Wednesday, January 22, 2014

905 - حديث تميم الدارى عن الجساسة و المسيح الدجال

 
أنه سأل فاطمة بنت قيس ، أخت الضحاك بن قيس . وكانت من المهاجرات الأول .
فقال : حدثيني حديثا سمعتيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم . لا تسنديه إلى أحد غيره .
فقالت : لئن شئت لأفعلن .
فقال لها : أجل . حدثيني .
فقالت : نكحت ابن المغيرة . وهو من خيار شباب قريش يومئذ . فأصيب في أول الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فلما تأيمت خطبني عبدالرحمن بن عوف ، في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وخطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم على مولاه أسامة بن زيد .
وكنت قد حُدثت ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من أحبني فليحب أسامة
فلما كلمني رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : أمري بيدك . فأنكحني من شئت .
فقال: انتقلي إلى أم شريك ، وأم شريك امرأة غنية ، من الأنصار . عظيمة النفقة في سبيل الله . ينزل عليها الضيفان .
فقلت : سأفعل .
فقال: لا تفعلي . إن أم شريك امرأة كثيرة الضيفان . فإني أكره أن يسقط عنك خمارك ، أو ينكشف الثوب عن ساقيك ، فيرى القوم منك بعض ما تكرهين .
ولكن انتقلي إلى ابن عمك ، عبدالله بن عمرو بن أم مكتوم ، ( وهو رجل من بني فهر ، فهر قريش وهو من البطن الذي هي منه )
فانتقلت إليه .
فلما انقضت عدتي سمعت نداء المنادي ، منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي : الصلاة جامعة .
فخرجت إلى المسجد . فصليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فكنت في صف النساء التي تلي ظهور القوم .
فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته ، جلس على المنبر وهو يضحك .
فقال: ليلزم كل إنسان مصلاه .
ثم قال: أتدرون لما جمعتكم ؟
قالوا : الله ورسوله أعلم .
قال: إني ، والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة .
ولكن جمعتكم ، لأن تميما الداري ، كان رجلا نصرانيا ، فجاء فبايع وأسلم . وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال .
حدثني ؛ أنه ركب في سفينة بحرية ، مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام . فلعب بهم الموج شهرا في البحر .
ثم أرفؤا إلى جزيرة في البحر حتى مغرب الشمس . فجلسوا في أقرب السفينة .
فدخلوا الجزيرة . فلقيتهم دابة أهلب كثير الشعر . لا يدرون ما قبله من دبره . من كثرة الشعر .
فقالوا : ويلك ما أنت ؟
فقالت : أنا الجساسة .
قالوا : وما الجساسة ؟
قالت : أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير . فإنه إلى خبركم بالأشواق .
قال : لما سمت لنا رجلا فرقنا منها أن تكون شيطانة .
قال: فانطلقنا سراعا . حتى دخلنا الدير .
فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقا . وأشده وثاقا . مجموعة يداه إلى عنقه ، ما بين ركبتيه إلى كعبيه ، بالحديد .
قلنا : ويلك ما أنت ؟
قال : قد قدرتم على خبري . فأخبروني ما أنتم ؟
قالوا : نحن أناس من العرب . ركبنا في سفينة بحرية . فصادفنا البحر حين اغتلم . فلعب بنا الموج شهرا . ثم أرفأنا إلى جزيرتك هذه . فجلسنا في أقربها . فدخلنا الجزيرة .
فلقيتنا دابة أهلب كثير الشعر . لا يدري ما قبله من دبره من كثرة الشعر . فقلنا : ويلك ما أنت ؟ فقالت : أنا الجساسة . قلنا وما الجساسة ؟ قالت : اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير . فإنه إلى خبركم بالأشواق . فأقبلنا إليك سراعا . وفزعنا منها . ولم نأمن أن تكون شيطانة .
فقال : أخبروني عن نخل بيسان .
قلنا : عن أي شأنها تستخبر ؟
قال : أسألكم عن نخلها ، هل يثمر ؟
قلنا له : نعم .
قال : أما إنه يوشك أن لا تثمر .
قال : أخبروني عن بحيرة الطبرية .
قلنا : عن أي شأنها تستخبر ؟
قال : هل فيها ماء ؟
قالوا : هي كثيرة الماء .
قال : أما إن ماءها يوشك أن يذهب .
قال : أخبروني عن عين زغر .
قالوا : عن أي شأنها تستخبر ؟
قال : هل في العين ماء ؟ وهل يزرع أهلها بماء العين ؟
قلنا له : نعم . هي كثيرة الماء ، وأهلها يزرعون من مائها .
قال : أخبروني عن نبي الأميين ما فعل ؟
قالوا : قد خرج من مكة ونزل يثرب .
قال : أقاتله العرب ؟
قلنا : نعم .
قال : كيف صنع بهم ؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه .
قال لهم : قد كان ذلك ؟ قلنا : نعم .
قال : أما إن ذلك خير لهم أن يطيعوه . وإني مخبركم عني .
إني أنا المسيح . وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج .
فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة .
غير مكة وطيبة . فهما محرمتان علي . كلتاهما .
كلما أردت أن أدخل واحدة ، أو واحدا منهما ، استقبلني ملك بيده السيف صلتا . يصدني عنها .
وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها .
قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وطعن بمخصرته في المنبر: هذه طيبة . هذه طيبة . هذه طيبة
- يعني المدينة -
ألا هل كنت حدثتكم ذلك ؟
فقال الناس : نعم .
فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة .
ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمن . لا بل من قبل المشرق ، ما هو .
من قبل المشرق ، ما هو .
من قبل المشرق ، ما هو
وأومأ بيده إلى المشرق .
قالت : فحفظت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صحيح مسلم
 
