وتصدق ، صحيح مسلم

عن ابن الساعدي المالكي: استعملني عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الصدقة . فلما فرغت منها ، وأديتها إليه ، أمر لي بعمالة .
فقلت : إنما عملت لله ، و أجري على الله .
فقال : خذ ما أُعْطِيتَ .
فإني عملت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فَعَمَّلَنِي فقلت مثل قولك .
فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أُعْطِيتَ شيئا من غير أن تسأل ، فكل . وتصدق ، صحيح مسلم
------------------------------------------------
الراوي: عمر بن الخطاب المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1045 خلاصة حكم المحدث: صحيح
------------------------------------------------
الشرح:
استعملني: اى وظفنى او جعلنى عاملاً عنده
على الصدقة: لجمع الصدقة
أديتها إليه: اى اعطيتها اليه
أمر لي بعمالة: امر لى بأجر
فَعَمَّلَنِي : أي أعطاني أجرة عملي
وفي هذا الحديث جواز أخذ العوض على أعمال المسلمين ، سواء كانت لدين أو لدنيا كالقضاء والحسبة وغيرهما
و الله تعالى اعلم
للمزيد

1238 - كنا نقول في الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم : السلام على الله . السلام على فلان . فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ذات يوم: إن الله هو السلام . فإذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل : التحيات لله والصلوات والطيبات . السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته . السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين . فإذا قالها أصابت كل عبد لله صالح ، في السماء والأرض . أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم يتخير من المسألة ما شاء ، صحيح مسلم

كنا نقول في الصلاة خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم : السلام على الله . السلام على فلان .
فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ذات يوم:
إن الله هو السلام . فإذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل :
التحيات لله والصلوات والطيبات .
السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته .
السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين .
فإذا قالها أصابت كل عبد لله صالح ، في السماء والأرض .
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
ثم يتخير من المسألة ما شاء ، صحيح مسلم
------------------------------------------------
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 402 خلاصة حكم المحدث: صحيح
------------------------------------------------
الشرح:
فيه تشهد ابن مسعود وتشهد ابن عباس وتشهد أبي موسى الأشعري رضي الله عنهم . واتفق العلماء على جوازها كلها ، واختلفوا في الأفضل منها ، فمذهب الشافعي - رحمه الله تعالى - وبعض أصحاب مالك أن تشهد ابن عباس أفضل لزيادة لفظة المباركات فيه وهي موافقة لقول الله عز وجل : تحية من عند الله مباركة طيبة ولأنه أكده بقوله : يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن . وقال أبو حنيفة وأحمد رضي الله عنهما ، وجمهور الفقهاء ، وأهل الحديث : تشهد ابن مسعود أفضل لأنه عند المحدثين أشد صحة ، وإن كان الجميع صحيحا .
وقال مالك - رحمه الله تعالى - : تشهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الموقوف عليه أفضل لأنه علمه الناس على المنبر ، ولم ينازعه أحد ، فدل على تفضيله وهو : التحيات لله الزاكيات لله الطيبات الصلوات لله سلام عليك أيها النبي إلى آخره . واختلفوا في التشهد هل هو واجب أم سنة؟ فقال الشافعي - رحمه الله تعالى - وطائفة : التشهد الأول سنة ، والأخير واجب . وقال جمهور المحدثين : هما واجبان .
وقال أحمد - رضي الله عنه - : الأول واجب ، والثاني فرض . وقال أبو حنيفة ومالك رضي الله عنهما ، وجمهور الفقهاء : هما سنتان . وعن مالك - رحمه الله - رواية بوجوب الأخير . وقد وافق من لم يوجب التشهد على وجوب القعود بقدره في آخر الصلاة .
وأما ألفاظ الباب ففيه لفظة التشهد سميت بذلك للنطق بالشهادة بالوحدانية والرسالة .
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - : إن الله هو السلام فمعناه أن السلام اسم من أسماء الله تعالى ومعناه السالم من النقائض وسمات الحدوث ومن الشريك والند ، وقيل : المسلم أولياءه وقيل : المسلم عليهم ، وقيل غير ذلك . وأما التحيات فجمع تحية وهي الملك ، وقيل البقاء ، وقيل العظمة ، وقيل الحياة ، وإنما قيل التحيات بالجمع لأن ملوك العرب كان كل واحد منهم تحييه أصحابه بتحية مخصوصة ، فقيل : جميع تحياتهم لله تعالى ، وهو المستحق لذلك حقيقة . والمباركات والزاكيات في حديث عمر - رضي الله عنه - بمعنى [ ص: 89 ] واحد ، والبركة كثرة الخير ، وقيل : النماء ، وكذا الزكاة أصلها النماء ، والصلوات هي الصلوات المعروفة . وقيل : الدعوات والتضرع ، وقيل : الرحمة ، أي الله المتفضل بها ، والطيبات أي الكلمات الطيبات . وقوله في حديث ابن عباس : ( التحيات المباركات الصلوات الطيبات ) تقديره والمباركات والصلوات والطيبات كما في حديث ابن مسعود وغيره ، ولكن حذفت الواو اختصارا وهو جائز معروف في اللغة ومعنى الحديث أن التحيات وما بعدها مستحقة لله تعالى ، ولا تصلح حقيقتها لغيره .
وقوله : ( السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ) وقوله في آخر الصلاة ( السلام عليكم ) فقيل : معناه التعويذ بالله ، والتحصين به سبحانه وتعالى ، فإن السلام اسم له - سبحانه وتعالى - تقديره الله عليكم حفيظ وكفيل ، كما يقال : الله معك أي بالحفظ والمعونة واللطف ، وقيل : معناه السلامة والنجاة لكم ، ويكون مصدرا كاللذاذة واللذاذ كما قال الله تعالى : فسلام لك من أصحاب اليمين .
واعلم أن السلام الذي في قوله : ( السلام عليك أيها النبي السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ) يجوز فيه حذف الألف واللام فيقال : سلام عليك أيها النبي وسلام علينا ، ولا خلاف في جواز الأمرين هنا ، ولكن الألف واللام أفضل ، وهو الموجود في روايات صحيحي البخاري ومسلم . وأما الذي في آخر الصلاة وهو سلام التحليل فاختلف أصحابنا فيه ، فمنهم من جوز الأمرين فيه هكذا ويقول : الألف واللام أفضل ، ومنهم من أوجب الألف واللام لأنه لم ينقل إلا بالألف واللام ، ولأنه تقدم ذكره في التشهد ، فينبغي أن يعيده بالألف واللام ليعود التعريف إلى سابق كلامه ، كما يقول : جاءني رجل فأكرمت الرجل .
قوله : ( وعلى عباد الله الصالحين ) . قال الزجاج ، وصاحب المطالع ، وغيرهما : العبد الصالح هو القائم بحقوق الله تعالى وحقوق العباد .
قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( فإذا قالها أصابت كل عبد لله صالح في السماء ) فيه دليل على أن الألف واللام داخلتين على الجنس تقتضي الاستغراق والعموم .
قوله : ( وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) قال أهل اللغة : يقال : رجل محمد ومحمود إذا كثرت خصاله المحمودة . قال ابن فارس : وبذلك سمي نبينا - صلى الله عليه وسلم - محمدا يعني لعلم الله تعالى بكثرة خصاله المحمودة ألهم أهله التسمية بذلك .
قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( ثم يتخير من المسألة ما شاء ) فيه استحباب الدعاء في آخر الصلاة قبل السلام ، وفيه أنه يجوز الدعاء بما شاء من أمور الآخرة والدنيا ما لم يكن إثما ، وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور ، وقال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - : لا يجوز إلا بالدعوات الواردة في القرآن والسنة ، واستدل به جمهور العلماء على أن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأخير ليست واجبة ، ومذهب الشافعي وأحمد وإسحاق وبعض أصحاب مالك - رحمه الله تعالى - وجوبها في التشهد الأخير ، فمن تركها بطلت صلاته
للمزيد

