Tuesday, February 25, 2014

995 - إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا ، فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها ، فجعل ينزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها ، فأنا آخذ بحجزكم عن النار ، وأنتم تقحمون فيها ، صحيح البخاري

 
إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا ،
فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها ،
فجعل ينزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها ،
فأنا آخذ بحجزكم عن النار ، وأنتم تقحمون فيها ، صحيح البخاري
 
------------------------------------------------
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6483 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
 
 مثلي: أي في دعائي الناس إلى الإسلام المنقذ لهم من النار ومثل ما تزين لهم أنفسهم من التمادي على الباطل
 
استوقد: بمعنى أوقد وهو أبلغ والإضاءة فرط الإنارة
 
فجعل الفراش: معروف ويطلق الفراش أيضا على غوغاء الجراد الذي يكثر ويتراكم .
 وقال في " المحكم " الفراش دواب مثل البعوض واحدتها فراشة , وقد شبه الله تعالى الناس في المحشر بالفراش المبثوث أي في الكثرة والانتشار والإسراع إلى الداعي
 
 وهذه الدواب تقع في النار: منها البرغش والبعوض و الفراش و غيرها
 
فيقتحمن فيها: أي يدخلن وأصله القحم وهو الإقدام والوقوع في الأمور الشاقة من غير تثبت ويطلق على رمي الشيء بغتة واقتحم الدار هجم عليها
 
 بحجزكم: جمع حجزة وهي معقد الإزار ومن السراويل موضع التكة
 
عن النار: وضع المسبب موضع السبب لأن المراد أنه يمنعهم من الوقوع في المعاصي التي تكون سببا لولوج النار
 
 وأنتم تقحمون فيها: أنه شبه تهافت أصحاب الشهوات في المعاصي التي تكون سببا في الوقوع في النار بتهافت الفراش بالوقوع في النار اتباعا لشهواتها وشبه ذبه العصاة عن المعاصي بما حذرهم به وأنذرهم بذب صاحب النار الفراش عنها وقال عياض : شبه تساقط أهل المعاصي في نار الآخرة بتساقط الفراش في نار الدنيا
 
و الله تعالى اعلم
 
للمزيد
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

Thursday, February 20, 2014

994 - إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر ، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا : هلموا إلى حاجتكم . فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا ، فيسألهم ربهم ، وهو أعلم منهم ، ما يقول عبادي ؟ تقول : يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك ، فيقول : هل رأوني ؟ فيقولون : لا والله ما رأوك ، فيقول : وكيف لو رأوني ؟ يقولون : لو رأوك كانوا أشد لك عبادة ، وأشد لك تمجيدا وأكثر لك تسبيحا ، يقول : فما يسألونني ؟ يسألونك الجنة ، يقول : وهل رأوها ؟ يقولون : لا والله يا رب ما رأوها ، يقول : فكيف لو أنهم رأوها ؟ يقولون : لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا ، وأشد لها طلبا ، وأعظم فيها رغبة ، قال : فمم يتعوذون ؟ يقولون : من النار ، يقول : وهل رأوها ؟ يقولون : لا والله يا رب ما رأوها ، يقول : فكيف لو رأوها ؟ يقولون : لو رأوها كانوا أشد منها فرارا ، وأشد لها مخافة ، فيقول : فأشهدكم أني قد غفرت لهم . يقول ملك من الملائكة : فيهم فلان ليس منهم ، إنما جاء لحاجة . قال : هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم ، صحيح البخاري

 
إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر ، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا : هلموا إلى حاجتكم .
فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا ،
فيسألهم ربهم ، وهو أعلم منهم ، ما يقول عبادي ؟
تقول : يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك ،
فيقول : هل رأوني ؟
فيقولون : لا والله ما رأوك ،
فيقول : وكيف لو رأوني ؟
يقولون : لو رأوك كانوا أشد لك عبادة ، وأشد لك تمجيدا وأكثر لك تسبيحا ،
يقول : فما يسألونني ؟
يسألونك الجنة ،
يقول : وهل رأوها ؟
يقولون : لا والله يا رب ما رأوها ،
يقول : فكيف لو أنهم رأوها ؟
يقولون : لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا ، وأشد لها طلبا ، وأعظم فيها رغبة ،
قال : فمم يتعوذون ؟
يقولون : من النار ،
يقول : وهل رأوها ؟
يقولون : لا والله يا رب ما رأوها ،
يقول : فكيف لو رأوها ؟
يقولون : لو رأوها كانوا أشد منها فرارا ، وأشد لها مخافة ،
فيقول : فأشهدكم أني قد غفرت لهم .
يقول ملك من الملائكة : فيهم فلان ليس منهم ، إنما جاء لحاجة .
قال : هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم ، صحيح البخاري
 
------------------------------------------------
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6408 خلاصة حكم المحدث: [أورده في صحيحه]
------------------------------------------------
الشرح:
  
هلمّوا: هي لغة أهل نجد بمعنى: أقبلوا
 
فيحفونهم بأجنحتهم: أي يدنون بأجنحتهم حول الذاكرين
 
هم الجلساء: وفي اللام إشعار بالكمال أي هم القوم كل القوم
 
هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم: في هذه العبارة مبالغة في نفي الشقاء عن جليس الذاكرين فلو قيل لسعد بهم جليسهم لكان ذلك في غاية الفضل لكن التصريح بنفي الشقاء أبلغ في حصول المقصود
 
 
 المراد بمجالس الذكر وأنها التي تشتمل على ذكر الله بأنواع الذكر الواردة من تسبيح وتكبير وغيرهما وعلى تلاوة كتاب الله سبحانه وتعالى وعلى الدعاء بخيري الدنيا والآخرة وفي دخول قراءة الحديث النبوي ومدارسة العلم الشرعي ومذاكرته والاجتماع على صلاة النافلة في هذه المجالس نظر والأشبه اختصاص ذلك بمجالس التسبيح والتكبير ونحوهما والتلاوة حسب وإن كانت قراءة الحديث ومدارسة العلم والمناظرة فيه من جملة ما يدخل تحت مسمى ذكر الله تعالى
 
وفي الحديث فضل مجالس الذكر والذاكرين وفضل الاجتماع على ذلك وأن جليسهم يندرج معهم في جميع ما يتفضل الله - تعالى - به عليهم إكراما لهم ولو لم يشاركهم في أصل الذكر
 
وفيه محبة الملائكة بني آدم واعتناؤهم بهم ، وفيه أن السؤال قد يصدر من السائل وهو أعلم بالمسئول عنه من المسئول لإظهار العناية بالمسئول عنه والتنويه بقدره والإعلان بشرف منزلته وقيل إن في خصوص سؤال الله الملائكة عن أهل الذكر الإشارة إلى قولهم أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك " فكأنه قيل لهم انظروا إلى ما حصل منهم من التسبيح والتقديس مع ما سلط عليهم من الشهوات ووساوس الشيطان وكيف عالجوا ذلك وضاهوكم في التسبيح والتقديس وقيل إنه يؤخذ من هذا الحديث أن الذكر الحاصل من بني آدم أعلى وأشرف من الذكر الحاصل من الملائكة لحصول ذكر الآدميين مع كثرة الشواغل ووجود الصوارف وصدوره في عالم الغيب بخلاف الملائكة في ذلك كله وفيه بيان كذب من ادعى من الزنادقة أنه يرى الله - تعالى - جهرا في دار الدنيا ، وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي أمامة رفعه واعلموا أنكم لم تروا ربكم حتى تموتوا . وفيه جواز القسم في الأمر المحقق تأكيدا له وتنويها به . وفيه أن الذي اشتملت عليه الجنة من أنواع الخيرات والنار من أنواع المكروهات فوق ما وصفتا به وأن الرغبة والطلب من الله والمبالغة في ذلك من أسباب الحصول
 
و الله تعالى اعلم
 
للمزيد
 
 
 
 
 
 
 
 
 

993 - لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وحتى أن يقذف في النار أحب إليه من أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله ، وحتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، صحيح البخاري

 
لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى يحب المرء لا يحبه إلا لله ،
وحتى أن يقذف في النار أحب إليه من أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله ،
وحتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، صحيح البخاري
 
------------------------------------------------
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6041 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
أنْ يُحب المرء لا يُحبُّهُ إلا لله: لا يُحبُّهُ إلا لله، هذا يجِدُ بِهِ حلاوة الإيمان، لهُ أخ في الله ليسَ لهُ عليهِ نِعمة؛ إنَّما يُحبُّهُ لاستقامتِهِ هذا يجِدُ بِهِ حلاوة الإيمان؛ لكن ينظر في هذه المحبة في أوقات الامتحان، في الابتلاء، في أوقات الصفاء والجفاء... هل تزيد هذه المحبَّة أو تنقُص؟! إنْ زَادَت مع الصَّفَاء أو نَقَصَتْ معَ الجَفَاء، فهذه ليست لله! وهذا الأمر قال ابن عباس في الصَّدر الأوَّل: "ولقد صارت عامَّةُ مُؤاخاة النّاس على أمر الدُّنيا" هذا في عصر الصَّحابة
 
حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما: ‏معناه أن من استكمل الإيمان علم أن حق الله ورسوله آكد عليه من حق أبيه وأمه وولده وزوجه وجميع الناس ; لأن الهدى من الضلال والخلاص من النار إنما كان بالله على لسان رسوله , ومن علامات محبته نصر دينه بالقول والفعل والذب عن شريعته والتخلق بأخلاقه
 
والله تعالى أعلم
 
للمزيد
 
 
 
 
 
 

992 - اطلعت على الجنة فكان أكثر أهلها الفقراء ، أطلعت على النار فرأيت أكثر أهلها النساء ، صحيح البخاري

 
 اطلعت على الجنة فكان أكثر أهلها الفقراء ،
أطلعت على النار فرأيت أكثر أهلها النساء ، صحيح البخاري
 
------------------------------------------------
الراوي: عمران بن حصين المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5198 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
 
 قال ابن بطال : ليس قوله " اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء " يوجب فضل الفقير على الغني ، وإنما معناه أن الفقراء في الدنيا أكثر من الأغنياء فأخبر عن ذلك كما تقول أكثر أهل الدنيا الفقراء إخبارا عن الحال ، وليس الفقر أدخلهم الجنة وإنما دخلوا بصلاحهم مع الفقر ، فإن الفقير إذا لم يكن صالحا لا يفضل
فظاهر الحديث التحريض على ترك التوسع من الدنيا كما أن فيه تحريض النساء على المحافظة على أمر الدين لئلا يدخلن النار كما تقدم تقرير ذلك في كتاب الإيمان في حديث " تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار ، قيل : بم ؟ قال : بكفرهن ، قيل يكفرن بالله ؟ قال : يكفرون بالإحسان "
 
و الله تعالى اعلم
 
للمزيد
 
 
 

991 - ألا أخبركم بأهل الجنة ؟ كل ضعيف متضعف ، لو أقسم على الله لأبره . ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل ، جواظ ، مستكبر ، صحيح البخاري

 
ألا أخبركم بأهل الجنة ؟
كل ضعيف متضعف ، لو أقسم على الله لأبره .
ألا أخبركم بأهل النار؟
 كل عتل ، جواظ ، مستكبر ، صحيح البخاري
 
------------------------------------------------
الراوي: حارثة بن وهب الخزاعي المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم:4918 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
ضعيف : المغلوب على أمره ، والمراد بالضعيف من نفسه ضعيفة لتواضعه وضعف حاله في الدنيا.
 
