Monday, January 20, 2014

898 - قال أناس : يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال : هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب . قالوا : لا يا رسول الله ، قال : هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب . قالوا : لا يا رسول الله ، قال : فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك

 
 قال أناس : يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟
فقال : هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب .
قالوا : لا يا رسول الله ،
قال : هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب .
قالوا : لا يا رسول الله ،
قال : فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك ، يجمع الله الناس ،
فيقول : من كان يعبد شيئا فليتبعه ، فيتبع من كان يعبد الشمس ، ويتبع من كان يعبد القمر ، ويتبع من كان يعبد الطواغيت ،
وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها ، فيأتيهم الله في غيرالصورة التي يعرفون ،
فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : نعوذ بالله منك ، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا ، فإذا أتانا ربنا عرفناه ، فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون ،
فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : أنت ربنا فيتبعونه ، ويضرب جسر جهنم ،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأكون أول من يجيز ،
ودعاء الرسل يومئذ : اللهم سلم سلم . وبه كلاليب مثل شوك السعدان ، أما رأيتم شوك السعدان .
قالوا : بلى يا رسول الله ،
قال : فإنها مثل شوك السعدان ، غير أنها لا يعلم قدر عظمها إلا الله ، فتخطف الناس بأعمالهم ، منهم الموبق بعمله ومنهم المخردل ، ثم ينجو ،
حتى إذا فرغ الله من القضاء بين عباده ، وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يخرج ، ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله ،
أمر الملائكة أن يخرجوهم ، فيعرفونهم بعلامة آثار السجود ، وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود ، فيخرجونهم قد امتحشوا ، فيصب عليهم ماء يقال له ماء الحياة ، فينبتون نبات الحبة في حميل السيل ،
ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار ، فيقول : يا رب ، قد قشبني ريحها ، وأحرقني ذكاؤها ، فاصرف وجهي عن النار ، فلا يزال يدعو الله ،
فيقول : لعلك إن أعطيتك أن تسألني غيره ،
فيقول : لا وعزتك لا أسألك غيره ، فيصرف وجهه عن النار ،
ثم يقول بعد ذلك : يا رب قربني إلى باب الجنة ،
فيقول : أليس قد زعمت أن لا تسألني غيره ، ويلك ابن آدم ما أغدرك ، فلا يزال يدعو ،
فيقول : لعلي إن أعطيتك ذلك تسألني غيره ،
فيقول : لا وعزتك لا أسألك غيره ، فيعطي الله من عهود ومواثيق أن لا يسأله غيره ، فيقربه إلى باب الجنة ، فإذا رأى ما فيها سكت ما شاء الله أن يسكت ،
ثم يقول : رب أدخلني الجنة ،
ثم يقول : أوليس قد زعمت أن لا تسألني غيره ، ويلك يا ابن آدم ما أغدرك ،
فيقول : يا رب لا تجعلني أشقى خلقك ، فلا يزال يدعو حتى يضحك ، فإذا ضحك منه أذن له بالدخول فيها ،
فإذا دخل فيها قيل : تمن من كذا ، فيتمنى ، ثم يقال له : تمن من كذا ، فيتمنى ، حتى تنقطع به الأماني ،
فيقول له : هذا لك ومثله معه .
قال أبو هريرة : وذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولا .
قال : وأبو سعيد الخدري جالس مع أبي هريرة لا يغير عليه شيئا من حديثه ، حتى انتهى إلى قوله : هذا لك ومثله معه .
قال أبو سعيد : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : هذا لك وعشرة أمثاله .
قال أبو هريرة: حفظت مثله معه ، صحيح البخاري
 
------------------------------------------------
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6573 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
 
 هل نرى ربنا يوم القيامة: ‏
‏في التقييد بيوم القيامة إشارة إلى أن السؤال لم يقع عن الرؤية في الدنيا .
 وقد أخرج مسلم من حديث أبي أمامة " واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا "
 