1237 - رُبَّ أشعث مدفوع بالأبواب ، لو أقسم على الله لأبره ، صحيح مسلم

رُبَّ أشعث مدفوع بالأبواب ، لو أقسم على الله لأبره ، صحيح مسلم
------------------------------------------------
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2622 خلاصة حكم المحدث: صحيح
------------------------------------------------
الشرح:  
 رُبَّ: ربما
 أشعث من صفات الشعر ، وشعره أشعث يعني ليس له ما يدهن به الشعر من زيت و خلافه ليكون حسن الشكل ، ولا ما يرجله او يسرحه ، وليس يهتم بمظهره ،
وأغبر يعني أغبر اللون ، أغبر الثياب ، من الغبار او التراب ، وذلك لشدة فقره .
مدفوع بالأبواب : يعني ليس له جاه ، إذا جاء إلى الناس يستأذن لا يأذنون له ، بل يدفعونه بالباب ؛ لأنه ليس له قيمة عند الناس لكن له قيمة عند رب العالمين ، لو أقسم على الله لأبره ، لو قال : والله لا يكون كذا لم يكن ، والله ليكونن كذا لكان . لو أقسم على الله لأبره ، لكرمه عند الله عز وجل ومنزلته .
فبأي شيء يحصل هذا ؟ فربما يكون رجل أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله ما أبره ، ورب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره . فما هو الميزان ؟
الميزان تقوى الله عز وجل ، كما قال الله تعالى : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) [الحجرات: 13] ، فمن كان أتقى لله فهو أكرم عند الله ، ييسر الله له الأمر ، يجيب دعاءه ، ويكشف ضره ، ويبر قسمه .
وهذا الذي أقسم على الله لن يقسم بظلم لأحد ، ولن يجترئ على الله في ملكه ، ولكنه يقسم على الله فيما يرضي الله ثقة بالله عز وجل ، أو في أمور مباحة ثقة بالله عز وجل .
وقد مر علينا في قصة الربيع بنت النضر وأخيها أنس بن النضر ؛ فإن الربيع كسرت ثنية جارية من الأنصار ، فاحتكموا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تكسر ثنية الربيع ؛ لأنها كسرت ثنية الجارية الأنثى ، فقال أخوها أنس : يا رسول الله ، تكسر ثنية الربيع ؟ قال : (( نعم ، كتاب الله القصاص ، السن بالسن )) قال : والله لا تكسر ثنية الربيع . قال ذلك ثقة بالله عز وجل ، ورجاءً لتيسيره وتسهيله .
فأقسم هذا القسم ، ليس رداً لحكم الرسول ، ولكن ثقة بالله عز وجل ، فهدى الله أهل الجارية ورضوا بالدية أو عفوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره )) ( 40 ) ؛ لأنه يقسم على الله في شيء يرضاه الله عز وجل ، إحساناً في ظنه بالله عز وجل .
أما من أقسم على الله تألياً على الله ، واستكباراً على عباد الله ، وإعجاباً بنفسه فهذا لا يبر الله قسمه ؛ لأنه ظالم ومن ذلك قصة الرجل العابد الذي كان يمر برجل مسرف على نفسه ، فقال : والله لا يغفر الله لفلان ، أقسم أن الله لا يغفر له ، لماذا يقسم ؟ هل المغفرة بيده ؟ هل الرحمة بيده ؟ فقال الله جل وعلا : (( من ذا الذي يتألى عليّ أن لا أغفر لفلان ؟ )) استفهام وإنكار (( فإني قد غفرت له وأحبطت عملك )) (41) ؛ نتيجة سيئة والعياذ بالله ، لم يبر الله بقسمه، بل أحبط عمله، لأنه قال ذلك إعجاباً بعمله، وإعجاباً بنفسه ، واستكباراً على عباد الله عز وجل
و الله تعالى اعلم
للمزيد

1236 - أغيظ رجل على الله يوم القيامة ، وأخبثه وأغيظه عليه ، رجل كان يسمى ملك الأملاك . لا ملك إلا الله ، صحيح مسلم

أغيظ رجل على الله يوم القيامة ، وأخبثه وأغيظه عليه ،
رجل كان يسمى ملك الأملاك . لا ملك إلا الله ، صحيح مسلم
------------------------------------------------
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2143 خلاصة حكم المحدث: صحيح
------------------------------------------------
الشرح:
أغيظ وأخبثه وأغيظه عليه: معناه أشد ذلا وصغارا يوم القيامة
و الحديث يتكلم عن تحريم التسمى بالأسماء الخاصة به سبحانه وتعالى كملك الملوك او الأملاك
و الله تعالى اعلم
للمزيد