متضعف : المحتقر لخموله في الدنيا .
 
العُتُل : الشديد الخصومة ، وقيل الجافي عن الموعظة.
 
الجواظ : الكثير اللحم المختال، وقيل : الأكول ، وقيل : الفاجر ، و قيل الغليظ الجافي
 
في هذا الحديث الشريف يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ساكني الجنة وساكني النار ، فبدأ صلوات ربي وسلامه عليه بأهل الجنة ، ولفظ ألا أخبركم بأهل الجنة أي : معظمهم ،
فهم ضعفاء النفوس تواضعوا في دنياهم ، فأبعدوا عنهم رداء الكبر والخيلاء والتكبر على الله وعلى عباد الله ، متضعفون أي ذليلون لله تعالى بعبادتهم وخوفهم ورجائهم منه ، وقيل في تفسير آخر أن الناس يقهرونهم ويستهزئون بهم ، ويسلبون حقوقهم بسبب ضعفهم وتواضعهم وطيب خلقهم ، وهؤلاء وبسبب هذه الاعمال الصالحة لو أقسموا على الله ودعوه ورجوه وطلبوا منه سبحانه لأبر الله قسمهم ، بأن حقق لهم ما يريدون .
 
ثم انتقل صلوات ربي وسلامه عليه الى الحديث عن أهل النار ، فذكر عدة أفعال من أفعالهم تحذيرا من التخلق بها واتباعها ، فذكر أن من صفاتهم العتل وهو الغليظ الجافي الذي لا يقبل موعظة ، كثير الخصومة ، بذيء سيء الخلق مع العباد ومع رب العباد ، ثم ذكر من أفعالهم : الجحوظ ، وهو البخيل الضخم المختال في مشيته ، ليس له هم سوى ملأ بطنه ، وتحقيق شهوته - نعوذ بالله من ذلك .
 
نسأل الله أن يجعلنا ممن تخلقوا بأخلاق أهل الجنة ، وابتعدوا عن أخلاق أهل النار ، ونسأل الله الثبات على طاعته ان ربي ولي ذلك والقادر عليه .
 
و الله تعالى اعلم
 
للمزيد
 
 

989 - أن الله يقول لأهون أهل النار عذابا : لو أن لك ما في الأرض من شيء كنت تفتدي به ؟ قال : نعم ، قال : فقد سألتك ما هو أهون من هذا وأنت في صلب آدم : أن لا تشرك بي ، فأبيت إلا الشرك ، صحيح البخاري

 
أن الله يقول لأهون أهل النار عذابا : لو أن لك ما في الأرض من شيء كنت تفتدي به ؟ قال : نعم ،
قال : فقد سألتك ما هو أهون من هذا وأنت في صلب آدم :
أن لا تشرك بي ، فأبيت إلا الشرك ، صحيح البخاري
 
------------------------------------------------
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3334 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]  
------------------------------------------------
الشرح:
 
قال عياض : يشير بذلك إلى قوله : - تعالى - وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم الآية فهذا الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم فمن وفى به بعد وجوده في الدنيا فهو مؤمن ومن لم يوف به فهو الكافر
 
فمراد الحديث أردت منك حين أخذت الميثاق فأبيت إذ أخرجتك إلى الدنيا إلا الشرك
ويحتمل أن يكون المراد بالإرادة هنا الطلب والمعنى أمرتك فلم تفعل لأنه سبحانه وتعالى لا يكون في ملكه إلا ما يريد واعترض بعض المعتزلة بأنه كيف يصح أن يأمر بما لا يريد ؟ والجواب أن ذلك ليس بممتنع ولا مستحيل
 
وقال المازري : مذهب أهل السنة أن الله - تعالى - أراد إيمان المؤمن وكفر الكافر ولو أراد من الكافر الإيمان لآمن يعني لو قدره عليه لوقع وقال أهل الاعتزال : بل أراد من الجميع الإيمان فأجاب المؤمن وامتنع الكافر فحملوا الغائب على الشاهد لأنهم رأوا أن مريد الشر شرير والكفر شر فلا يصح أن يريده الباري وأجاب أهل السنة عن ذلك بأن الشر شر في حق المخلوقين وأما في حق الخالق فإنه يفعل ما يشاء وإنما كانت إرادة الشر شرا لنهي الله عنه والباري سبحانه ليس فوقه أحد يأمره فلا يصح أن تقاس إرادته على إرادة المخلوقين وأيضا فالمريد لفعل ما إذا لم يحصل ما أراده آذن ذلك بعجزه وضعفه والباري - تعالى - لا يوصف بالعجز والضعف فلو أراد الإيمان من الكافر ولم يؤمن لآذن ذلك بعجز وضعف تعالى الله عن ذلك
 
وقد تمسك بعضهم بهذا الحديث المتفق على صحته والجواب عنه ما تقدم واحتجوا أيضا بقوله - تعالى - ولا يرضى لعباده الكفر وأجيبوا بأنه من العام المخصوص بمن قضى الله له الإيمان فعباده على هذا الملائكة ومؤمنو الإنس والجن وقال آخرون الإرادة معنى الرضا ومعنى قوله ولا يرضى أي لا يشكره لهم ولا يثيبهم عليه فعلى هذا فهي صفة فعل وقيل معنى الرضا أنه لا يرضاه دينا مشروعا لهم وقيل الرضا صفة وراء الإرادة وقيل الإرادة تطلق بإزاء شيئين إرادة تقدير وإرادة رضا والثانية أخص من الأولى والله أعلم . وقيل الرضا من الله إرادة الخير كما أن السخط إرادة الشر وقال النووي : قوله " فيقال له كذبت " معناه لو رددناك إلى الدنيا لما افتديت لأنك سئلت أيسر من ذلك فأبيت ويكون من معنى قوله - تعالى - : ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون وبهذا يجتمع معنى هذا الحديث مع قوله - تعالى - لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به . قال وفي الحديث من الفوائد جواز قول الإنسان يقول الله خلافا لمن كره ذلك ، وقال إنما يجوز قال الله - تعالى - وهو قول شاذ مخالف لأقوال العلماء من السلف والخلف وقد تظاهرت به الأحاديث وقال الله - تعالى - والله يقول الحق وهو يهدي السبيل
 
و الله تعالى اعلم
 
للمزيد
 
 
 
 
 
 
 

Thursday, February 6, 2014

988 - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد والناس معه ، إذ أقبل ثلاثة نفر ، فأقبل إثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد ، قال : فوقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأما أحدهما : فرأى فُرجة في الحلقة فجلس فيها ، وأما الآخر : فجلس خلفهم ، وأما الثالث فأدبر ذاهبا ، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ألا أخبركم عن النفر الثلاثة ؟ أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله ، وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه ، وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه ، صحيح البخاري

 
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس في المسجد والناس معه ، إذ أقبل ثلاثة نفر ،
فأقبل إثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد ، قال : فوقفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فأما أحدهما : فرأى فُرجة في الحلقة فجلس فيها ،
وأما الآخر : فجلس خلفهم ،
وأما الثالث فأدبر ذاهبا ،
فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ألا أخبركم عن النفر الثلاثة ؟
أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله ،
وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه ،
وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه ، صحيح البخاري
------------------------------------------------
الراوي: أبو واقد الليثي المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 66 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
فُرجة في الحلقة: الفُرجة بضم الفاء ، وهي الخلل او المسافة بين الشيئين
 
أوى إلى الله: أي لجأ إليه .
قال القاضي : وعندي أن معناه هنا دخل مجلس ذكر الله تعالى ، أو دخل مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومجمع أوليائه ، وانضم إليه ،
ومعنى آواه الله أي قبله وقربه ،
وقيل : معناه رحمه أو آواه إلى جنته أي كتبها له
 
وأما الآخر فاستحى فاستحى الله منه: أي ترك المزاحمة والتخطي حياء من الله تعالى ، ومن النبي صلى الله عليه وسلم والحاضرين ، أو استحياء منهم أن يعرض ذاهبا كما فعل الثالث ، فاستحى الله منه أي رحمه ولم يعذبه ، بل غفر ذنوبه ، وقيل : جازاه بالثواب .
قالوا : ولم يلحقه بدرجة صاحبه الأول في الفضيلة الذي آواه وبسط له اللطف وقربه .
 
وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه: أي لم يرحمه ،
وقيل : سخط عليه ، وهذا محمول على أنه ذهب معرضا لا لعذر وضرورة
 
و الحديث فيه استحباب جلوس العالم لأصحابه وغيرهم في موضع بارز ظاهر للناس ، والمسجد أفضل ، فيذاكرهم العلم والخير .
وفيه جواز حلق العلم والذكر في المسجد ، واستحباب دخولها ، ومجالسة أهلها ، وكراهة الانصراف عنها من غير عذر ،
واستحباب القرب من كبير الحلقة ليسمع كلامه سماعا بينا ، ويتأدب بأدبه .
وأن قاصد الحلقة إن رأى فرجة دخل فيها ، وإلا جلس وراءهم .
وفيه الثناء على من فعل جميلا فإنه صلى الله عليه وسلم أثنى على الاثنين في هذا الحديث ، وأن الإنسان إذا فعل قبيحا ومذموما وباح به جاز أن ينسب إليه .
 
والله تعالى أعلم
 
للمزيد
 

987 - ذكروا الشؤم عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أن كان الشؤم في شيء ففي الدار ، والمرأة ، والفرس ، صحيح البخاري

 
ذكروا الشؤم عند النبي صلى الله عليه وسلم ،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أن كان الشؤم في شيء ففي الدار ، والمرأة ، والفرس ، صحيح البخاري
 
------------------------------------------------
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: البخاري  - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5094 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
لأهل العلم في معناه أقوال، فقال جماعة من أهل العلم: إن الحديث ليس فيه جزم بوجود الشؤم إنما فيه الإخبار بأنه إن كان الله خلق الشؤم في شيء مما جرى التشاؤم به فإنما يخلقه في هذه الأشياء وهذا لا يقتضي إثبات الشؤم فيها. وقال آخرون: إن إضافة الشؤم إلى هذه الثلاثة إنما هو مجاز والمعنى: أن الشؤم قد يحصل مقارناً لها لا أنه منها. وقيل: الشؤم في الدار جار السوء، وفي المرأة أن لا تلد، وفي الفرس أن لا يغزى عليها.
وقال آخرون: هذا مستثنى من الحديث الذي فيه نفي التشاؤم كما في بعض روايات حديث ابن عمر المتقدم وحديث أبي هريرة في البخاري ((5755) ومسلم ((2223)) من طريق الزهري عن عبدالله بن عبدالبر بن عتبة به أن النبي صلى الله عليه وسلم قال"لا طيرة وخيرها الفأل" وقال آخرون: إن الطيرة في هذه الأشياء والشؤم على من تشاءم بها ولم يتوكل على الله أما من توكل عليه وصدق في الركون إليه فلا يضره ذلك في شيء.
وقال آخرون: إن المثبت من الشؤم غير المنفي فالمنفي هو كونها شؤماً بذواتها، وأما المثبت فهو أن الله تعالى قد يقضي بأن يكون شيء من هذه المذكورات شؤماً على من يصاحبه بمجيء النقص إليه من قبله وهذا المعنى الأخير هو ظاهر قول مالك - رحمه الله - وقد أطال أهل العلم في بحث هذا وأوسع من رأيته تكلم على معنى الحديث ابن القيم في مفتاح دار السعادة ص ((254 وما بعــدها)) والحــافظ ابن حجـــر فــي فتح البــاري ((6/60-63)، وابن عــبد البر في التمهيد ((9/278 - وما بعدها) ولا يخرج ما ذكروه من الجواب عما نقلنا. والذي يظهر لي أن أقرب هذه الأجوبة للصواب هو: عدم منافاة ما أخبر به من نفي الطيرة وما أضافه إلى المرأة والفرس والدار من الشؤم فإن الشؤم وهو النقص الحاصل في هذه الأشياء بقضاء الله وقدره لا أن ذلك بسبب هذه الأشياء فكل شيء بقضاء الله وقدره فلا ينبغي توهم أنها مصدره وسببه إذا وقع منها ما يكره
 
