Sunday, May 18, 2014

1201 - خير أمتي قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم - قال عمران : فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثا - ثم إن بعدكم قوما يشهدون ولا يستشهدون ، ويخونون ولا يؤتمنون ، وينذرون ولا يوفون ، ويظهر فيهم السمن ، صحيح البخاري

 
خير أمتي قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم - قال عمران : فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثا -
ثم إن بعدكم قوما يشهدون ولا يستشهدون ،
ويخونون ولا يؤتمنون ،
وينذرون ولا يوفون ،
ويظهر فيهم السمن ، صحيح البخاري
 
------------------------------------------------
الراوي: عمران بن حصين المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3650 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
 
خير أمتي القرن الذين يلوني: المراد من القرن هنا أهل القرن، ولذلك عاد الضمير في "يلوني" جمعا مذكرا، والمراد قرنه صلى الله عليه وسلم باعتبارهم أتباعا له صلى الله عليه وسلم
والقرن في الأصل أهل زمان واحد متقارب، اقترنوا، واشتركوا في أمر من الأمور المقصودة، وخصه بعضهم بما إذا اجتمعوا في زمن نبي، أو رئيس يجمعهم على ملة أو مذهب أو عمل.
ويطلق القرن على مدة من الزمان، واختلفوا في تحديدها، من عشرة أعوام، إلى مائة وعشرين
 
يشهدون ولا يستشهدون: اى يشهدون دون ان يُطلب منهم الشهادة
 قال النووي: هذا الحديث في ظاهره مخالف للحديث الآخر "خير الشهود، الذي يأتي بالشهادة قبل أن يسألها": قال العلماء: الجمع بينهما أن الذم في ذلك لمن بادر بالشهادة في حق الآدمي، هو عالم بها، قبل أن يسألها صاحبها، وأما المدح فهو لمن كانت عنده شهادة لآدمي، ولا يعلم بها صاحبها، فيخبره بها ليستشهد به عند القاضي إن أراد، أو يموت صاحبها العالم بها، ويخلف ورثة، لا يعلمون بها، فيأتي الشاهد إليهم أو إلى من يتحدث عنهم، فيعلمهم بذلك، ويلتحق به من كانت عنده شهادة حسبة، وهي الشهادة بحقوق الله تعالى، أو فيه شائبة من حق الله تعالى كالعتق، والوقف والوصية العامة والعدة والطلاق ونحو ذلك، فيأتي القاضي، فيشهد بها، وهذا ممدوح، إلا إذا كانت الشهادة بحد، ورأى المصلحة في الستر. قال: وهذا الذي ذكرناه من الجمع بين الحديثين هو مذهب أصحابنا ومالك وجماهير العلماء، وهو الصواب
 
ويخونون، ولا يؤتمنون: قال النووي: معناه خيانة ظاهرة، بحيث لا يبقى معها ائتمان، بخلاف من خان بحقير مرة واحدة، فإنه يصدق عليه أنه خان، ولا يخرج به عن الأمانة في بعض المواطن. فهم لا يثق الناس بهم، ولا يعتقدونهم أمناء
 
وَيَنْذِرُونَ وَلَا يَفُونَ: من النذر و الوفاء ، اى انهم ينذرون ان يفعلوا اشياء ان حدثت اشياء ، و بعد هذا لا يوفون بنذورهم
 
ويظهر فيهم السِّمَنُ:  أي يحبون التوسع في المآكل والمشارب ، وهي أسباب السِّمَنُة
قال ابن التين : المراد ذم محبته وتعاطيه لا من تخلق بذلك ،
وقيل : المراد يظهر فيهم كثرة المال ،
وقيل المراد أنهم يتسمنون أي يتكثرون بما ليس فيهم ويدعون ما ليس لهم من الشرف ،
ويحتمل أن يكون جميع ذلك مرادا .
وقد رواه الترمذي من طريق هلال بن يساف عن عمران بن حصين بلفظ " ثم يجيء قوم يتسمنون ويحبون السمن " وهو ظاهر في تعاطي السمن على حقيقته .
فهو أولى ما حمل عليه خبر الباب وإنما كان مذموما ; لأن السمين غالبا بليد الفهم ثقيل عن العبادة كما هـو مشهور
قال النووي: السمانة بفتح السين هي السمن، بكسر السين وفتح الميم. قال جمهور العلماء في معنى هذا الحديث: المراد بالسمن هنا كثرة اللحم، ومعناه أنه يكثر فيهم ذلك، وليس معناه، أن يتمحضوا سمانا، قالوا: والمذموم منه من يستكسبه، وأما من هو فيه خلقة فلا يدخل في هذا، والمتكسب له هو المتوسع في المأكول والمشروب، زائدا على المعتاد، وقيل: المراد بالسمن هنا أنهم يتكثرون بما ليس فيهم، ويدعون ما ليس لهم من الشرف، وغيره، وقيل: المراد جمعهم الأموال بحرص وطغيان
 
الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين هم الذين حموا دعوة الإسلام، وحملوها ونشروها، وكان لهم الفضل الأول والأكبر في تحمل أعبائها وأخطار الدفاع عنها ونشرها، باعوا أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، يقاتلون في سبيل الله، فيقتلون ويقتلون، قاتلوا، وهم قلة، وأنفقوا وبهم خصاصة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "سبق درهم ألف درهم" فرجل يملك درهمين أنفق أحدهما في سبيل الله يسبق ألف درهم ينفقها في سبيل الله رجل يملك الملايين. والرسول الكريم يقول: "لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه" يعني ما عادل حفنة من طعام أنفقها أحد الصحابة في صدر الإسلام، بل ما أنفقوا هم قبل فتح مكة وقتالهم قبل فتح مكة أعظم أجرا ودرجة مما أنفقوه بعد الفتح ومما قاتلوه بعد الفتح، مصداقا لقوله تعالى: لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما [النساء: 95] لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير [الحديد: 10] والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين ءاووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم [الأنفال: 74] الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون * يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم [التوبة: 20، 21]
 
بهذا فضل الله الصحابة على غيرهم، وجعلهم خير القرون في هذه الأمة، وجعل التابعين يلونهم في الفضل، وتابعي التابعين يلون التابعين، وهكذا تتوالى الأجيال، وبقدر تمسكها بشريعتها، ودفاعها عن دينها يكون فضلها وسبقها، حتى تصل الأجيال في ضعفها الديني إلى أنهم يخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ويعدون ولا يوفون، ويصابون بالنهم والجري وراء الدنيا وشهواتها، حتى يسمنوا ثم لا يشبعون، ويتسابقون لشهادة الزور والباطل ويحلفون، يأكلون أموالهم بينهم بالباطل ويظلمون، لا يتناهون عن منكر فعلوه، بل يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف، ويصبح المنكر عندهم معروفا، والمعروف منكرا، وأولئك شرار الخلق، وعليهم تقوم الساعة، والعياذ بالله رب العالمين.
 
و الله تعالى اعلم
 
للمزيد
 
 
 
 
 
 
 
 

No comments :

Post a Comment