------------------------------------------------
الراوي: فاطمة بنت قيس المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2942 خلاصة حكم المحدث: صحيح
------------------------------------------------
الشرح:
 
 نُكِحْت اِبْن الْمُغِيرَة: اى تزوجته
 
هُوَ مِنْ خِيَار شَبَاب قُرَيْش يَوْمئِذٍ: اى من افضلهم
 
فَأُصِيبَ فِي أَوَّل الْجِهَاد مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَلَمَّا تَأَيَّمْت خَطَبَنِي عَبْد الرَّحْمَن: ‏مَعْنَى ( تَأَيَّمْت ) صِرْت أَيِّمًا , وَهِيَ الَّتِي لَا زَوْج لَهَا
ال العلماء : قولها :
 فأصيب: ليس معناه أنه قتل في الجهاد مع النبي صلى الله عليه وسلم وتأيمت بذلك , إنما تأيمت بطلاقه البائن كما ذكره مسلم في الطريق الذي بعد هذا , وكذا ذكره في كتاب الطلاق , وكذا ذكره المصنفون في جميع كتبهم .
فالواقع أنه طلقها طلاقا بائنا ففي ملحق الرواية "قالت طلقني بعلي ثلاثا"
 وقد اختلفوا في وقت وفاته فقيل : توفي مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه عقب طلاقها باليمن , حكاه ابن عبد البر .
 وقيل : بل عاش إلى خلافة عمر رضي الله عنه , حكاه البخاري في التاريخ .
 وإنما معنى قولها : فأصيب أي بجراحة , أو أصيب في ماله , أو نحو ذلك هكذا تأوله العلماء .
‏قال القاضي : إنما أرادت بذلك عد فضائله , فابتدأت بكونه خير شباب قريش , ثم ذكرت الباقي
 
مولاه: اى تابعه او عبده و يطلق على العبد المحرر
 
عبدالله بن عمرو بن أم مكتوم: و كان رجلاً كفيفاً و قريباً لها
 
وهو من البطن الذي هي منه: اى من نفس القبيلة
 
 الصَّلَاة جَامِعَة: ظاهره أن الْخُطْبَة كَانَتْ فِي نَفْس الْعِدَّة , وليس كذلك إنما كانت بعد انقضائها كما صرح به في الأحاديث السابقة في كتاب الطلاق
 
 
ولكن جمعتكم لأن تميما الداري كان رجلا نصرانيا فجاء فبايع وأسلم وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن مسيح الدجال: "تميم الداري" ينسب إلى الدار وهو بطن من لخم كان إسلامه سنة تسع من الهجرة وكان يسكن المدينة ثم انتقل منها إلى الشام بعد قتل عثمان رحمه الله تعالى
 