للمزيد
 
 
 
 

986 - ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم : رجل حلف على سلعة : لقد أعطى بها أكثر مما أعطى وهو كاذب ، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال امرئ مسلم ، ورجل منع فضل ماء ، فيقول الله يوم القيامة : اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك ، صحيح البخاري

 
ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا ينظر إليهم : رجل حلف على سلعة : لقد أعطى بها أكثر مما أعطى وهو كاذب ،
ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال امرئ مسلم ،
ورجل منع فضل ماء ، فيقول الله يوم القيامة : اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك ، صحيح البخاري
 
------------------------------------------------
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7446 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم : قيل المراد أنه يعرض عنهم ، وقيل لا يكلمهم كلاما يسرهم ، وقيل : لا يرسل إليهم الملائكة بالتحية ومعنى لا ينظر إليهم : يعرض عنهم ، ومعنى نظره لعباده : رحمته لهم ولطفه بهم ، ومعنى لا يزكيهم : لا يطهرهم من الذنوب وقيل لا يثني عليهم
 
رجل على فضل ماء بالطريق يمنع منه ابن السبيل: اى رجل مسئول عن مصدر للمياه كبئر او ما شابه ، و هو زائد عن حاجته فيحرم منها من يحتاجها كالمارين بالطريق و المسافرين و غيرهم
والمراد بابن السبيل : المسافر المحتاج إلى الماء ، لكن يستثنى منه الحربي والمرتد إذا أصرا على الكفر ، فلا يجب بذل الماء لهما
 
رجل بايع رجلا لا يبايعه إلا للدنيا ، فإن أعطاه ما يريد وفى له ، وإلا لم يف له:
قال ابن بطال فى شرحه لصحيح البخارى: فيه: فساد الأعمال إذا لم يرد بها وجه الله وأريد بها عرض الدنيا
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
[ فطاعة الله ورسوله واجبة على كل أحد ، وطاعة ولاة الأمور واجبة ؛ لأمر الله بطاعتهم ، فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمر لله فأجره على الله ، ومن كان لا يطيعهم إلا لما يأخذه من الولاية والمال فإن أعطوه أطاعهم وإن منعوه عصاهم ، فما له في الآخرة من خلاق] . انتهى
و فيه وعيد شديد في نكث البيعة ، والخروج على الإمام لما في ذلك من تفرق الكلمة ، ولما في الوفاء من تحصين الفروج والأموال وحقن الدماء ، والأصل في مبايعة الإمام أن يبايعه على أن يعمل بالحق ويقيم الحدود ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، فمن جعل مبايعته لمال يعطاه دون ملاحظة المقصود في الأصل فقد خسر خسرانا مبينا ودخل في الوعيد المذكور وحاق به إن لم يتجاوز الله عنه ، وفيه أن كل عمل لا يقصد به وجه الله وأريد به عرض الدنيا فهو فاسد وصاحبه آثم
 
رجل ساوم رجلا بسلعة بعد العصر ، فحلف بالله لقد أعطى بها كذا وكذا ، فأخذها : قال الخطابي : خص وقت العصر بتعظيم الإثم فيه ، وإن كانت اليمين الفاجرة محرمة في كل وقت ، لأن الله عظم شأن هذا الوقت بأن جعل الملائكة تجتمع فيه وهو وقت ختام الأعمال ، والأمور بخواتيمها فغلظت العقوبة فيه لئلا يقدم عليها تجرؤا ، فإن من تجرأ عليها فيه اعتادها في غيره ، وكان السلف يحلفون بعد العصر
 
للمزيد
 

 

983 - أبغض الناس إلى الله ثلاثة : ملحد في الحرم ، ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية ، ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه ، صحيح البخاري

 
أبغض الناس إلى الله ثلاثة :
ملحد في الحرم ،
ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية ،
ومطلب دم امرئ بغير حق ليهريق دمه ، صحيح البخاري
 
------------------------------------------------
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6882 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
 
أبغض الناس: أي أكثرهم عقابا منه وبعدا عن رحمته
 
ملحد: ظالم مائل عن الحق والعدل بارتكاب المعصية
 
مبتغ: طالب ومتبع
 
سنة الجاهلية: طريقتها وعاداتها وأخلاق أهلها
 
مطلب: متكلف للطلب وساع وراءه في كل مكان
 
بغير حق: يستبيح دمه بغير حق، بل ظلماً وعدوانا
 
ليهريق دمه: ليسيله، وهو كناية عن القتل
 
قال ابن حجر-رحمه الله-: "قال المهلب وغيره: المراد بهؤلاء الثلاثة أنهم أبغض أهل المعاصي إلى الله، فهو كقوله: (أكبر الكبائر) وإلا فالشرك أبغض إلى الله من جميع المعاصي"
 
وقال ابن تيمية -رحمه الله-: "أخبر صلى الله عليه وسلم أن أبغض الناس إلى الله هؤلاء الثلاثة، وذلك لأن الفساد إما في الدين وإما في الدنيا فأعظم فساد الدنيا قتل النفوس بغير الحق، ولهذا كان أكبر الكبائر بعد أعظم فساد الدين الذي هو الكفر.
 
وأما فساد الدين فنوعان: نوع يتعلق بالعمل، ونوع يتعلق بمحل العمل، فأما المتعلق بالعمل: فهو ابتغاء سنة الجاهلية.
وأما ما يتعلق بمحل العمل: فالإلحاد في الحرم؛ لأن أعظم محال العمل هو الحرم، وانتهاك حرمة المحل المكاني أعظم من انتهاك حرمة المحل الزماني، ولهذا حرم من تناول المباحات من الصيد والنبات في البلد الحرام مالم يحرم مثله في الشهر الحرام.
ولهذا كان الصحيح أن حرمة القتال في البلد الحرام باقية كما دلت عليه النصوص الصحيحة بخلاف الشهر الحرام، فلهذا -والله أعلم- ذكر صلى الله عليه وسلم الإلحاد في الحرم وابتغاء سنة جاهلية.
 
والمقصود أنّ من هؤلاء الثلاثة من ابتغى في الإسلام سنة جاهلية، فسواء قيل: مبتغياً أو غير مبتغ، فإن الابتغاء هو الطلب والإرادة، فكل من أراد في الإسلام أن يعمل بشيء من سنن الجاهلية دخل في هذا الحديث
 
و الله تعالى اعلم
 
للمزيد
 
 
 
 
 

 

981 - يتبع الميت ثلاثة ، فيرجع اثنان ويبقى معه واحد : يتبعه أهله وماله وعمله ، فيرجع أهله وماله ويبقى عمله ، صحيح البخاري

 
يتبع الميت ثلاثة ، فيرجع اثنان ويبقى معه واحد : يتبعه أهله وماله وعمله ، فيرجع أهله وماله ويبقى عمله ، صحيح البخاري
 
------------------------------------------------
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6514 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
يتبع الميت: ‏أي إلى قبره ‏
يتبعه أهله وماله وعمله: هذا يقع في الأغلب ورب ميت لا يتبعه إلا عمله فقط والمراد من يتبع جنازته من أهله ورفقته ودوابه على ما جرت به عادة العرب وإذا انقضى أمر الحزن عليه رجعوا سواء أقاموا بعد الدفن أم لا ومعنى بقاء عمله أنه يدخل معه القبر وقد وقع في حديث البراء بن عازب الطويل في صفة المسألة في القبر عند أحمد وغيره ففيه ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب حسن الريح فيقول أبشر بالذي يسرك فيقول من أنت ؟ فيقول : أنا عملك الصالح وقال في حق الكافر : ويأتيه رجل قبيح الوجه الحديث وفيه بالذي يسوءك وفيه عملك الخبيث
 
للمزيد

Wednesday, February 5, 2014

980 - الشفاء في ثلاثة : في شرطة محجم ، أو شربة عسل ، أو كية بنار ، وأنا أنهى أمتي عن الكي ، صحيح البخاري

 
الشفاء في ثلاثة : في شرطة محجم ، أو شربة عسل ، أو كية بنار ، وأنا أنهى أمتي عن الكي ، صحيح البخاري
 
------------------------------------------------
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5681 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
هذا يدل على أن هذه الثلاث من أسباب الشفاء : الكي بالنار عند الحاجة إليه ، والحجامة - و هى جرح الجسم جروح بسيطة فى مواضه معينى لأخراج الدم الفاسد - عند الحاجة إليها ، والعسل ، والله بين في كتابه العظيم أن العسل فيه شفاء للناس ، لكن إذا تيسر علاج بغير الكي فهو أولى
 
للمزيد


http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=10384&idto=10386&bk_no=52&ID=3180

http://www.philadelphia.edu.jo/almaktabah/book19/home/1/77-c2/11775-----11775

http://shamela.ws/browse.php/book-8356/page-11240

http://www.sonnaonline.com/DisplayExplanation.aspx?ExplainId=46693,98866,83716,116068

http://www.startimes.com/f.aspx?t=16888737

http://www.alifta.net/fatawa/fatawaDetails.aspx?View=Page&PageID=22&PageNo=1&BookID=5

http://www.startimes.com/f.aspx?t=24241948

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=254377

979 - ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : رجل على فضل ماء بطريق يمنع منه ابن السبيل ، ورجل بايع رجلا لا يبايعه إلا للدنيا ، فإن أعطاه ما يريد وفى له ، وإلا لم يف له ، ورجل ساوم رجلا بسلعة بعد العصر ، فحلف بالله لقد أعطى بها كذا وكذا ، فأخذها ، صحيح البخاري

 
ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم :
رجل على فضل ماء بطريق يمنع منه ابن السبيل ،
ورجل بايع رجلا لا يبايعه إلا للدنيا ، فإن أعطاه ما يريد وفى له ، وإلا لم يف له ،
ورجل ساوم رجلا بسلعة بعد العصر ، فحلف بالله لقد أعطى بها كذا وكذا ، فأخذها ، صحيح البخاري
------------------------------------------------
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2672 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم : قيل المراد أنه يعرض عنهم ، وقيل لا يكلمهم كلاما يسرهم ، وقيل : لا يرسل إليهم الملائكة بالتحية ومعنى لا ينظر إليهم : يعرض عنهم ، ومعنى نظره لعباده : رحمته لهم ولطفه بهم ، ومعنى لا يزكيهم : لا يطهرهم من الذنوب وقيل لا يثني عليهم
 