هَلْ تُضَارُّونَ: مِنْ الضَّرَر
 أَيْ لَا تَضُرُّونَ أَحَدًا وَلَا يَضُرُّكُمْ بِمُنَازَعَةٍ وَلَا مُجَادَلَةٍ وَلَا مُضَايِقَةٍ , وَجَاءَ بِتَخْفِيفِ الرَّاء مِنْ الضَّيْرِ وَهُوَ لُغَة فِي الضُّرّ أَيْ لَا يُخَالِف بَعْض بَعْضًا فَيُكَذِّبهُ وَيُنَازِعهُ فَيُضِيرهُ بِذَلِكَ , يُقَال ضَارَّهُ يُضِيرهُ , وَقِيلَ الْمَعْنَى لَا تَضَايَقُونَ أَيْ لَا تَزَاحَمُونَ
 
 ترونه كذلك: ‏‏المراد تشبيه الرؤية بالرؤية في الوضوح وزوال الشك ورفع المشقة والاختلاف
 
 قال النووي : مذهب أهل السنة أن رؤية المؤمنين ربهم ممكنة ونفتها المبتدعة من المعتزلة والخوارج , وهو جهل منهم , فقد تضافرت الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة وسلف الأمة على إثباتها في الآخرة للمؤمنين , وأجاب الأئمة عن اعتراضات المبتدعة بأجوبة مشهورة , ولا يشترط في الرؤية تقابل الأشعة ولا مقابلة المرئي وإن جرت العادة بذلك فيما بين المخلوقين والله أعلم
 
يَجْمَع اللَّه النَّاس:  قال النووي : الصعيد الأرض الواسعة المستوية , وينفذهم بفتح أوله وسكون النون وضم الفاء بعدها ذال معجمة أي يخرقهم بمعجمة وقاف حتى يجوزهم , وقيل بالدال المهملة أي يستوعبهم , قال أبو عبيدة : معناه ينفذهم بصر الرحمن حتى يأتي عليهم كلهم , وقال غيره : المراد بصر الناظرين وهو أولى .
 وقال القرطبي المعنى أنهم يجمعون في مكان واحد بحيث لا يخفى منهم أحد بحيث لو دعاهم داع لسمعوه ولو نظر إليهم ناظر لأدركهم , قال : ويحتمل أن يكون المراد بالداعي هنا من يدعوهم إلى العرض والحساب لقوله
 يوم يدع الداع: وقد تقدم بيان حال الموقف في " باب الحشر " وزاد العلاء بن عبد الرحمن في روايته " فيطلع عليهم رب العالمين " قال ابن العربي : لم يزل الله مطلعا على خلقه , وإنما المراد إعلامه باطلاعه عليهم حينئذ , ووقع في حديث ابن مسعود عند البيهقي في البعث وأصله في النسائي " إذا حشر الناس قاموا أربعين عاما شاخصة أبصارهم إلى السماء لا يكلمهم والشمس على رءوسهم حتى يلجم العرق كل بر منهم وفاجر
 
فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس , ومن كان يعبد القمر القمر: قال ابن أبي جمرة : في التنصيص على ذكر الشمس والقمر مع دخولهما فيمن عبد دون الله التنويه بذكرهما لعظم خلقهما
 
ومن كان يعبد الطواغيت: الطواغيت جمع طاغوت وهو الشيطان والصنم ، وقال الطبري : الصواب عندي أنه كل طاغ طغى على الله يعبد من دونه إما بقهر منه لمن عبد وإما بطاعة ممن عبد إنسانا كان أو شيطانا أو حيوانا أو جمادا , قال فاتباعهم لهم حينئذ باستمرارهم على الاعتقاد فيهم , ويحتمل أن يتبعوهم بأن يساقوا إلى النار قهرا
 
وتبقى هذه الأمة: قال ابن أبي جمرة : يحتمل أن يكون المراد بالأمة أمة محمد صلى الله عليه وسلم , ويحتمل أن يحمل على أعم من ذلك فيدخل فيه جميع أهل التوحيد حتى من الجن , ويدل عليه ما في بقية الحديث أنه يبقى من كان يعبد الله من بر وفاجر .
 قلت : ويؤخذ أيضا من قوله في بقية الحديث " فأكون أول من يجيز " فإن فيه إشارة إلى أن الأنبياء بعده يجيزون أممهم
 