Wednesday, May 28, 2014

1235 - لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر بعده ، وكفر من كفر من العرب ، قال عمر بن الخطاب لأبي بكر : كيف تقاتل الناس ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله . فمن قال : لا إله إلا الله فقد عصم منى ماله ونفسه إلا بحقه . وحسابه على الله " . فقال أبو بكر : والله لأقتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال . والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه . فقال عمر بن الخطاب : فوالله ما هو إلا رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال . فعرفت أنه الحق ، صحيح مسلم

لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر بعده ، وكفر من كفر من العرب ، قال عمر بن الخطاب لأبي بكر : كيف تقاتل الناس ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله . فمن قال : لا إله إلا الله فقد عصم منى ماله ونفسه إلا بحقه . وحسابه على الله " .
فقال أبو بكر : والله لأقتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال .
والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه .
فقال عمر بن الخطاب : فوالله ما هو إلا رأيت الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال . فعرفت أنه الحق ، صحيح مسلم
------------------------------------------------
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 20 خلاصة حكم المحدث: صحيح
------------------------------------------------
الشرح:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واستُخلِف أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي بكر رضي الله عنه: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:   أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله   ؟! فقال أبو بكر رضي الله عنه: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقاتلتهم على منعه. فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق.
عن ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:   أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله   .
هكذا جاءت هذه الأحاديث في الأمر بقتال الناس وذلك بعد أن تمت الأحكام، وعرف الناس هذه الرسالة، وقامت عليهم الحجة، وبلغتهم الدعوة، وجب عليهم الدخول في الإسلام، ولم يَجُز تركهم على الكفر، بل يجب أن يُقاتلوا إلى أن يسلموا، إلا أهل الكتاب والمجوس فإنهم إذا بذلوا الجزية يُكف عن قتالهم.
في هذا الحديث أو في هذه القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما توفي ارتد كثير ممن حول المدينة وممن كانوا قد أسلموا، فمنهم من عاد إلى عبادة الأصنام، ومنهم من صدق مسيلمة الذي ادعى أنه نبي، أو صدق امرأة متنبئة يقال لها: سَجَاح أو صدق رجلا من بني أسد يقال له: طُليحة ادعى النبوة، ومنهم من بقي على الإسلام إلا أنهم منعوا الزكاة وقالوا: إنها من خصائص محمد .
أبو بكر رضي الله عنه هو الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم عزم على قتالهم جميعا، فقاتل الذين عبدوا الأصنام؛ لأنهم كفار، وقاتل أيضا الذين صدقوا المتنبئين حتى رجعوا، وبقيت طوائف منعوا الزكاة، فحصل هذا الجدال أو الخلاف بينه وبين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، اجتهد وظن أنهم يكفي منهم قول: لا إله إلا الله والعبادة والتوحيد، ولكن أبا بكر رضي الله عنه عرف أن الإسلام لا يتجزأ، وأن أركانه لا بد من الإتيان بها كلها، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها وألزم بها وكلها متماسكة؛ فلذلك قال صلى الله عليه وسلم:   أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله   يعني: حتى يوحدوا الله، في بعض الروايات في صحيح مسلم  ويؤمنوا بي وبما جئت به   أي: يصدقوا بالرسالة كلها، وإذا آمنوا بها عملوا بها.
ثم قال:   فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها   كلمة إلا بحقها يعني: إلا بحق لا إله إلا الله، فمن لم يأت بحق لا إله إلا الله لم تنفعه، فَمِن حق لا إله إلا الله الإخلاص، ومن حق لا إله إلا الله الصلاة، ومن حقها الزكاة، ومن حقها الصوم، ومن حقها تحريم المحرمات، فمن لم يحرم الربا مثلا لم يأت بحق لا إله إلا الله، ومن لم يحرم الزنا لم يأت بحق لا إله إلا الله، ومن لم يحرم الخمر لم يأت بحقها، وكذلك بقية أركان الإسلام كلها من حق لا إله إلا الله، فالزكاة من حقها.
فلذلك قال أبو بكر فإن الزكاة حق المال. فهي من حق لا إله إلا الله، عزم على قتالهم، فقال عمر رضي الله عنه: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق. هكذا أخبر صلى الله عليه وسلم أن من حق لا إله إلا الله ما تستلزمه، وهكذا فهم أبو بكر الخليفة الأول الراشد من الخلفاء الراشدين، وأقره على ذلك عمر والتزم بقتال كل من ارتد أو منع حقا من حقوق الله تعالى ومن حقوق المال.
الزكاة حق المال، ويقول أبو بكر رضي الله عنه: لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه. العقال: الذي تربط به يد الناقة، تعقل به، في رواية: لو منعوني عناقا. السخلة الصغيرة من أولاد الغنم، فهذا دليل على أن لا إله إلا الله لها حقوق، لا يكفي مطلق أن يقولوها اللسان، بل لا بد أن يعملوا بها.
ثم إن الحديث الذي رواه عمر قد رُوي فيه ذكر الزكاة، وفي حديث عبد الله بن عمر الذي سمعنا قال صلى الله عليه وسلم:   أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله   .
فذكر أنه أمر بأن يقاتل الناس أي: جميعا حتى يأتوا بهذه الأركان: الشهادتان هما الأساس يشهدوا أن لا إله إلا الله يعني: يعملوا بها ويخلصوا العبادة لله، وأشهد أن محمدا رسول الله يعني: يتبعوه ويتقبلوا كل ما جاء به، الصلاة يعني: يأتون بها كاملة، الزكاة: يؤدونها كما فرضت، اقتصر في هذا الحديث على ثلاثة أركان، على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله هذا هو التوحيد، وعلى الصلاة، والزكاة، وترك ذكر الصيام والحج لأنهما داخلان في حق لا إله إلا الله لأنه قال:   عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها   دليل على أن هذه الأركان بعضها يشد بعضا، وأنها متماسكة
-----------------------------
من شرح الحيدث لأبن جبرين
و الله تعالى اعلم
للمزيد

1234 - أمرت أن أقاتل الناس ، وفي رواية : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله . فإذا قالوا : لا إله إلا الله عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها . وحسابهم على الله . ثم قرأ : { إنما أنت مذكر . لست عليهم بمسيطر } [ 88 / الغاشية / آية 21 ، 22 ] ، صحيح مسلم