رجل على فضل ماء بالطريق يمنع منه ابن السبيل: اى رجل مسئول عن مصدر للمياه كبئر او ما شابه ، و هو زائد عن حاجته فيحرم منها من يحتاجها كالمارين بالطريق و المسافرين و غيرهم
والمراد بابن السبيل : المسافر المحتاج إلى الماء ، لكن يستثنى منه الحربي والمرتد إذا أصرا على الكفر ، فلا يجب بذل الماء لهما
 
رجل بايع رجلا لا يبايعه إلا للدنيا ، فإن أعطاه ما يريد وفى له ، وإلا لم يف له:
قال ابن بطال فى شرحه لصحيح البخارى: فيه: فساد الأعمال إذا لم يرد بها وجه الله وأريد بها عرض الدنيا
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
[ فطاعة الله ورسوله واجبة على كل أحد ، وطاعة ولاة الأمور واجبة ؛ لأمر الله بطاعتهم ، فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمر لله فأجره على الله ، ومن كان لا يطيعهم إلا لما يأخذه من الولاية والمال فإن أعطوه أطاعهم وإن منعوه عصاهم ، فما له في الآخرة من خلاق] . انتهى
و فيه وعيد شديد في نكث البيعة ، والخروج على الإمام لما في ذلك من تفرق الكلمة ، ولما في الوفاء من تحصين الفروج والأموال وحقن الدماء ، والأصل في مبايعة الإمام أن يبايعه على أن يعمل بالحق ويقيم الحدود ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، فمن جعل مبايعته لمال يعطاه دون ملاحظة المقصود في الأصل فقد خسر خسرانا مبينا ودخل في الوعيد المذكور وحاق به إن لم يتجاوز الله عنه ، وفيه أن كل عمل لا يقصد به وجه الله وأريد به عرض الدنيا فهو فاسد وصاحبه آثم
 
رجل ساوم رجلا بسلعة بعد العصر ، فحلف بالله لقد أعطى بها كذا وكذا ، فأخذها : قال الخطابي : خص وقت العصر بتعظيم الإثم فيه ، وإن كانت اليمين الفاجرة محرمة في كل وقت ، لأن الله عظم شأن هذا الوقت بأن جعل الملائكة تجتمع فيه وهو وقت ختام الأعمال ، والأمور بخواتيمها فغلظت العقوبة فيه لئلا يقدم عليها تجرؤا ، فإن من تجرأ عليها فيه اعتادها [ ص: 216 ] في غيره ، وكان السلف يحلفون بعد العصر
 
للمزيد
 

 

978 - إذا كنتم ثلاثة ، فلا يتناجى رجلان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس ، أجل أن يحزنه ، صحيح البخاري

 
إذا كنتم ثلاثة ، فلا يتناجى رجلان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس ، أجل أن يحزنه ، صحيح البخاري
 
------------------------------------------------
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6290 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
المناجاة: هي المشاورة والمحادثة، مأخوذة من النجوى من الأرض، وهي المكان المرتفع، كأنك خصصت فلانا دون غيره، كما اختصت هذه البقعة من غيرها بارتفاعه
 
قال النووي : هذا النهي عن تناجي اثنين بحضرة ثالث ، وكذا ثلاثة وأكثر بحضرة واحد هو نهي تحريم ، فيحرم على الجماعة المناجاة دون واحد منهم إلا بإذنه ، وهذا مذهب ابن عمر ومالك وأصحابنا وجماهير العلماء ، وهو عام في كل الأزمان حضرا وسفرا
 
للمزيد
 
 
 

977 - قال الله : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطى بي ثم غدر ، ورجل باع حرا فأكل ثمنه ، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره ، صحيح البخاري

 
قال الله : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة :
رجل أعطى بي ثم غدر ،
ورجل باع حرا فأكل ثمنه ،
ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره ، صحيح البخاري
 
------------------------------------------------
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2227 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
أنا خصمهم: قال ابن التين : هو سبحانه وتعالى خصم لجميع الظالمين إلا أنه أراد التشديد على هؤلاء بالتصريح
 
رجل أعطى بي ثم غدر: أي عاهد عهدا وحلف عليه بالله ثم نقضه
 
رجل باع حرا فأكل ثمنه:  قال الخطابي : اعتباد الحر يقع بأمرين :
أن يعتقه ثم يكتم ذلك أو يجحد ,
والثاني أن يستخدمه كرها بعد العتق , والأول أشدهما
 
رجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره: ‏هو في معنى من باع حرا وأكل ثمنه لأنه استوفى منفعته بغير عوض وكأنه أكلها , ولأنه استخدمه بغير أجرة وكأنه استعبده
 
و الله تعالى اعلم
 
للمزيد
 
 
 
 

976 - قصة الثلاثة الذين حبسوا فى الغار

 
خرج ثلاثة يمشون فأصابهم المطر ، فدخلوا في غار في جبل ، فانحطت عليهم صخرة ، قال : فقال بعضهم لبعض : ادعوا الله بأفضل عمل عملتموه .
فقال أحدهم : اللهم إني كان لي أبوان شيخان كبيران ، فكنت أخرج فأرعى ، ثم أجيء فأحلب فأجيء بالحلاب ، فآتي أبواي فيشربان ، ثم أسقي الصبية وأهلي وامرأتي ، فاحتبست ليلة ، فجئت فإذا هما نائمان ، قال : فكرهت أن أوقظهما ، والصبية يتضاغون عند رجلي ، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهما ، حتى طلع الفجر ، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك ، فافرج عنا فرجة نرى منها السماء ، قال : ففرج عنهم .
 
وقال الآخر : اللهم إن كنت تعلم أني أحب امرأة من بنات عمي كأشد ما يحب الرجل النساء ، فقالت : لا تنال ذلك منها حتى تعطيها مائة دينار ، فسعيت حتى جمعتها ، فلما قعدت بين رجليها قالت : اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه ، فقمت وتركتها ، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك ، فافرج عنا فرجة ، قال : ففرج عنهم الثلثين .
 
وقال الآخر : اللهم إن كنت تعلم أني استأجرت أجيرا بفرق من ذرة فأعطيته ، وأبى ذلك أن يأخذ ، فعمدت إلى ذلك الفرق فزرعته ، حتى اشتريت منه بقرا وراعيها ، ثم جاء فقال : يا عبد الله أعطيني حقي ، فقلت : انطلق إلى تلك البقر وراعيها فإنها لك ، فقال : أتستهزئ بي ؟ قال : فقلت : ما أستهزئ بك ولكنها لك ،
اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ، فكشف عنهم ، صحيح البخاري
 
------------------------------------------------
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2215 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
 
الحِلَابُ : اللَّبَنُ
و الحِلَابُ الإناءُ يُحْلبُ فيه . والجمع : حُلُب
 
يتضاغون : يبكون بصوت عالِ
 
بفرق من ذرة: قسم او مقدار معين من ذرة
 
و الله تعالى اعلم
 
للمزيد
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

Tuesday, February 4, 2014

975 - سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : الإمام العادل ، وشاب نشأ في عبادة ربه ، ورجل قلبه معلق في المساجد ، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال ، فقال إني أخاف الله ، ورجل تصدق ، اخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خاليا ، ففاضت عيناه ، صحيح البخاري

 
سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله :
الإمام العادل ،
وشاب نشأ في عبادة ربه ،
ورجل قلبه معلق في المساجد ،
ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ،
ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال ، فقال إني أخاف الله ،
ورجل تصدق ، اخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ،
ورجل ذكر الله خاليا ، ففاضت عيناه ، صحيح البخاري
------------------------------------------------
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 660 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
الإمام العادل: قال القاضي : هو كل من إليه نظر في شيء من مصالح المسلمين من الولاة والحكام ، وبدأ به لكثرة مصالحه وعموم نفعه
 
وشاب نشأ بعبادة الله:  نشأ متلبسا للعبادة أو مصاحبا لها أو ملتصقا بها
ورجل قلبه معلق في المساجد: معناه شديد الحب لها والملازمة للجماعة فيها ، وليس معناه دوام القعود في المسجد
 
ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه: معناه اجتمعا على حب الله وافترقا على حب الله ، أي كان سبب اجتماعهما حب الله ، واستمرا على ذلك حتى تفرقا من مجلسهما وهما صادقان في حب كل واحد منهما صاحبه لله تعالى حال اجتماعهما وافتراقهما . وفي هذا الحديث : الحث على التحاب في الله وبيان عظم فضله وهو من المهمات ، فإن الحب في الله والبغض في الله من الإيمان
 
 ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله: قال القاضي : يحتمل قوله : ( أخاف الله ) باللسان ، ويحتمل قوله في قلبه ليزجر نفسه ، وخص ذات المنصب والجمال لكثرة الرغبة فيها وعسر حصولها ، وهي جامعة للمنصب والجمال لا سيما وهي داعية إلى نفسها ، طالبة لذلك قد أغنت عن مشاق التوصل إلى مراودة ونحوها ، فالصبر عنها لخوف الله تعالى - وقد دعت إلى نفسها مع جمعها المنصب والجمال - من أكمل المراتب وأعظم الطاعات ، فرتب الله تعالى عليه أن يظله في ظله ، وذات المنصب هي : ذات الحسب والنسب الشريف . ومعنى ( دعته ) أي دعته إلى الزنا بها ، هذا هو الصواب في معناه . وذكر القاضي فيه احتمالين أصحهما هذا ، والثاني : أنه يحتمل أنها دعته لنكاحها فخاف العجز  عن القيام بحقها أو أن الخوف من الله تعالى شغله عن لذات الدنيا وشهواتها
 
ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله:  وهذا في صدقة التطوع فالسر فيها أفضل ؛ لأنه أقرب إلى الإخلاص وأبعد من الرياء . وأما الزكاة الواجبة فإعلانها أفضل ، وهكذا حكم الصلاة فإعلان فرائضها أفضل ، وإسرار نوافلها أفضل ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة قال العلماء : وذكر اليمين والشمال مبالغة في الإخفاء والاستتار بالصدقة ، وضرب المثل بهما لقرب اليمين من الشمال وملازمتها لها ، ومعناه : لو قدرت الشمال رجلا متيقظا لما علم صدقة اليمين لمبالغته في الإخفاء
 
 ورجل ذكر الله تعالى خاليا ففاضت عيناه: فيه فضيلة البكاء من خشية الله تعالى ، وفضل طاعة السر لكمال الإخلاص فيها
 
و الله تعالى اعلم
 
للمزيد
 
 

974 - إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها ، و باطنها من ظاهرها ، أعدها الله تعالى لمن أطعم الطعام ، و ألان الكلام ، و تابع الصيام ، وصلى بالليل ، و الناس نيام ، حسنه الألبانى فى صحيح الجامع

 
إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها ، و باطنها من ظاهرها ، أعدها الله تعالى
لمن أطعم الطعام ، و ألان الكلام ، و تابع الصيام ، وصلى بالليل ، و الناس نيام ، حسنه  الألبانى فى صحيح الجامع
 
------------------------------------------------
الراوي: أبو مالك الأشعري المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2123 خلاصة حكم المحدث: حسن
------------------------------------------------
الشرح:
لمن ألان الكلام: أي أطاب الكلام ، والمعنى لمن له خلق حسن مع الناس

