Saturday, May 24, 2014

1223 - إذا كان جُنْحُ الليل ، أو أمسيتم ، فَكُفُّوا صبيانكم ، فإن الشياطين تنتشر حينئذ ، فإذا ذهب ساعة من الليل فَخَلُّوهُمْ ، فأغلقوا الأبواب واذكروا اسم الله ، فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا ، وَأَوْكُوا قربكم واذكروا اسم الله ، وَخَمِّرُوا آنيتكم واذكروا اسم الله ، ولو أن تعرضوا عليها شيئا ، وأطفئوا مصابيحكم ، صحيح البخاري

إذا كان جُنْحُ الليل ، أو أمسيتم ، فَكُفُّوا صبيانكم ، فإن الشياطين تنتشر حينئذ ،
فإذا ذهب ساعة من الليل فَخَلُّوهُمْ ، فأغلقوا الأبواب واذكروا اسم الله ، فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا ،
وَأَوْكُوا قربكم واذكروا اسم الله ، وَخَمِّرُوا آنيتكم واذكروا اسم الله ، ولو أن تعرضوا عليها شيئا ، وأطفئوا مصابيحكم ، صحيح البخاري
------------------------------------------------
الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5623 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
جُنْحُ الليل: والمعنى : إقباله بعد غروب الشمس ، يقال : جنح الليل اى أقبل
وهو ظلامه ، ويقال : أجنح الليل : أي أقبل ظلامه ، وأصل الجنوح الميل
فَكُفُّوا صبيانكم:  أي امنعوهم من الخروج ذلك الوقت
فإن الشيطان ينتشر: أي جنس الشيطان ، ومعناه أنه يخاف على الصبيان ذلك الوقت من إيذاء الشياطين لكثرتهم حينئذ
لأن الشياطين يكون وقت انتشارها عند أول الليل، ولا ريب أنهم موجودون أيضًا في النهار، ولكن وقت انتشارهم وكثرتهم إنما يكون عند دخول الليل، وحينئذ فقد يتعرضون للأطفال خاصة أنهم ليسوا متحصنين بذكر الله عز وجل كما يتحصن الكبار، فيخشى مضرة الأطفال حينئذ ولذلك أمر النبي - صلى الله عليه وسلم – وأرشد إلى أن نمسك أطفالنا في هذا الوقت
فإذا ذهبت ساعة من العشاء: أي إذا مضت ساعة من الليل فحينئذ يُترك الأطفال فلو خرجوا بعد ذلك فلا حرج ولا مضرة لأن وقت انتشار الشياطين قد ذهب، وفي هذا إرشاد بليغ من النبي - صلى الله عليه وسلم – إلى أن الشيطان قد يقع منه ضرر على بني آدم، وأن العصمة في ذلك تكون بالتحصن بطاعة الله عز وجل وبذكره وبحفظ أطفالنا في هذه الأوقات، وأيضًا برقيتهم كما ثبت عنه - صلوات الله وسلامه عليه – أنه كان يرقي الحسن والحسين: (أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة). وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم – في غير ما حديث أنه أمر بالرقية بل تواتر عنه - صلوات الله وسلامه عليه
فَخَلُّوهُمْ:  أي لا تمنعوهم من الدخول والخروج
وأوكوا: الوكاء هو ما يشد به رأس القربة - و هى الوعاء الذى يحفظ فيه الماء او المشروبات - لأغلاقها
وخمروا: من التخمير وهو التغطية.
ولو أن تعرضوا: أي إن لم يتيسر التغطية بكمالها فلا أقل من وضع عود على عرض الإناء
وأطفئوا مصابيحكم: جمع مصباح، وذلك لأجل الفأرة، فإنها تضرم على الناس النار فى بيوتهم ، لأن المصابيح قديماً كانت تحتوى على النار فلربما دخل فأر البيت فيصطدم بالمصباح و اهل البيت نيام فيحرق البيت على أهله، وأما القناديل المعلقة في المساجد والبيوت فإن خيف منها أيضاً فتطفأ وإلا فلا
هذا حديث عظيم، بين النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه الآداب الجامعة لمصالح الدنيا والآخرة؛ قال النووي-رحمه الله-: "هذا الحديث فيه جمل من أنواع الخير، والآدب الجامعة لمصالح الآخرة والدنيا، فأمر صلى الله عليه وسلم بهذه الآداب التي هي سبب للسلامة من إيذاء الشيطان، وجعل الله -عز وجل- هذه الأسباب أسبابا للسلامة من إيذائه فلا يقدر على كشف إناء، ولا حل سقاء، ولا فتح باب، ولا إيذاء صبى وغيره؛ إذا وجدت هذه الأسباب".