أمرت أن أقاتل الناس ، وفي رواية : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله .
فإذا قالوا : لا إله إلا الله عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها . وحسابهم على الله .
ثم قرأ : { إنما أنت مذكر . لست عليهم بمسيطر } [ 88 / الغاشية / آية 21 ، 22 ] ، صحيح مسلم
------------------------------------------------
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 21 خلاصة حكم المحدث: صحيح
------------------------------------------------
الشرح:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واستُخلِف أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأبي بكر رضي الله عنه: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:   أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله   ؟! فقال أبو بكر رضي الله عنه: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة؛ فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقاتلتهم على منعه. فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق.
عن ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:   أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله   .
هكذا جاءت هذه الأحاديث في الأمر بقتال الناس وذلك بعد أن تمت الأحكام، وعرف الناس هذه الرسالة، وقامت عليهم الحجة، وبلغتهم الدعوة، وجب عليهم الدخول في الإسلام، ولم يَجُز تركهم على الكفر، بل يجب أن يُقاتلوا إلى أن يسلموا، إلا أهل الكتاب والمجوس فإنهم إذا بذلوا الجزية يُكف عن قتالهم.
في هذا الحديث أو في هذه القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما توفي ارتد كثير ممن حول المدينة وممن كانوا قد أسلموا، فمنهم من عاد إلى عبادة الأصنام، ومنهم من صدق مسيلمة الذي ادعى أنه نبي، أو صدق امرأة متنبئة يقال لها: سَجَاح أو صدق رجلا من بني أسد يقال له: طُليحة ادعى النبوة، ومنهم من بقي على الإسلام إلا أنهم منعوا الزكاة وقالوا: إنها من خصائص محمد .
أبو بكر رضي الله عنه هو الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم عزم على قتالهم جميعا، فقاتل الذين عبدوا الأصنام؛ لأنهم كفار، وقاتل أيضا الذين صدقوا المتنبئين حتى رجعوا، وبقيت طوائف منعوا الزكاة، فحصل هذا الجدال أو الخلاف بينه وبين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، اجتهد وظن أنهم يكفي منهم قول: لا إله إلا الله والعبادة والتوحيد، ولكن أبا بكر رضي الله عنه عرف أن الإسلام لا يتجزأ، وأن أركانه لا بد من الإتيان بها كلها، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها وألزم بها وكلها متماسكة؛ فلذلك قال صلى الله عليه وسلم:   أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله   يعني: حتى يوحدوا الله، في بعض الروايات في صحيح مسلم  ويؤمنوا بي وبما جئت به   أي: يصدقوا بالرسالة كلها، وإذا آمنوا بها عملوا بها.
ثم قال:   فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها   كلمة إلا بحقها يعني: إلا بحق لا إله إلا الله، فمن لم يأت بحق لا إله إلا الله لم تنفعه، فَمِن حق لا إله إلا الله الإخلاص، ومن حق لا إله إلا الله الصلاة، ومن حقها الزكاة، ومن حقها الصوم، ومن حقها تحريم المحرمات، فمن لم يحرم الربا مثلا لم يأت بحق لا إله إلا الله، ومن لم يحرم الزنا لم يأت بحق لا إله إلا الله، ومن لم يحرم الخمر لم يأت بحقها، وكذلك بقية أركان الإسلام كلها من حق لا إله إلا الله، فالزكاة من حقها.
فلذلك قال أبو بكر فإن الزكاة حق المال. فهي من حق لا إله إلا الله، عزم على قتالهم، فقال عمر رضي الله عنه: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق. هكذا أخبر صلى الله عليه وسلم أن من حق لا إله إلا الله ما تستلزمه، وهكذا فهم أبو بكر الخليفة الأول الراشد من الخلفاء الراشدين، وأقره على ذلك عمر والتزم بقتال كل من ارتد أو منع حقا من حقوق الله تعالى ومن حقوق المال.
الزكاة حق المال، ويقول أبو بكر رضي الله عنه: لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعه. العقال: الذي تربط به يد الناقة، تعقل به، في رواية: لو منعوني عناقا. السخلة الصغيرة من أولاد الغنم، فهذا دليل على أن لا إله إلا الله لها حقوق، لا يكفي مطلق أن يقولوها اللسان، بل لا بد أن يعملوا بها.
ثم إن الحديث الذي رواه عمر قد رُوي فيه ذكر الزكاة، وفي حديث عبد الله بن عمر الذي سمعنا قال صلى الله عليه وسلم:   أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله   .
فذكر أنه أمر بأن يقاتل الناس أي: جميعا حتى يأتوا بهذه الأركان: الشهادتان هما الأساس يشهدوا أن لا إله إلا الله يعني: يعملوا بها ويخلصوا العبادة لله، وأشهد أن محمدا رسول الله يعني: يتبعوه ويتقبلوا كل ما جاء به، الصلاة يعني: يأتون بها كاملة، الزكاة: يؤدونها كما فرضت، اقتصر في هذا الحديث على ثلاثة أركان، على شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله هذا هو التوحيد، وعلى الصلاة، والزكاة، وترك ذكر الصيام والحج لأنهما داخلان في حق لا إله إلا الله لأنه قال:   عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها   دليل على أن هذه الأركان بعضها يشد بعضا، وأنها متماسكة
-----------------------------
من شرح الحديث لبن جبرين
الناس: لفظ عام يدخل فيه كل الخلق، إن أسماء الجنس المحلاة بالألف واللام تفيد الاستغراق، والاستغراق يفيد العموم، كما لو قلت: حيوان، هذا اسم جنس، تدخل عليه الألف واللام فتكون (الحيوان)، فالألف واللام إما أن تفيد العهد أو تفيد الاستغراق، العهد الذي هو التخصيص، كما لو قلت: يا أيها الرجل قف، يبقى أنت قصدت رجلاً بعينه، فالألف واللام هنا رغم أنها دخلت على كلمة رجل وهي من أسماء الجنس إلا أنها تفيد العهد، لأنك قصدت رجلاً بعينه ولم تقصد كل الرجال. يا أيها الرجال! هذا يفيد العهد بالنسبة للنساء؛ لأنه خرج منه النساء والحيوانات والأشجار والرمال.. فصار يفيد العهد على جنس الرجال فقط، ويفيد الاستغراق على جنس الرجال الذكور، الألف واللام إما تفيد العهد أو الاستغراق. لكن كيف أعرف أنها تفيد العهد والاستغراق؟ قال: السياق من المقيدات، فلفظة الناس رغم أنها تفيد العموم إلا أنها مرة تفيد الخصوص ومرة تفيد العموم، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تجدون الناس كالإبل المائة، لا ترى فيها راحلة)، يعني أن الناس مثل مائة ناقة، لكن التي تستطيع أن تركبها واحدة فقط، فالناس كثير، لكن الذين تنتفع بهم من الناس أقل القليل، هذا معنى الحديث، فالناس هنا لفظ عام يراد به الخصوص. كما قال الطحاوي في مشكل الآثار.
وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ [الحج:27] الناس هنا تفيد الخصوص أم العموم؟ تفيد الخصوص، لأن اليهود من الناس والآية لا تخاطبهم، والنصارى من الناس والآية لا تخاطبهم، المجوس بقية الخلق، الآية تخاطب المسلمين فقط، وليس كل المسلمين، فهي لا تخاطب الأطفال ولا المجانين، ولا تخاطب الذين لم يجب عليهم الحج، ومع ذلك فالآية لا تتناولهم: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا [الحج:27] فهذا الصبي الصغير ابن ثلاث سنوات لا يدخل في الآية مع أنه من الناس، إذاً: لفظ الناس وإن كان عاماً لكن يراد به الخصوص. ما الذي أعلمنا أنه يراد به الخصوص؟ السياق، والسياق من المقيدات. وقوله تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا [الأعراف:158] لفظ عام يفيد العموم أم يفيد الخصوص؟ يفيد العموم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إلى كل الخلق، ويدل على ذلك استخدام لفظة: (جميع) وهي من ألفاظ العموم، قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا [الأعراف:158] مثل لفظة: كل، ومثل لفظة: معاشر, (إنا معاشر الأنبياء) وهذه تفيد العموم. بعد هذا البيان نأتي إلى هذا الحديث: (أمرت أن أقاتل الناس) فيدخل فيه المسلمون دخولاً أولياً، لأن الأصل في الأدلة العموم -كما يقول الشاطبي- وليس الخصوص، والأصل في الأدلة الإطلاق وليس التقييد، والأصل في الأدلة عدم النسخ وليس النسخ، يبقى الأصل في الأدلة العموم، فنحن نتعامل مع لفظة (الناس) على أنها من العموم حتى نصل ونرى هذا الرجل كيف فهم هذا الحديث. (أمرت أن أقاتل الناس) يدخل في الناس المسلمون، هل المسلمون مقصودون بالحديث أن الرسول سيقاتلهم؟ لا. لأنهم مؤمنون، إذاً المسلمون خرجوا من الحديث، فالناس مؤمن وكافر، والمؤمن غير مراد من الحديث لأنه آمن، بل أنت تقاتل به، وهو من جنودك، إذاً ما بقي إلا الكافرون، الكافرون قسمان: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة:29] كلمة (حتى) لفظ لانتهاء الغاية، يعني: سنقاتلكم حتى تدفعوا الجزية، فإذا دفعتم الجزية فلا نقاتلكم. إذاً: الكافرون قسمان: قسم دفع الجزية وهو صاغر، إذاً هل هو داخل تحت الحديث؟ لا. ليس داخلاً تحت الحديث؛ لأن ربنا سبحانه وتعالى قال: قاتلوا حتى.. فإذا دفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون، فلا يحل لنا قتالهم. القسم الثاني: المناوئ للدعوة، الذي لا يريد أن يدفع الجزية والذي لا يريدك أن تنشر الإسلام، هذا هو المعني بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله) وهذا الكلام ليس فيه غموض، ولا يوجد فيه أي إشكال
-----------------------------
من شرح الحديث لأبى اسحاق الحوينى
و الله تعالى اعلم
للمزيد