وأطعم الطعام: بالكرم التام للخاص والعام

وتابع الصيام: أي أكثر منه بعد الفريضة بحيث تابع بعضها بعضا ولا يقطعها رأسا ، وقيل : أقله أن يصوم من كل شهر ثلاثة أيام

وصلى بالليل: أي لمن لا ينام

والناس: أي غالبهم

نيام: جمع نائم أو غافلون عنه ، ولأنه عبادة لا رياء يشوب عمله ولا شهود غير ؛ إشارة إلى قوله تعالى ( والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما ) المنبئ وصفهم بذلك عن أنهم في غاية من الإخلاص لله
 
و الله تعالى اعلم
 
للمزيد


http://www.islamweb.net/ramadan/index.php/index.php?page=article&lang=A&id=42148

http://www.saaid.net/Doat/hamesabadr/153.htm

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/archive/index.php/t-292041.html

http://www.alminbar.net/alkhutab/madda.asp?mediaURL=2317

http://www.al-eman.com/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D9%85%D9%83%D8%A7%D8%B1%D9%85%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%82%20%D9%84%D9%84%D8%AE%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%B7%D9%8A/%D8%A8%D8%A7%D8%A8%20%D9%85%D8%A7%20%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D8%AD%D8%A8%20%D9%85%D9%86%20%D9%84%D9%8A%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%84%D8%A7%D9%85%20%D9%88%D8%AE%D9%81%D8%B6%20%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A7%D8%AD:/i534&d753029&c&p1

http://www.awqaf.ae/Fatwa.aspx?SectionID=9&RefID=4599

972 - قصة ابو سفيان و هرقل ملك الروم

 
أن أبا سفيان بن حرب أخبره : أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش ، وكانوا تجارا بالشأم ، في المدة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ماد فيها ابا سفيان وكفار قريش ، فأتوه وهم بإيلياء ، فدعاهم في مجلسه ، وحوله عظماء الروم ، ثم دعاهم ودعا بترجمانه ، فقال : أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ؟ فقال أبو سفيان : فقلت أنا أقربهم نسبا ، فقال : أدنوه مني ، وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره ، ثم قال لترجمانه : قل لهم إني سائل عن هذا الرجل ، فإن كذبني فكذبوه ، فوالله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذبا لكذبت عنه .
 ثم كان أول ما سألني عنه أن قال : كيف نسبه فيكم ؟ قلت : هو فينا ذو نسب .
 قال : فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله ؟ قلت : لا .
 قال : فهل كان من آبائه من ملك ؟ قلت : لا .
 قال : فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم ؟ فقلت : بل ضعفاؤهم .
 قال : أيزيدون أم ينقصون ؟ قلت : بل يزيدون .
 قال : فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه ؟ قلت : لا .
 قال : فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ؟ قلت : لا .
 قال : فهل يغدر ؟ قلت : لا ، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها .
 قال : ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه الكلمة .
 قال : فهل قاتلتموه ؟ قلت : نعم .
 قال : فكيف كان قتالكم إياه ؟ قلت : الحرب بيننا وبينه سجال ، ينال منا وننال منه .
 قال : ماذا يأمركم ؟ قلت : يقول : اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا ، واتركوا ما يقول آباؤكم ، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة .
 فقال للترجمان : قل له : سألتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب ، فكذلك الرسل تبعث في نسب قومها .
 وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول ، فذكرت أن لا ، فقلت لو كان أحد قال هذا القول قبله ، لقلت رجل يأتسي بقول قيل قبله .
 وسألتك هل كان من آبائه من ملك ، فذكرت أن لا ، قلت : فلو كان من آبائه من ملك ، قلت رجل يطلب ملك أبيه .
 وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال ، فذكرت أن لا ، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله .
 وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم ، فذكرت أن ضعفاؤهم اتبعوه ، وهم أتباع الرسل ، وسألتك أيزيدون أم ينقصون ، فذكرت أنهم يزيدون ، وكذلك أمر الإيمان حتى يتم .
 وسألتك أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه ، فذكرت أن لا ، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب .
 وسألتك هل يغدر ، فذكرت أن لا ، وكذلك الرسل لا تغدر .
 وسألتك بما يأمركم ، فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، وينهاكم عن عبادة الأوثان ، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف ، فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين ، وقد كنت أعلم أنه خارج ، لم أكن أظن أنه منكم ، فلو أني أعلم أني أخلص إليه ، لتجشمت لقاءه ، ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه .
 ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى ، فدفعه إلى هرقل ، فقرأه ، فإذا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم : سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين ، و : { يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون } قال أبو سفيان : فلما قال ما قال ، وفرغ من قراءة الكتاب ، كثر عنده الصخب وارتفعت الأصوات وأخرجنا ، فقلت لأصحابي حين أخرجنا : لقد أمر ابن أبي كبشة ، إنه يخافه ملك بني الأصفر .
 فما زلت موقنا أنه سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام .
 وكان ابن الناطور ، صاحب إيلياء وهرقل ، أسقفا على نصارى الشأم ، يحدث أن هرقل حين قدم إيلياء ، أصبح يوما خبيث النفس ، فقال بعض بطارقته : قد استنكرنا هيئتك ، قال ابن الناطور : وكان هرقل حزاء ينظر في النجوم ، فقال لهم حين سألوه : إني رأيت الليلة حين نظرت في النجوم ملك الختان قد ظهر ، فمن يختتن من هذه الأمة ؟ قالوا : ليس يختتن إلا اليهود ، فلا يهمنك شأنهم ، واكتب إلى مداين ملكك ، فيقتلوا من فيهم من اليهود ، فبينما هم على أمرهم ، أتى هرقل برجل أرسل به ملك غسان يخبر عن خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما استخبره هرقل قال : أذهبوا فانظروا أمختتن هو أم لا ؟ فنظروا إليه ، فحدثوه أنه مختتن ، وسأله عن العرب ، فقال : هم يختتنون ، فقال هرقل : هذا ملك هذه الأمة قد ظهر .
 ثم كتب هرقل إلى صاحب له برومية ، وكان نظيره في العلم ، وسار هرقل إلى حمص ، فلم يرم حمص حتى أتاه كتاب من صاحبه يوافق راي هرقل على خروج النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه نبي ، فأذن هرقل لعظماء الروم في دسكرة له بحمص ، ثم أمر بأبوابها فغلقت ، ثم اطلع فقال : يا معشر الروم ، هل لكم في الفلاح والرشد ، وأن يثبت ملككم فتبايعوا هذا النبي ؟ فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب ، فوجدوها قد غلقت ، فلما رأى هرقل نفرتهم ، وأيس من الإيمان ، قال : ردوهم علي ، وقال : إني قلت مقالتي آنفا أختبر بها شدتكم على دينكم ، فقد رأيت ، فسجدوا له ورضوا عنه ، فكان ذلك آخر شأن هرقل ، صحيح البخاري
 
------------------------------------------------
الراوي: أبو سفيان بن حرب المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
 
في أوائل سبع من الهجرة كتب النبي صلى الله عليه وسلم كتبا إلى الملوك والأمراء ورؤساء القبائل والعشائر يدعوهم في هذه الكتب إلى الله تعالى وإلى الإسلام.
 
كتب إلى كسرى ملك الفرس فمزق الكتاب فقال صلى الله عليه وسلم حين بلغه ذلك: مزق الله ملكه كما مزق كتابي.
 
وكتب إلى النجاشي ملك الحبشة فأحسن وفادة حامل الكتاب وظل كافرا مع أن أباه النجاشي كان قد أسلم وكان قد آوى المهاجرين إلى الحبشة وزوج الرسول صلى الله عليه وسلم أم حبيبة وأصدقها عنه ولما مات صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
 
وكتب إلى هوذة بن علي حاكم اليمامة والمنذر بن ساوى حاكم هجر وجيفر وعباد ابني الجلندي بعمان وابن أبي شمر الغساني وإلى مسيلمة وإلى المقوقس.
 
وعلى رأس هؤلاء وهذه الكتب كتاب هرقل وهو ما يحدثنا عنه في هذا الحديث أبو سفيان بن حرب الذي أسلم يوم فتح مكة وكان في زمن كتاب هرقل هذا زعيم مشركي مكة وقائد أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم
 
يقول أبو سفيان: في أوائل سريان الهدنة بين قريش وبين محمد صلى الله عليه وسلم المنصوص عليها في صلح الحديبية انطلقت على رأس نفر من قريش إلى الشام تجارا وبينما نحن في سوق الشام نتاجر إذ هجم علينا شرطة هرقل أنتم من مكة؟ قلنا نعم أنتم من قريش؟ قلنا: نعم أنتم تعرفون محمد بن عبد الله الذي يدعي أنه نبي؟ قلنا: نعم قالوا: هيا معنا إلى هرقل وساقونا جميعا نحوا من ثلاثين رجلا قلنا لهم ما الخبر؟ قالوا: إن هرقل جاءه كتاب من محمد الذي يدعي أنه نبي سلمه إليه حاكم بصرى إحدى مدن مملكة هرقل بعد أن سلمه إياه عربي مسلم يدعي دحية الكلبي ليوصله إلى هرقل فلما قرأ هرقل كتاب محمد صلى الله عليه وسلم قال: إن هذا كتاب خطير يهتم به كل الاهتمام ثم جمع حاشيته وخواصه وقال لهم: هل هنا في الشام في حمص هذه عاصمة ملكي أحد من قوم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قالوا: نعم إن الكثيرين منهم في سوق المدينة فنادى رئيس شرطته وبلهجة الحزم والشدة قال له: قلب المدينة ظهرا لبطن حتى تأتيني برجل أو رجال من قوم هذا الذي يدعي أنه نبي بحثنا عنكم حتى وجدناكم فهيا إلى القصر فلما علم بوصولنا دعانا إلى مجلسه فأدخلنا عليه فإذا هو جالس في مجلس ملكه وعليه التاج المرصع باللؤلؤ والجواهر وحوله عظماء الروم وعنده بطارقته والقسيسون والرهبان وبين يديه حراس مدججون بالسلاح منظرهم يثير الرعب والرهبة فأمر بنا أن نجلس أمامه بين يديه فجلسنا على فراش الأرض فدعا بترجمانه وطلب منه أن يسألنا: أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قال أبو سفيان: فقلت: أنا أقربهم إليه نسبا قال: ما قرابتك منه؟ قلت: هو ابن عمي قال: اقترب وأجلسوني وحدي بين يديه وأجلسوا أصحابي خلفي عند ظهري يا لهذا الداهية؟ إنه يخص الأقرب نسبا بالأسئلة لأنه الأكثر إطلاعا على أموره ظاهرا وباطنا ولأن الأبعد لا يؤمن أن يقدح في نسبه يا لهذا الداهية؟ أنه أجلسه وحده بين يديه وأجلس أصحابه خلفه لئلا يستحيوا منه إذ يكذبونه إن كذب لأن المواجهة بالتكذيب وبتكذيب السيد الكبير صعبة محرجة فكونهم خلفه يجعل تكذيبهم له أهون عليه.
 