قوله صلى الله عليه وسلم "عن تميم الداري : حدثني أنه ركب سفينة": ‏
‏هذا معدود في مناقب تميم لأن النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه هذه القصة .
 ‏‏وفيه رواية الفاضل عن المفضول , ورواية المتبوع عن تابعه .
 ‏وفيه قبول خبر الواحد
 
لخم ‏ ‏وجذام: اسماء قبائل
 
 ثُمَّ أَرْفَئُوا إِلَى جَزِيرَة: أي التجئوا إليها
 
فجلسوا في أقرب السفينة: هو بضم الراء وهي سفينة صغيرة تكون مع الكبيرة كالجنيبة يتصرف فيها ركاب السفينة لقضاء حوائجهم , الجمع قوارب , والواحد قارب بكسر الراء وفتحها , وجاء هنا ( أَقْرَب ) , وهو صحيح لكنه خلاف القياس .
 وقيل : المراد بأقرب السفينة أخرياتها , وما قرب منها للنزول
والمعنى لجئوا إلى الشاطئ بسفينتهم فجلسوا في القوارب الصغيرة واتجهوا بها إلى الشاطئ فنزلوا منها إلى الجزيرة
 
دَابَّة أَهْلَب: كثير الشعر , الأهلب غليظ الشعر كثيره
 
فقالوا ويلك ما أنت: التعبير بـ "ما" التي لغير العاقل لجهلهم بحقيقته
 
فقالت أنا الْجَسَّاسَةُ قالوا وما الْجَسَّاسَةُ:  قيل سميت بذلك لتجسسها الأخبار للدجال وجاء عن عبد الرحمن بن عمرو بن العاص أنها دابة الأرض المذكورة في القرآن
 
قالت أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق: "الدير" بفتح الدال مكان عبادة النصارى والإشارة إلى رجل في الدير والمعنى أنه في شوق شديد إلى أن يسمع منكم أخبار النبي وأخبار العرب
 
فَرِقْنَا: أَي خِفْنَا
 
 
قال لما سمت لنا رجلا فرقنا منها أن تكون شيطانة: أي لما أحالتنا إلى رجل ووصفت لنا مكانه خفنا منها أن تكون مضللة لنا شأن الشياطين يستهوون الناس في الأرض يحيرونهم
 
دخلنا الدير فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقا: أي ضخم الجسم
 
وأشده وثاقا: أي أشد المربوطين رباطا
 
قد قدرتم على خبري: أي قد وقفتم الآن على خبري وحالي فعرفتم اننى مقيد و انى لن اذهب ، فاخبرونى خبركم اولاً فاخبركم بخبرى
 
صَادَفْنَا الْبَحْر حِين اِغْتَلَمَ: ي هاج وجاوز حده المعتاد , وقال الكسائي : الاغتلام أن يتجاوز الإنسان ما حد له من الخير والمباح
 
فقال أخبروني عن نخل بيسان: منطقة في جزيرة العرب
 
عَيْن زُغَر: وهي بلدة معروفة في الجانب القبلي من الشام
  
إني أنا المسيح: أي الدجال ،  قيل له مسيح لمسحه الأرض وقطعه لها، وقيل لأنه ممسوح العين الواحدة كأن عينه عنبة طافية، وقد يحتمل أن يكون ممسوح الأخمص أيضاً
 
وطعن بِمِخْصَرَتِهِ في المنبر: المخصرة بكسر الميم وسكون الخاء اسم الآلة التي يتكئ عليها كالعصا
 
طِيبَة: ‏فَهِيَ الْمَدِينَة , وَتُقَال لَهَا أَيْضًا ( طَابَة )
 
 بِيَدِهِ السَّيْف صَلْتًا: أَيْ مَسْلُولًا
 
 مِنْ قِبَل الْمَشْرِق مَا هُوَ: قال القاضي لفظة "ما هو" زائدة صلة للكلام ليست بنافية , والمراد إثبات أنه في جهات المشرق
 
و الله تعالى اعلم
 
للمزيد
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

No comments :

Post a Comment