1232 - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين ، فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحب الحديث إلي أصدقه ، فاختاروا إحدى الطائفتين : إما السبي وإما المال ، وقد منت استأنيت بهم . وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم انتظرهم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف ، فلما تبين لهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير راد إليهم إلا إحدى الطائفتين ، قالوا : فإنا نختار سبينا ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلمين ، فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد ، فإن أخوانكم هؤلاء قد جاؤونا تائبين ، وإني قد رأيت أن أرد إليهم سبيهم ، فمن أحب منكم أن يطيب بذلك فليفعل ، ومن أحب منكم أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا فليفعل. فقال الناس : قد طيبنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن ، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم. فرجع الناس ، فكلمهم عرفاؤهم ، ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه : أنهم قد طيبوا وأذنوا ، صحيح البخاري

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين ، فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أحب الحديث إلي أصدقه ، فاختاروا إحدى الطائفتين : إما السبي وإما المال ، وقد منت استأنيت بهم .
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم انتظرهم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف ، فلما تبين لهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير راد إليهم إلا إحدى الطائفتين ، قالوا : فإنا نختار سبينا ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلمين ، فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال :
أما بعد ، فإن أخوانكم هؤلاء قد جاؤونا تائبين ، وإني قد رأيت أن أرد إليهم سبيهم ، فمن أحب منكم أن يطيب بذلك فليفعل ، ومن أحب منكم أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا فليفعل.
فقال الناس : قد طيبنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن ، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم.
فرجع الناس ، فكلمهم عرفاؤهم ، ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه : أنهم قد طيبوا وأذنوا ، صحيح البخاري
------------------------------------------------
الراوي: المسور بن مخرمة و مروان بن الحكم المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم:2307 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
 وفد: الذين يقصدون الأمراء لزيارة وغير ذلك نيابة عن قومهم .
 هوازن: قبيلة من خزاعة .
 سبيهم: ما أخذ منهم من النساء والأولاد .
 أصدقه: الذي يوافق الحقيقة والواقع .
 الطائفتين: المال أو السبي .
 استأنيت بهم: انتظرت وتربصت .
 بضع: من ثلاث إلى تسع .
 قفل: رجع .
 يطيب بذلك: يرد السبي مجانا برضا نفسه وطيب قلبه .
 حظه: نصيبه من السبي .
 يفيء: من الفيء وهو ما يحصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولا جهاد وأصل الفيء الرجوع فكأن المال في الأصل حق المؤمنين المسلمين فرجع إليهم بعد ما حازه الكافرون بغير استحقاق .
 يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم: جمع عريف وهو الذي يعرف أمر القوم وأحوالهم والغرض من ذلك التقصي عن حالهم ومعرفة الغاية من استطابة نفوسهم
و المعنى ان وفد جاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم من قبيلة هوازن ليعلن اسلامه ، فطلبوا منه ان يرد اليهم اموالهم و من اخذه المسلمون اسرى
فخيرهم بين الأثنين و اعطاهم مهلة ليفكروا ، فردوا عليه بعد ذلك ان يرد اليهم اسراهم
فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم يخطب فى الناس بانه يريد ان يرد الى هوازن اسراهم ، فمن يريد ان يرد نصيبه من الأسرى و يحتسب الأجر
و اما يرد الأسرى على ان يعطيه رسول الله صلى الله عليه و سلم ممن يأسرون بعد ذلك
فقبل الناس رد نصيبهم من الأسرى
فاجابهم رسول الله صلى الله عليه و سلم انه لا يعلم اجابة كل فرد فيهم و انما سيأمر رئيس كل طائفة او قبيلة بان يحصل على الأجابة ممن يتبعه بشكل فردى ثم يخبره صلى الله عليه و سلم بذلك
و الله تعالى اعلم
للمزيد