ثم قال لترجمانه: قل لهم: إني سائل هذا عن الرجل الذي يدعي أنه نبي والسؤال في الحقيقة موجه إليكم جميعا فإن كذبني فكذبوه وإن أخطأ فصوبوه وأصدقوني القول ولا تخفوا علي شيئا من الأمر يقول أبو سفيان: وكنت في داخلي أتمنى أن أسيء إلى محمد ولو كذبا ولكني كنت أخاف أن يمسك على قومي كذبا فأظل في نظرهم بعد عودتنا كذابا والكذب عند العرب لا يليق بكرام الرجال فضلا عن رؤسائهم إنني لا أخاف من أصحابي أن يكذبوني أمام هرقل فأنا واثق من عدم تكذيبهم لي لو كذبت لمقامي عندهم ولاشتراكهم معي في عداوة محمد صلى الله عليه وسلم فوالله لو كذبت ما ردوا علي ولكني كنت امرأ سيدا أتكرم عن الكذب وأخشى أن يأخذ على رفقائي كذبا وسألني هرقل:
 
هذا الذي يزعم أنه نبي كيف حسبه فيكم؟ أهو من أشرافكم؟ ومن ذوي الأصل فيكم؟
 
قال أبو سفيان قلت: هو صاحب حسب كبير فينا.
 
سأل هرقل عن طريق الترجمان: هل كان من آبائه ملك؟ قال أبو سفيان: لا لم يكن من آبائه من ملك.
 
سأل هرقل: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ أجاب أبو سفيان: لا.
 
سأل هرقل: ومن الذين يتبعونه؟ أشراف الناس؟ أم ضعفاؤهم؟ أجاب أبو سفيان: بل ضعفاؤهم.
 
سأل هرقل: أيزيدون؟ أم ينقصون؟ أجاب أبو سفيان: بل يزيدون.
 
سأل هرقل: هل يرتد أحد منهم عن دينه؟ ساخطا عليه بعد أن يدخله؟ أجاب أبو سفيان: لا.
 
سأل هرقل: هل قاتلتموه؟ أجاب أبو سفيان: نعم.
 
سأل هرقل: كيف كان قتالكم إياه؟ يغلبكم؟ أم تغلبونه؟ أجاب أبو سفيان: تارة يغلبنا وتارة نغلبه فالحرب بيننا وبينه نوبا نوبة له ونوبة لنا غلبنا مرة يوم بدر وأنا غائب وغزوته في بيته فبقرنا البطون وجدعنا الآذان.
 
سأل هرقل: فهل يغدر بكم إذا عاهد؟ قال أبو سفيان: لا وأراد أبو سفيان أن ينال من محمد صلى الله عليه وسلم فلم يجد إلا أن يشكك في وفائه بالعهد فقال: وبيننا وبينه عهد لا ندري أيغدر بنا؟ أم يفي؟.
 
سأل هرقل: هل ادعى أحد منكم قبله مثل ما يدعي؟ قال: لا.
 
وهنا بدأ هرقل يعلن لهم هدفه من الأسئلة واستنتاجاته من الإجابات فقال:
 
سألتك عن حسبه؟ فقلت: إنه فينا ذو حسب وكذلك الرسل تبعث في أفضل أنساب قومها.
 
وسألتك هل كان في آبائه ملك؟ فزعمت أن لا فقلت: لو كان من آبائه ملك جاز أن يكون طالبا ملك آبائه وسألتك عن أتباعه الأشراف أم الضعفاء؟ فقلت: الضعفاء.
 
وهكذا أتباع الرسل لأن الأشراف يأنفون من تقدم مثلهم عليهم والضعفاء لا يأنفون فيسرعون للانقياد واتباع الحق وسألتك: هل كنتم تتهمونه بالكذب؟ فقلت: لا فعرفت أنه ما كان ليترك الكذب على الناس ثم يكذب على الله وسألتك: هل يرتد أحد منهم عن دينه الجديد ساخطا عليه بعد أن يدخله؟ فقلت: لا وكذلك الإيمان إذا خالط غشاء القلوب لا يزول عنه وسألتك هل قاتلتموه؟ وكيف كانت نتيجة قتالكم إياه؟ فقلت: إن الحرب بينكم وبينه سجالا وهكذا الرسل يبتلون بالهزيمة ثم تكون لهم العاقبة وسألتك هل يغدر بكم؟ فقلت: لا وكذلك الرسل لا تغدر وسألتك: هل قال هذا القول أحد معاصر قبله؟ فقلت: لا قلت: لو قال هذا القول أحد قبله قلت: رجل يأتم بغيره ويقول ما يقولون ثم سألتك بم يأمركم؟ قلت: يأمرنا بالصلاة والصدقة وصلة الأرحام والعفة وكذلك الرسل ولقد كنت أعلم أن نبيا سيرسل في آخر الزمان لكني كنت أتوقعه من بني إسرائيل وليس منكم أما اليوم فقد ظهر أنه من العرب لقد كنت أقرأ أوصافه التي ذكرت ففي التوراة نحو ما سمعت من علامات النبوة إن يكن ما قلته حقا فهو النبي صلى الله عليه وسلم الذي سيملك أتباعه مكان قدمي وملكي ولو كنت أستطيع أن أصل إليه ماشيا لفعلت ولغسلت بيدي رجليه خضوعا له وتبركا به ولكني أخاف من قومي أن يقتلوني لقد كان لي صديق قسيس أسقف أظهر إسلامه وألقى ثيابه التي كانت عليه ولبس ثيابا بيضا وخرج على الروم فدعاهم إلى الإسلام وشهد شهادة الحق فقاموا إليه فضربوه حتى قتلوه إنني أخافهم ولولا ذلك لتكلفت المشي إليه ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه القارئ وترجمه الترجمان وسمعه بالعربية أبو سفيان فسمع: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى "أما بعد" فإني أدعوك بدعوة الإسلام أسلم تسلم في الدنيا والآخرة أسلم يؤتك الله أجرك مرتين مرة على إيمانك بعيسى ومرة على إيمانك بمحمد عليهما الصلاة والسلام فإن توليت ورفضت ولم تسلم فإنما عليك إثمك وإثم أتباعك الذين يقتدون بك ويتبعونك في دينك ثم ختم الكتاب بالآية الكريمة قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أرباب من دون الله [آل عمران: 64].
 
ثم طوى الكتاب وبمظاهر التكريم حفظه وظهر عليه الميل نحو الإيمان فكثر اللغط في المجلس وارتفعت الأصوات باستنكار الكتاب واستنكار ما فيه فأمر هرقل بإخراج أبي سفيان وأصحابه فخرجوا فقال أبو سفيان لأصحابه لما خلا بهم إن أمر محمد سيعظم إن هرقل يخاف محمدا قال أبو سفيان: ودخلني الخوف من محمد وأيقنت أنه لا محالة ظاهر وغالب حتى أدخل الله في قلبي الإسلام فأسلمت عام الفتح بعد هذه الحادثة بسنتين.
 
هذا ما كان مع أبي سفيان وأما ما كان من شأن هرقل فقد غزا جيش كسرى بلاده ثم انهزم الفرس فمشى هرقل على قدميه من حمص إلى بيت المقدس شكرا لله تعالى وهو مازال في داخله يعالج أمر الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ويجاهد أن يؤمن ويعلن إسلامه مع الاحتفاظ بعرشه وملكه إنه كان يتمنى أن يسلم قومه الروم بل حاول أن يدعوهم إلى ذلك صريحا فقد روى البخاري أنه دعا زعماء الروم وعظماءهم إلى قصره وأغلق عليهم أبوابه ثم طلع عليهم من شرفة عالية فقال لهم: يا معشر الروم هل لكم في الفلاح والرشد؟ وأن يثبت ملككم؟ بايعوا هذا النبي. فحاصوا حيصة حمر الوحش واتجهوا إلى الأبواب نفورا من هذه الدعوة ورفضا لها فوجدوا الأبواب مغلقة فأعادهم هرقل وهدأ من روعهم وغضبهم وقال لهم: إني قلت لكم ما قلت لأمتحن مدى تمسككم بدينكم فشكرا لكم على شدة تمسككم به فقد رأيت منكم ما سرني فسجدوا له ورضوا عنه.
 
واستمر هرقل مظاهرا الروم وأعد جيوشه ووجهها لحروب المسلمين
 
و الله تعالى اعلم
 
للمزيد
 
 
 
 
 
 

971 - معجزة النبى صلى الله عليه و سلم مع اهل الصفة

 
أن أبا هريرة كان يقول : آلله الذي لا إله إلا هو ، إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع ، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع ، 
ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه ، فمر أبو بكر ، فسألته عن آية من كتاب الله ، ما سألته إلا ليشبعني ، فمر ولم يفعل ، 
ثم مر بي عمر ، فسألته عن آية من كتاب الله ، ما سألته إلا ليشبعني ، فمر ولم يفعل ، 
ثم مر بي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم ، فتبسم حين رآني ، وعرف ما في نفسي وما في وجهي ، ثم قال : يا أبا هر . 
قلت : لبيك يا رسول الله ، قال : الحق . 
ومضى فاتبعته ، فدخل ، فأستأذن ، فأذن لي ، فدخل ، فوجد لبنا في قدح ، فقال : من أين هذا اللبن. قالوا : أهداه لك فلان أو فلانة ، قال : أبا هر .
قلت : لبيك يا رسول الله ، 
قال : الحق إلى أهل الصفة فادعهم لي . 
 وأهل الصفة أضياف الإسلام ، لا يأوون على أهل ولا مال ولا على أحد ، إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا ، وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها ، 
فساءني ذلك ، فقلت : وما هذا اللبن في أهل الصفة ، كنت أحق أنا أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها ، فإذا جاء أمرني ، فكنت أنا أعطيهم ، وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن ، 
ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم بد ، 
فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا ، فاستأذنوا فأذن لهم ، وأخذوا مجالسهم من البيت ،
قال : يا أبا هر . قلت : لبيك يا رسول الله ، 
قال : خذ فأعطهم . 
فأخذت القدح ، فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ، ثم يرد علي القدح ، 
فأعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ، ثم يرد علي القدح فيشرب حتى يروى ، ثم يرد علي القدح ، 
حتى انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد روي القوم كلهم ، 
فأخذ القدح فوضعه على يده ، فنظر إلي فتبسم ، فقال : أبا هر . قلت : لبيك يا رسول الله ،
قال : بقيت أنا وأنت . قلت : صدقت يا رسول الله ، 
قال : اقعد فاشرب . فقعدت فشربت ، 
فقال : اشرب . فشربت ، 
فما زال يقول : اشرب . حتى قلت : لا والذي بعثك بالحق ، ما أجد له مسلكا ، 
قال : فأرني . فأعطيته القدح ، فحمد الله وسمى وشرب الفضلة ، صحيح البخاري
 
------------------------------------------------
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6452 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
 