وقال ابن حجر: "قال ابن الجوزي: إنما خيف على الصبيان في تلك الساعة لأن النجاسة التي تلوذ بها الشياطين موجودة معهم غالباً، والذكر الذي يحرز منهم مفقود من الصبيان غالباً، والشياطين عند انتشارهم يتعلقون بما يمكنهم التعلق به، فلذلك خيف على الصبيان في ذلك الوقت. والحكمة في انتشارهم حينئذ أن حركتهم في الليل أمكن منها لهم في النهار؛ لأن الظلام أجمع للقوى الشيطانية من غيره، وكذلك كل سواد. ولهذا قال في حديث أبي ذر: فما يقطع الصلاة؟ قال: "الكلب الأسود شيطان " أخرجه مسلم.
ويقول البيحاني: "ففي هذا الحديث القصير في جُمَله الطويل في معانيه وما يأمر به، يأمر النبي-صلى الله عليه وسلم- بخمسة أشياء من آداب المبيت، وكلها تعود بالنفع العاجل، والمصلحة الحسية، واتقاء البأس من الجنة والناس، وهي كف الصبيان عند غروب الشمس، وإغلاق أبواب البيوت، وتوكية القرب، وتغطية الآنية، وإطفاء المصابيح من أجل أن الشياطين تنتشر عند الغروب، فتعيث فساداً في الأرض، وتصيب الأطفال الذين يعبثون بالحشرات إذا خرجت من أحجارها، ويرمون طيور الليل إذا انبعثت من أوكارها، وتقوم المعارك بينهم في الشوارع وعلى الأبواب إذا اشتغل أهلهم بصلاة المغرب وتدبير المنازل، وقد يلعبون بالوضف والمزاريق والكرة والقلة والخذروف فيصيبون بها وجوه المارة وأعينهم، ويدفعها الشيطان بأيديهم إلى حيث يكون الخطر، ويحصل الضرر.
فينبغي كفهم والمحافظة عليهم في تلك الساعة، ساعة المغرب، وسيغلبهم النوم بعد ذلك، فإن كانوا صغاراً استراحوا وأراحوا، وإن كانوا كباراً اشتغلوا بالصلاة والعشاء ومطالعة دروسهم، أو استمعوا لأحاديث آبائهم التي يعرفون بها الماضي ويستعدون بها للمستقبل..
وحفظ البيوت بإغلاق أبوابها، يرد عنها شياطين السراق الذين يستترون بالظلام فيدخلون المنازل مع الصبيان والبهائم وحين يغفل سكانها.
وإذا ذكر اسم الله وأغلق الباب فقد حفظ الإنسان نفسه، وأحرز ماله حساً ومعنى وقالت شياطين ا لجن بعضهم لبعض: لا مبيت لكم هاهنا ولا عشاء، ومهما تكن قوة الأبواب، وإحكام إقفالها، فلابد من التسمية التي يدفع الله بها من البأس ما لا يدفع بها بالمسامير والغلق، والشيطان لا يفتح باباً مغلقاً إلا السارق الذي بضاعته المفاتيح المختلفة والمبرد والمنشار، وآلة النقب والحفر، فيخذله الله ويخيب آماله بالتعاويذ والتحصن بالتسمية وذكر الله، فإذا جاء فزعن وإن حاول الدخول لم يجد الفرصة، يحس به الجار، ويزعجه المار، ويستيقظ النائم، فيعود بخفي حنين، أو يقبض عليه فيكتف ويضرب، وتجازيه بما يستحق.
والمبعوث بسعادة الدنيا والآخرة، وحفظ النفوس والأموال يأمر باتخاذ الأسباب في طلب الخير، والابتعاد عن المكروه بتوكية الأسقية، وتغطية الآنية، فلا يفسدها الهواء، ولا تدخلها الحشرات
وقال الإمام النووي رحمه الله :
هذا الحديث فيه جمل من أنواع الخير والأدب الجامعة لمصالح الآخرة والدنيا ، فأمر صلى الله عليه وسلم بهذه الآداب التي هي سبب للسلامة من إيذاء الشيطان ، وجعل الله عز وجل هذه الأسباب أسبابا للسلامة من إيذائه ، فلا يقدر على كشف إناء ، ولا حل سقاء ، ولا فتح باب ، ولا إيذاء صبي وغيره إذا وجدت هذه الأسباب ، وهذا كما جاء في الحديث الصحيح أن العبد إذا سمى عند دخول بيته قال الشيطان : ( لا مبيت ) أي : لا سلطان لنا على المبيت عند هؤلاء ، وكذلك إذا قال الرجل عند جماع أهله : ( اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ) كان سبب سلامة المولود من ضرر الشيطان ، وكذلك شبه هذا مما هو مشهور في الأحاديث الصحيحة .
وفى هذا الحديث الحث على ذكر الله تعالى في هذه المواضع ، ويلحق بها ما في معناها ، قال أصحابنا : يستحب أن يذكر اسم الله تعالى على كل أمر ذي بال ، وكذلك يحمد الله تعالى في أول كل أمر ذي بال ، للحديث الحسن المشهور فيه
و الله تعالى اعلم
للمزيد

No comments :

Post a Comment