Tuesday, May 27, 2014

1231 - أن النبي صلى الله عليه وسلم حين جاءه وفد هوازن ، قام في الناس ، فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد ، فإن إخوانكم جاؤونا تائبين ، وإني رأيت أن أرد إليهم سبيهم ، فمن أحب منكم أن يطيب ذلك فليفعل ، ومن أحب أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا . فقال الناس : طيبنا لك ، صحيح البخاري

أن النبي صلى الله عليه وسلم حين جاءه وفد هوازن ، قام في الناس ، فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال :
أما بعد ، فإن إخوانكم جاؤونا تائبين ، وإني رأيت أن أرد إليهم سبيهم ، فمن أحب منكم أن يطيب ذلك فليفعل ، ومن أحب أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا .
فقال الناس : طيبنا لك ، صحيح البخاري
------------------------------------------------
الراوي: المسور بن مخرمة و مروان بن الحكم المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم:2583 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
 وفد: الذين يقصدون الأمراء لزيارة وغير ذلك نيابة عن قومهم .
 هوازن: قبيلة من خزاعة .
 سبيهم: ما أخذ منهم من النساء والأولاد .
 أصدقه: الذي يوافق الحقيقة والواقع .
 الطائفتين: المال أو السبي .
 استأنيت بهم: انتظرت وتربصت .
 بضع: من ثلاث إلى تسع .
 قفل: رجع .
 يطيب بذلك: يرد السبي مجانا برضا نفسه وطيب قلبه .
 حظه: نصيبه من السبي .
 يفيء: من الفيء وهو ما يحصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولا جهاد وأصل الفيء الرجوع فكأن المال في الأصل حق المؤمنين المسلمين فرجع إليهم بعد ما حازه الكافرون بغير استحقاق .
 يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم: جمع عريف وهو الذي يعرف أمر القوم وأحوالهم والغرض من ذلك التقصي عن حالهم ومعرفة الغاية من استطابة نفوسهم
و الحديث جزء من حديث اطول كالتالى:
 أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين ، فسألوه أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( معي من ترون ، وأحب الحديث إلي أصدقه ، فاختاروا إحدى الطائفتين : إما السبي ، وإما المال ، وقد كنت استأنيت بكم ) . وكان أنظرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف ، فلما تبين لهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير راد إليهم إلا إحدى الطائفتين ، قالوا : فإنا نختار سبينا ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلمين ، فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال : ( أما بعد ، فإن إخوانكم قد جاؤونا تائبين ، وإني قد رأيت أن أرد إليهم سبيهم ، فمن أحب منكم أن يطيب ذلك فليفعل ، ومن أحب منكم أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا فليفعل ) . فقال الناس : قد طيبنا ذلك يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله صلى وسلم : ( إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن ، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم ) . فرجع الناس ، فكلمهم عرفاؤهم ، ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه أنهم قد طيبوا وأذنوا . هذا الذي بلغني عن سبي هوازن .
الراوي: مروان و المسور بن مخرمة المحدث: البخاري  - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4318
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
و هو ان وفد جائه من قبيلة هوازن ليعلن اسلامه ، فطلبوا منه ان يرد اليهم اموالهم و من اخذه المسلمون اسرى
فخيرهم بين الأثنين و اعطاهم مهلة ليفكروا ، فردوا عليه بعد ذلك ان يرد اليهم اسراهم
فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم يخطب فى الناس بانه يريد ان يرد الى هوازن اسراهم ، فمن يريد ان يرد نصيبه من الأسرى و يحتسب الأجر
و اما يرد الأسرى على ان يعطيه رسول الله صلى الله عليه و سلم ممن يأسرون بعد ذلك
فقبل الناس رد نصيبهم من الأسرى
فاجابهم رسول الله صلى الله عليه و سلم انه لا يعلم اجابة كل فرد فيهم و انما سيأمر رئيس كل طائفة او قبيلة بان يحصل على الأجابة ممن يتبعه بشكل فردى ثم يخبره صلى الله عليه و سلم بذلك
و الله تعالى اعلم
للمزيد

Monday, May 26, 2014

1229 - قال عبد الله ابن مسعود : إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه قال به هكذا ، فطار ، صححه الألبانى فى صحيح الترمذى