آلله الذي لا إله إلا هو: اى يقسم بالله
 
إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع ، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع:  قال العلماء فائدة شد الحجر المساعدة على الاعتدال والانتصاب أو المنع من كثرة التحلل من الغذاء الذي في البطن لكون الحجر بقدر البطن فيكون الضعف أقل أو لتقليل حرارة الجوع ببرد الحجر أو لأن فيه الإشارة إلى كسر النفس وقال الخطابي أشكل الأمر في شد الحجر على البطن من الجوع على قوم فتوهموا أنه تصحيف وزعموا أنه الحجز بضم أوله وفتح الجيم بعدها زاي جمع الحجزة التي يشد بها الوسط قال ومن أقام بالحجاز وعرف عادتهم عرف أن الحجر واحد الحجارة وذلك أن المجاعة تعتريهم كثيرا فإذا خوى بطنه لم يمكن معه الانتصاب فيعمد حينئذ إلى صفائح رقاق في طول الكف أو أكبر فيربطها على بطن وتشد بعصابة فوقها فتعتدل قامته بعض الاعتدال والاعتماد بالكبد على الأرض مما يقارب ذلك
 
ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه: الضمير للنبي - صلى الله عليه وسلم - وبعض أصحابه ممن كان طريق منازلهم إلى المسجد متحدة
 
 فمر أبو بكر فسألته عن آية ما سألته إلا ليشبعني: أي يطلب مني أن أتبعه ليطعمني
 
 فمر ولم يفعل: أي الإشباع أو الاستتباع
 
حتى مر بي عمر: يشير إلى أنه استمر في مكانه بعد ذهاب أبي بكر إلى أن مر عمر ووقع في قصة عمر من الاختلاف في قوله : ليشبعني " نظير ما وقع في التي قبلها وزاد في رواية أبي حازم " فدخل داره وفتحها علي " أي قرأ الذي استفهمته عنه ولعل العذر لكل من أبي بكر وعمر حمل سؤال أبي هريرة على ظاهره أو فهما ما أراده ولكن لم يكن عندهما إذ ذاك ما يطعمانه
 
فتبسم حين رآني وعرف ما في نفسي: استدل أبو هريرة بتبسمه - صلى الله عليه وسلم - على أنه عرف ما به ; لأن التبسم تارة يكون لما يعجب وتارة يكون لإيناس من تبسم إليه ولم تكن تلك الحال معجبة فقوي الحمل على الثاني
 
 وما في وجهي: كأنه عرف من حال وجهه ما في نفسه من احتياجه إلى ما يسد رمقه
 
الحق: أي اتبع
 
أهل الصفة: هم من فقراء المسلمين فى المدينة ، و يعتبروا من أضياف الإسلام ، فليس لهم اهل و لا مال ، فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخصهم بما يأتيه من الصدقة ويشركهم فيما يأتيه من الهدية
فكان أهل الصفة ناسا فقراء لا منازل لهم فكانوا ينامون في المسجد لا مأوى لهم غيره
 
أمرني: أي النبي - صلى الله عليه وسلم - فكنت أنا أعطيهم وكأنه عرف بالعادة ذلك لأنه كان يلازم النبي - صلى الله عليه وسلم - ويخدمه
ووقع في رواية يونس بن بكير فسيأمرني أن أديره عليهم فما عسى أن يصيبني منه وقد كنت أرجو أن أصيب منه ما يغنيني أي عن جوع ذلك اليوم
 
وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن: أي يصل إلي بعد أن يكتفوا منه
 
ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله بد:  قال الكرماني : ظاهره أن الإتيان والدعوة وقع بعد الإعطاء وليس كذلك ثم أجاب بأن معنى قوله " فكنت أنا أعطيهم " عطف على جواب " فإذا جاءوا " فهو بمعنى الاستقبال
 
خذ فأعطهم: أي القدح الذي فيه اللبن
 
حتى انتهيت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد روي القوم كلهم: أي فأعطيته القدح
 
فوضعه على يده فنظر إلي فتبسم: كأنه - صلى الله عليه وسلم - كان تفرس في أبي هريرة ما كان وقع في توهمه أن لا يفضل له من اللبن شيء كما تقدم تقريره فلذلك تبسم إليه إشارة إلى أنه لم يفته شيء
 
بقيت أنا وأنت: كأن ذلك بالنسبة إلى من حضر من أهل الصفة فأما من كان في البيت من أهل النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يتعرض لذكرهم ويحتمل أن البيت إذ ذاك ما كان فيه أحد منهم أو كانوا أخذوا كفايتهم وكان اللبن الذي في ذلك القدح نصيب النبي - صلى الله عليه وسلم -
 
فحمد الله وسمى: أي حمد الله على ما من به من البركة التي وقعت في اللبن المذكور مع قلته حتى روي القوم كلهم وأفضلوا وسمى في ابتداء الشرب
 
وشرب الفضلة: أي البقية
وفيه إشعار بأنه بقي بعد شربه شيء فإن كانت محفوظة فلعله أعدها لمن بقي في البيت إن كان
وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدم:
استحباب الشرب من قعود
وأن خادم القوم إذا دار عليهم بما يشربون يتناول الإناء من كل واحد فيدفعه هو إلى الذي يليه ولا يدع الرجل يناول رفيقه لما في ذلك من نوع امتهان الضيف
وفيه معجزة عظيمة وقد تقدم لها نظائر في علامات النبوة من تكثير الطعام والشراب ببركته - صلى الله عليه وسلم - .
وفيه جواز الشبع ولو بلغ أقصى غايته أخذا من قول أبي هريرة " لا أجد له مسلكا " وتقرير النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك خلافا لمن قال بتحريمه وإذا كان ذلك في اللبن مع رقته ونفوذه فكيف بما فوقه من الأغذية الكثيفة لكن يحتمل أن يكون ذلك خاصا بما وقع في تلك الحال فلا يقاس عليه
وفيه أن كتمان الحاجة والتلويح بها أولى من إظهارها والتصريح بها .
وفيه كرم النبي - صلى الله عليه وسلم - وإيثاره على نفسه وأهله وخادمه .
وفيه ما كان بعض الصحابة عليه في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - من ضيق الحال وفضل أبي هريرة وتعففه عن التصريح بالسؤال واكتفاؤه بالإشارة إلى ذلك وتقديمه طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - على حظ نفسه مع شدة احتياجه وفضل أهل الصفة .
وفيه أن المدعو إذا وصل إلى دار الداعي لا يدخل بغير استئذان وقد تقدم البحث فيه في كتاب الاستئذان مع الكلام على حديث رسول الرجل إذنه .
وفيه جلوس كل أحد في المكان اللائق به .
وفيه إشعار بملازمة أبي بكر وعمر للنبي - صلى الله عليه وسلم -
ودعاء الكبير خادمه بالكنية
وفيه ترخيم الاسم على ما تقدم
والعمل بالفراسة
وجواب المنادى بلبيك
واستئذان الخادم على مخدومه إذا دخل منزله
وسؤال الرجل عما يجده في منزله مما لا عهد له به ليرتب على ذلك مقتضاه
وقبول النبي - صلى الله عليه وسلم - الهدية وتناوله منها وإيثاره ببعضها الفقراء وامتناعه من تناول الصدقة ووضعه لها فيمن يستحقها
وشرب الساقي آخرا وشرب صاحب المنزل بعده
والحمد على النعم والتسمية عند الشرب
 
و الله تعالى اعلم
 
للمزيد
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

Monday, February 3, 2014

970 - ابو بكر الصديق و فترة ما قبل الهجرة

 
عن عائشة رضى الله عنها: لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين ، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار ، بكرة وعشية ، فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا نحو أرض الحبشة ، حتى إذا برك الغماد لقيه ابن الدغنة ، وهو سيد القارة ، فقال : أين تريد يا أبا بكر ؟ فقال أبو بكر : أخرجني قومي ، فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي .
 قال ابن الدغنة : فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج ، إنك تكسب المعدوم ، وتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق ، فأنا لك جار ، ارجع واعبد ربك ببلدك .
 فرجع وارتحل معه ابن الدغنة ، فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف قريش ، فقال لهم : إن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج ، أتخرجون رجلا يكسب المعدوم ، ويصل الرحم ، ويحمل الكل ، ويقري الضيف ، ويعين على نوائب الحق .
 فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة ، وقالوا لابن الدغنة : مر أبا بكر فليعبد ربه في داره ، فليصل فيها وليقرأ ما شاء ، ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به ، فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا .
 فقال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر ، فلبث بذلك يعبد ربه في داره ، ولا يستعلن بصلاته ولا يقرأ في غير داره ، ثم بدا لأبي بكر ، فابتنى مسجدا بفناء داره ، وكان يصلي فيه ، ويقرأ القرآن ، فينقذف عليه نساء المشركين وأبناؤهم ، وهم يعجبون منه وينظرون إليه ، وكان أبو بكر رجلا بكاء ، لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن ، وأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين ، فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم ، فقالوا : إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك ، على أن يعبد ربه في داره ، فقد جاوز ذلك ، فابتنى مسجدا بفناء داره ، فأعلن بالصلاة والقراءة فيه ، وإنا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا ، فانهه ، فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل ، وإن أبى إلا أن يعلن بذلك ، فسله أن يرد إليك ذمتك ، فإنا قد كرهنا أن نخفرك ، ولسنا مقرين لأبي بكر الاستعلان .
 قالت عائشة : فأتى ابن الدغنة إلى أبي بكر فقال : قد علمت الذي عاقدت لك عليه ، فإما أن تقتصر على ذلك ، وإما أن ترجع إلي ذمتي ، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له .
 فقال أبو بكر : فإني أرد إليك جوارك ، وأرضى بجوار الله عز وجل ، والنبي صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين :
 إني أريت دار هجرتكم ، ذات نخل بين لابتين: .
 وهما الحرتان ، فهاجر من هاجر قبل المدينة ، ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة ، وتجهز أبو بكر قبل المدينة ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :
 على رسلك ، فإني أرجو أن يؤذن لي: .
فقال أبو بكر : وهل ترجو ذلك بأبي أنت ؟ قال  نعم: .
 فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه ، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر ، وهو الخبط ، أربعة أشهر .
 قال ابن شهاب : قال عروة : قالت عائشة : فبينما نحن يوما جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة ، قال قائل لأبي بكر : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متقنعا ، في ساعة لم يكن يأتينا فيها ، فقال أبو بكر : فداء له أبي وأمي ، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر .
 قالت : فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن ، فأذن له فدخل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر :
 أخرج من عندك: .
 فقال أبو بكر : إنما هم أهلك ، بأبي أنت يا رسول الله ، قال :
 فإني قد أذن لي في الخروج: .
 فقال أبو بكر : الصحابة بأبي أنت يا رسول الله ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
 نعم: .
 قال أبو بكر : فخذ - بأبي أنت يا رسول الله - إحدى راحلتي هاتين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
 بالثمن: .
 قالت عائشة : فجهزناهما أحث الجهاز ، وصنعنا لهما سفرة في جراب ، فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها ، فربطت به على فم الجراب ، فبذلك سميت ذات النطاقين ، قالت ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار في جبل ثور ، فكمنا فيه ثلاث ليال ، يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر ، وهو غلام شاب ، ثقف لقن ، فيدلج من عندهما بسحر ، فيصبح مع قريش بمكة كبائت ، فلا يسمع أمرا يكتادان به إلا وعاه ، حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ، ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر منحة من غنم ، فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء ، فيبيتان في رسل ، وهو لبن منحتهما ورضيفهما ، حتى ينعق بها عامر بن فهيرة بغلس ، يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث ، واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلا من بني الديل ، وهو من بني عبد بن عدي ، هاديا خريتا ، والخريت الماهر بالهداية ، قد غمس حلفا في آل العاص بن وائل السهمي ، وهو على دين كفار قريش ، فأمناه فدفعا إليه راحلتيهما ، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال ، فأتاهما براحلتيهما صبح ثلاث ، وانطلق معهما عامر بن فهيرة ، والدليل ، فأخذ بهم طريق السواحل ، صحيح البخاري
 
------------------------------------------------
الراوي: عائشة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3905 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
 
لم أعقل أبوي: أي أبا بكر وأم رومان
 
إلا وهما يدينان الدين: بكسر الدال أي دين الإسلام
 
 فلما ابتلي المسلمون: بأذى الكفار من قريش بحصرهم بني هاشم والمطلب في شعب أبي طالب وأذن - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه في الهجرة إلى الحبشة
 
 برك الغماد: بفتح الموحدة وسكون الراء بعدها كاف .
 والغماد بكسر الغين المعجمة وتخفيف الميم وبعد الألف دال مهملة موضع على خمس ليال من مكة إلى جهة اليمن
 
 ابن الدغنة: وهو اسم أمه ، واسمه الحرث بن يزيد كما عند البلاذري من طريق الواقدي عن معمر عن الزهري وليس هو ربيعة بن رفيع ، ووهم الكرماني قاله الحافظ ابن حجر رحمه الله
 
وهو سيد القارة: بالقاف وتخفيف الراء قبيلة مشهورة من بني الهون بالضم والتخفيف ابن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر
 
 أبو بكر أخرجني قومي: أي تسببوا في إخراجي قريش
 
فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي: ولم يذكر له وجه مقصده لأنه كان كافرا
 
فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج: بفتح أوله وضم ثالثه
 
 ولا يخرج: بضم ثم فتح من الإخراج
 
 تكسب المعدوم: بفتح تاء تكسب أي تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك
 
وتصل الرحم: أي القرابة
 
وتحمل الكل: بفتح الكاف وتشديد اللام الذي لا يستقل بأمره أو الثقل
 
وتقري الضيف: اى تستضيفه و تكرمه
 
وتعين على نوائب الحق: أي حوادثه
 
فأنا لك جار: أي مجير أمنع من يؤذيك
 
فطاف ابن الدغنة عشية في أشراف قريش فقال لهم : إن أبا بكر لا يخرج مثله: من وطنه باختياره على نية الإقامة مع ما فيه من النفع المتعدي لأهل بلده
 
ولا يخرج: بضم أوله وفتح ثالثه لا يخرجه أحد بغير اختياره لما ذكر
 
قالت عائشة : (وآمنوا أبا بكر ، وقالوا لـابن الدَّغِنَة : مُرْ أبا بكر فليعبُد ربه في داره، فليصلِّ وليقرأ ما شاء، ولا يؤذنا بذلك، ولا يستعلن به) أي: ليس عندنا مانع أن نبقي أبا بكر ؛ بشرط أن يخفي دينه في بيته ولا يظهره، ولا يتكلم بشيء من دينه جهراً (فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا، فقال ذلك ابن الدَّغِنَة لـأبي بكر فطفق أبو بكر يعبد ربه في داره فترة، ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة في غير ذلك، ثم بدا لـأبي بكر فابتنى مسجداً بفناء داره وبرز، فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن، فيتقَصَّف عليه نساء المشركين وأبناؤهم؛ يعجبون منه، وينظرون إليه، وفي رواية: فيتقذَّف إليه) ومعنى ذلك: أنهم يزدحمون عليه حتى يسقط بعضهم على بعض فينكسر، ومعنى يتقصفون: يجتمعون اجتماعاً عظيماً حتى إنهم يتساقطون من الزحام والرغبة في السماع، قالت عائشة : (وكان أبو بكر رجلاً بكَّاءً، لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين) وذلك لما يعلمونه من رقة قلوب النساء والشباب من أولادهم، وقد يميلون إلى دين الإسلام (فأرسلوا إلى ابن الدَّغِنَة ، فقدم عليهم، فقالوا له: إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه في داره، وإنه جاوز ذلك فابتنى مسجداً بفناء داره، وأعلن الصلاة والقراءة، وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا، فائته، فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فَعَلَ، وإن أبى إلا أن يُعلن ذلك فسَلْه أن يرد إليك ذمتك، فإنا كرهنا أن نخفرك ...).
 
أي: إذا رضي أن يعود إلى داخل الدار فله ذلك، وإذا رفض وأصر على الجهر بدينه فاطلب منه أن يرد الأمان الذي أعطيناه بسببك. (... فإنا كرهنا أن نخفرك ...) أي: نحن لا نريد أن نغدر وقد أعطيناه الأمان بسببك، لا نريد أن نغدر به ونخفر الذمة، فاطلب من أبي بكر أن يرد إليك الجوار إذا كان يريد أن يستمر على هذا الإعلان. ()... فإنا كرهنا أن نخفرك، ولسنا مقرين لـأبي بكر الاستعلان. قالت عائشة : فأتى ابن الدَّغِنَة أبا بكر فقال: قد علمتَ الذي عقدتُ لك عليه -أي: الشرط بيني وبينك- فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترد إليَّ ذمتي، فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أُخفرت في رجلٍ عقدتُ له ...) أي: لا أحب أن يكون صيتي بين العرب وسمعتي أنني أعطيت إنساناً جواراً ثم إن هذا الإنسان غُدِر به، وأن جواري لا قيمة له، فإنني أكره ذلك، فماذا كان جواب الصِّدِّيق رضي الله عنه؟
 
قال أبو بكر : (... إني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله) ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ بـمكة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قد أُرِيت دار هجرتكم، رأيت سبخة ذات نخلٍ بين لابَتين) أي: أرض مالحة لا تكاد تنبت، وبين لابتين: هما الحرتان، فهاجر مَن هاجر قِبَل المدينة حين ذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجع إلى المدينة بعض مَن كان هاجر إلى أرض الحبشة ، وتجهز أبو بكر مهاجراً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (على رسلك! فإني أرجو أن يؤذن لي، قال أبو بكر : هل ترجو ذلك بأبي أنت؟ قال: نعم، فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه، وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السَّمُر أربعة أشهر)
 
 
فالحديث يتكلم عن الفترة لما ابتلى المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا نحو أرض الحبشة حتى بلغ برك الغماد ، فلقيه ابن الدغنة ، وهو سيد القارة ، فقال له : أين تريد يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر : أخرجني قومي ، فأريد أن أسيح في أرض الله ، وأعبد ربي عز وجل ، قال له ابن الدغنة : يا أبا بكر إن مثلك لا يخرج ولا يخرج ، إنك تكسب المعدوم ، وتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق - رجل بهذه الصفات لا يخرج من بلده ، ولا ينبغي أن يخرج ، وأمة تلفظ أمثال هؤلاء الكبراء ، الفضلاء ، أهل التقوى ، والعلم ، والمجد ، والإيثار ، أمة قد تودع منها ، ولهذا أدرك هذا الجاهلي بحسه أن مثل ذلك غلط ، لا يجوز أن يكون ، فمثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج - ارجع واعبد ربك ببلدك ، وأنا لك جار ، أحميك ممن أراد بك سوءا ، فرجع أبو بكر رضي الله عنه وارتحل معه ابن الدغنة ، فطاف في أشراف قريش وفي نواديهم يقول لهم : إن أبا بكر لا يخرج! أتخرجون رجلا يكسب المعدوم ، ويصل الرحم ، ويحمل الكل ، ويقري الضيف ، ويعين على نوائب الحق؟! أنا له جار ، فلم تكذب قريش بجواره ، وقالوا له : مر أبا بكر فليعبد ربه في داره - فليصل في بيته - ويقرأ ما شاء من القرآن ، ولكن لا يؤذينا بذلك ، ولا يستعلن به ، فإنا نخاف أن يفتن نساءنا وأبناءنا } .
لقد رجعت قريش خطوة واحدة إلى الوراء ، وقالوا : نقبل الآن مضطرين أن يسلم أبو بكر ، وأن يظل مقيما في قريش ، ولكننا لا نريده أن يدعو إلى دينه ، ولا أن يستعلن به ، والخوف ما هو؟ الفتنة ( نخشى أن يفتن نساءنا ، وأبناءنا ) فقال ذلك ابن الدغنة لـ أبي بكر رضى الله عنه { فلبث أبو بكر مستخفيا يعبد ربه عز وجل في داره ، ولا يستعلن بصلاته ، ولا يقرأ في غير بيته ، ثم بدا لـ أبي بكر فابتنى مسجدا في فناء الدار بالساحة المحيطة بمنزله ، وكان يصلي فيه ، ويقرأ القرآن ويجهر به ، فينقذف عليه نساء المشركين وأبناؤهم ، وهم يعجبون منه ، وينظرون إليه ، وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلا بكاء لا يملك عينه إذا قرأ القرآن } كأنما كانت قريش تقرأ الذي سيقع ويحدث فعلا ، كان الناس ينقذفون إلى أبي بكر ، لأن لهذا القرآن سلطانا على القلوب ، ولأن لدعوة الحق سلطانا على النفوس ، والفطرة تستجيب لها ، وتتجاوب معها ، فحصل ما خافوا وخشوا ، ولذلك أفزعهم هذا : { فذهبوا إلى ابن الدغنة ، وقالوا له : إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه في داره ، فقد تجاوز ذلك ، وابتنى مسجدا بفناء داره ، فأعلن الصلاة والقراءة فيه ، وإنا قد خشينا على نسائنا وأبنائنا فانهه عن ذلك ، فإن أحب أن يعبد ربه في داره فعل ، وإن أبى إلا أن يعلن بذلك ، فاسأله أن يرد إليك ذمتك ، فإنا كرهنا أن نخفرك ، ولسنا مقرين لـ أبي بكر الاستعلان ، قالت عائشة رضي الله عنها : فأتى ابن الدغنة إلى أبي بكر ، فقال : لقد علمت الذي عاقدت لك عليه - أنت تعرف يا أبا بكر ما هو العقد والعهد الذي بيني وبينك - فإما أن تقتصر على ذلك ، وإما أن ترجع إلي ذمتي ، فقال له : أبو بكر - رضى الله عنه - : إني أرد إليك جوارك ، وأرضى بجوار ربي عز وجل والنبي صلى الله عليه وسلم يومئذ كان مقيما بمكة ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام يوما لأصحابه : إني رأيت دار هجرتكم - وقد يكون رآها في المنام ، عليه الصلاة والسلام ، أو في غير ذلك - هي أرض ذات نخل بين لا بتين } أي : حرتين وهي الحجارة السود التي تحيط بالمدينة فهاجر من هاجر قبل المدينة ، ورجع عامة الصحابة الذين كانوا هاجروا إلى الحبشة إلى المدينة ، وتجهز أبو بكر - رضي الله تعالى عنه - للرحيل ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : { على رسلك - انتظر - فإني أرجو أن يؤذن لي ، فقال أبو بكر : وهل ترجو ذلك بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟ قال : نعم .
قال : فحبس أبو بكر نفسه على ذلك ، حتى يصحب النبي صلى الله عليه وسلم وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر - وهو الخبط - وهو علف معروف للمواشي ، أربعة أشهر وهو يعلفها
 
و الله تعالى اعلم
 
للمزيد