قال عبد الله ابن مسعود : إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه
وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه قال به هكذا ، فطار ، صححه الألبانى فى صحيح الترمذى
------------------------------------------------
الراوي: الحارث بن سويد المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2497 خلاصة حكم المحدث: صحيح
------------------------------------------------
الشرح:
كأنه في أصل جبل: ‏‏أي قاعد في أصله او اسفله يخاف أن يقع عليه.
 قال ابن أبي جمرة : السبب في ذلك أن قلب المؤمن منور , فإذا رأى من نفسه ما يخالف ما ينور به قلبه عظم الأمر عليه , والحكمة في التمثيل بالجبل أن غيره من المهلكات قد يحصل التسبب إلى النجاة منه بخلاف الجبل إذا سقط على الشخص لا ينجو منه عادة , وحاصله أن المؤمن يغلب عليه الخوف لقوة ما عنده من الإيمان , فلا يأمن العقوبة بسببها , وهذا شأن المؤمن أنه دائم الخوف والمراقبة يستصغر عمله الصالح ويخشى من صغير عمله السيئ ‏
قال به: ‏‏أي أشار إليه أو فعل به ‏
 هكذا: ‏‏أي دفع الذباب بيده
للمزيد

1228 - عن عبدالله بن مسعود: سألت النبي صلى الله عليه وسلم : أي الذنب أعظم عند الله ؟ قال : أن تجعل لله ندا وهو خلقك . قلت : إن ذلك لعظيم ، قلت : ثم أي ؟ قال : وأن تقتل ولدك تخاف أن يطعم معك . قلت : ثم أي ؟ قال : أن تزاني حليلة جارك ، صحيح البخاري

عن عبدالله بن مسعود: سألت النبي صلى الله عليه وسلم : أي الذنب أعظم عند الله ؟
قال : أن تجعل لله ندا وهو خلقك . قلت : إن ذلك لعظيم ، قلت : ثم أي ؟
قال : وأن تقتل ولدك تخاف أن يطعم معك . قلت : ثم أي ؟
قال : أن تزاني حليلة جارك ، صحيح البخاري
------------------------------------------------
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4477 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
أن تجعل لله ندا وهو خلقك: اى ان تشرك به
أن تقتل ولدك تخاف أن يطعم معك: أن يقتل المرء ولده خوفاً من أن يشاركه طعامه وشرابه، وهو خوف ينم عن اعتقاد فاسد في الله سبحانه و تعالى بأنه لم يتكفل برزق عباده
 حليلة جارك: هي زوجته ، سميت بذلك لكونها تحل له ، وقيل : لكونها تحل معه .
 تزانى: أي تزني بها برضاها وذلك يتضمن الزنا وإفسادها على زوجها واستمالة قلبها إلى الزاني وذلك أفحش .
*لماذا كان الزنا بحليلة الجار اشد قبحاً ؟
لأن الجار يتوقع من جاره الذب عنه وعن حريمه ويأمن بوائقه ويطمئن إليه ، وقد أمر بإكرامه والإحسان إليه ، فإذا قابل هذا كله بالزنا بامرأته وإفسادها عليه مع تمكنه منها على وجه لا يتمكن غيره منه كان في غاية القبح
و الله تعالى اعلم
للمزيد

Sunday, May 25, 2014

1227 - لله تعالى على كل مسلم حق ، أن يغتسل في كل سبعة أيام يوما ، صحيح البخاري

لله تعالى على كل مسلم حق ، أن يغتسل في كل سبعة أيام يوما ، صحيح البخاري
------------------------------------------------
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 898 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
و فى احاديث اخرى باستحباب الغسل يوم الجمعة
و اختلف العلماء في غسل الجمعة فحكي وجوبه عن طائفة من السلف حكوه عن بعض الصحابة ، وبه قال أهل الظاهر ، وحكاه ابن المنذر عن مالك ، وحكاه الخطابي عن الحسن البصري ومالك ،
وذهب جمهور العلماء من السلف والخلف وفقهاء الأمصار إلى أنه سنة مستحبة ليس بواجب ؛ قال القاضي : وهو المعروف من مذهب مالك وأصحابه
للمزيد

1225 - كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تهجد من الليل قال : اللهم ربنا لك الحمد ، أنت قيم السموات والأرض ، ولك الحمد ، أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد ، أنت نور السموات والأرض ومن فيهن ، أنت الحق ، وقولك الحق ، ووعدك الحق ، ولقاؤك الحق ، والجنة حق ، والنار حق ، والساعة حق ، اللهم لك أسلمت ، وبك آمنت ، وعليك توكلت ، وإليك خاصمت ، وبك حاكمت ، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وأسررت وأعلنت ، وما أنت أعلم به مني ، لا إله إلا أنت ، صحيح البخاري

كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تهجد من الليل قال :
اللهم ربنا لك الحمد ، أنت قيم السموات والأرض ،
ولك الحمد ، أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن ،
ولك الحمد ، أنت نور السموات والأرض ومن فيهن ،
أنت الحق ، وقولك الحق ، ووعدك الحق ، ولقاؤك الحق ، والجنة حق ، والنار حق ، والساعة حق ،
اللهم لك أسلمت ، وبك آمنت ، وعليك توكلت ، وإليك خاصمت ، وبك حاكمت ،
فاغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وأسررت وأعلنت ، وما أنت أعلم به مني ، لا إله إلا أنت ، صحيح البخاري
------------------------------------------------
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7442 خلاصة حكم المحدث: [أورده في صحيحه]
------------------------------------------------
الشرح:
التهجد : هو صلاة الليل خاصة ، وقيده بعضهم بكونه صلاة الليل بعد نوم
اما قيام الليل : هو قضاء الليل ، أو جزءا منه ولو ساعة ، في الصلاة وتلاوة القرآن وذكر الله ، ونحو ذلك من العبادات , ولا يشترط أن يكون مستغرقا لأكثر الليل .
وجاء في مراقي الفلاح : معنى القيام أن يكون مشتغلا معظم الليل بطاعة , وقيل : ساعة منه , يقرأ القرآن أو يسمع الحديث أو  يسبح أو يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم
فتبين بهذا أن قيام الليل أعم وأشمل من التهجد ، لأنه يشمل الصلاة وغيرها ، ويشمل الصلاة قبل النوم وبعده .
وأما التهجد فهو خاص بالصلاة ، وفيه قولان :
الأول : أنه صلاة الليل مطلقا ، وعليه أكثر الفقهاء .
والثاني : أنه الصلاة بعد رقدة
و الله تعالى اعلم
للمزيد

Saturday, May 24, 2014

1224 - لا ترسلوا فواشيكم وصبيانكم إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء . فإن الشياطين تنبعث إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء ، صحيح مسلم

لا ترسلوا فواشيكم وصبيانكم إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء .
فإن الشياطين تنبعث إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء ، صحيح مسلم
------------------------------------------------
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2013 خلاصة حكم المحدث: صحيح
------------------------------------------------
الشرح:
الفواشي: كل منتشر من المال كالإبل والغنم وسائر البهائم وغيرها , وهي جمع فاشية ; لأنها تفشو , أي : تنتشر في الأرض
فحمة العشاء: ظلمتها وسوادها , وفسرها بعضهم هنا بإقباله وأول ظلامه
  ويقال للظلمة التي بين صلاتي المغرب والعشاء : الفحمة
 و هذا حديث عظيم، بين النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه الآداب الجامعة لمصالح الدنيا والآخرة؛ قال النووي-رحمه الله-: "هذا الحديث فيه جمل من أنواع الخير، والآدب الجامعة لمصالح الآخرة والدنيا، فأمر صلى الله عليه وسلم بهذه الآداب التي هي سبب للسلامة من إيذاء الشيطان، وجعل الله -عز وجل- هذه الأسباب أسبابا للسلامة من إيذائه فلا يقدر على كشف إناء، ولا حل سقاء، ولا فتح باب، ولا إيذاء صبى وغيره؛ إذا وجدت هذه الأسباب".
وقال ابن حجر: "قال ابن الجوزي: إنما خيف على الصبيان في تلك الساعة لأن النجاسة التي تلوذ بها الشياطين موجودة معهم غالباً، والذكر الذي يحرز منهم مفقود من الصبيان غالباً، والشياطين عند انتشارهم يتعلقون بما يمكنهم التعلق به، فلذلك خيف على الصبيان في ذلك الوقت. والحكمة في انتشارهم حينئذ أن حركتهم في الليل أمكن منها لهم في النهار؛ لأن الظلام أجمع للقوى الشيطانية من غيره، وكذلك كل سواد. ولهذا قال في حديث أبي ذر: فما يقطع الصلاة؟ قال: "الكلب الأسود شيطان " أخرجه مسلم.
ويقول البيحاني: "ففي هذا الحديث القصير في جُمَله الطويل في معانيه وما يأمر به، يأمر النبي-صلى الله عليه وسلم- بخمسة أشياء من آداب المبيت، وكلها تعود بالنفع العاجل، والمصلحة الحسية، واتقاء البأس من الجنة والناس، وهي كف الصبيان عند غروب الشمس، وإغلاق أبواب البيوت، وتوكية القرب، وتغطية الآنية، وإطفاء المصابيح من أجل أن الشياطين تنتشر عند الغروب، فتعيث فساداً في الأرض، وتصيب الأطفال الذين يعبثون بالحشرات إذا خرجت من أحجارها، ويرمون طيور الليل إذا انبعثت من أوكارها، وتقوم المعارك بينهم في الشوارع وعلى الأبواب إذا اشتغل أهلهم بصلاة المغرب وتدبير المنازل، وقد يلعبون بالوضف والمزاريق والكرة والقلة والخذروف فيصيبون بها وجوه المارة وأعينهم، ويدفعها الشيطان بأيديهم إلى حيث يكون الخطر، ويحصل الضرر.
فينبغي كفهم والمحافظة عليهم في تلك الساعة، ساعة المغرب، وسيغلبهم النوم بعد ذلك، فإن كانوا صغاراً استراحوا وأراحوا، وإن كانوا كباراً اشتغلوا بالصلاة والعشاء ومطالعة دروسهم، أو استمعوا لأحاديث آبائهم التي يعرفون بها الماضي ويستعدون بها للمستقبل..
وحفظ البيوت بإغلاق أبوابها، يرد عنها شياطين السراق الذين يستترون بالظلام فيدخلون المنازل مع الصبيان والبهائم وحين يغفل سكانها.
وإذا ذكر اسم الله وأغلق الباب فقد حفظ الإنسان نفسه، وأحرز ماله حساً ومعنى وقالت شياطين ا لجن بعضهم لبعض: لا مبيت لكم هاهنا ولا عشاء، ومهما تكن قوة الأبواب، وإحكام إقفالها، فلابد من التسمية التي يدفع الله بها من البأس ما لا يدفع بها بالمسامير والغلق، والشيطان لا يفتح باباً مغلقاً إلا السارق الذي بضاعته المفاتيح المختلفة والمبرد والمنشار، وآلة النقب والحفر، فيخذله الله ويخيب آماله بالتعاويذ والتحصن بالتسمية وذكر الله، فإذا جاء فزعن وإن حاول الدخول لم يجد الفرصة، يحس به الجار، ويزعجه المار، ويستيقظ النائم، فيعود بخفي حنين، أو يقبض عليه فيكتف ويضرب، وتجازيه بما يستحق.
والمبعوث بسعادة الدنيا والآخرة، وحفظ النفوس والأموال يأمر باتخاذ الأسباب في طلب الخير، والابتعاد عن المكروه بتوكية الأسقية، وتغطية الآنية، فلا يفسدها الهواء، ولا تدخلها الحشرات
وقال الإمام النووي رحمه الله :
هذا الحديث فيه جمل من أنواع الخير والأدب الجامعة لمصالح الآخرة والدنيا ، فأمر صلى الله عليه وسلم بهذه الآداب التي هي سبب للسلامة من إيذاء الشيطان ، وجعل الله عز وجل هذه الأسباب أسبابا للسلامة من إيذائه ، فلا يقدر على كشف إناء ، ولا حل سقاء ، ولا فتح باب ، ولا إيذاء صبي وغيره إذا وجدت هذه الأسباب ، وهذا كما جاء في الحديث الصحيح أن العبد إذا سمى عند دخول بيته قال الشيطان : ( لا مبيت ) أي : لا سلطان لنا على المبيت عند هؤلاء ، وكذلك إذا قال الرجل عند جماع أهله : ( اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ) كان سبب سلامة المولود من ضرر الشيطان ، وكذلك شبه هذا مما هو مشهور في الأحاديث الصحيحة .
وفى هذا الحديث الحث على ذكر الله تعالى في هذه المواضع ، ويلحق بها ما في معناها ، قال أصحابنا : يستحب أن يذكر اسم الله تعالى على كل أمر ذي بال ، وكذلك يحمد الله تعالى في أول كل أمر ذي بال ، للحديث الحسن المشهور فيه
و الله تعالى اعلم
للمزيد