ويضرب جسر جهنم: فيقع الإذن بنصب الصراط فيقع الامتحان بالسجود ليتميز المنافق من المؤمن ثم يجوزون على الصراط .
 ووقع في حديث أبي سعيد هنا " ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة ويقولون : اللهم سلم سلم "
 
فَأَكُون أَنَا وَأُمَّتِي أَوَّل مَنْ يُجِيز : الضمير لجهنم .
 قال الأصمعي : جاز الوادي مشى فيه , وأجازه قطعه , وقال غيره : جاز وأجاز بمعنى واحد .
 وقال النووي : المعنى أكون أنا وأمتي أول من يمضي على الصراط ويقطعه , يقول جاز الوادي وأجازه إذا قطعه وخلفه .
 وقال القرطبي : يحتمل أن تكون الهمزة هنا للتعدية لأنه لما كان هو وأمته أول من يجوز على الصراط لزم تأخير غيرهم عنهم حتى يجوز , فإذا جاز هو وأمته فكأنه أجاز بقية الناس
 
 وَبِهِ كَلَالِيب: اى خطاطيف ،  قال القاضي أبو بكر بن العربي : هذه الكلاليب هي الشهوات
 
مِثْل شَوْك السَّعْدَان:  وَالسَّعْدَان جَمْع سَعْدَانَة وَهُوَ نَبَات ذُو شَوْك يُضْرَب بِهِ الْمِثْل فِي طِيب مَرْعَاهُ قَالُوا : مَرْعًى وَلَا كَالسَّعْدَانِ
 
غير أنها لا يعلم قدر عظمها إلا الله: ‏أي الشوكة
 
 فَتَخْطِف النَّاس بِأَعْمَالِهِمْ: قال الزين بن المنير : تشبيه الكلاليب بشوك السعدان خاص بسرعة اختطافها وكثرة الانتشاب فيها مع التحرز والتصون تمثيلا لهم بما عرفوه في الدنيا وألفوه بالمباشرة
 
مِنْهُمْ الْمُوبَق بِعَمَلِهِ: بِمَعْنَى الْهَلَاك
 
وَمِنْهُمْ الْمُخَرْدَل: أي هو قطع , ويحتمل أن يكون من الخردل أي جعلت أعضاؤه كالخردل , وقيل معناه أنها تقطعهم عن لحوقهم بمن نجا , وقيل المخردل المصروع
 
 ثُمَّ يَنْجُو:  قال ابن أبي جمرة : يؤخذ منه أن المارين على الصراط ثلاثة أصناف : ناج بلا خدوش , وهالك من أول وهلة , ومتوسط بينهما يصاب ثم ينجو .
 وكل قسم منها ينقسم أقساما تعرف بقوله " بقدر أعمالهم "
 
فَيَعْرِفُونَهُمْ بِعَلَامَةِ آثَار السُّجُود: قال الزين بن المنير : تعرف صفة هذا الأثر مما ورد في قوله سبحانه وتعالى: ( سيماهم في وجوههم من أثر السجود)
لأن وجوههم لا تؤثر فيها النار فتبقى صفتها باقية .
 وقال غيره : بل يعرفونهم بالغرة , وفيه نظر لأنها مختصة بهذه الأمة والذين يخرجون أعم من ذلك
 
 وَحَرَّمَ اللَّه عَلَى النَّار أَنْ تَأْكُل مِنْ اِبْن آدَم أَثَرَ السُّجُودِ: ‏هو جواب عن سؤال مقدر تقديره كيف يعرفون أثر السجود
 
اِمْتَحَشُوا: أي احترقوا , والمحش احتراق الجلد وظهور العظم
 
فَيَنْبُتُونَ نَبَات الْحِبَّةِ: أَمَّا الْحَبَّة بِفَتْحِ أَوَّله وَهُوَ مَا يَزْرَعهُ النَّاس فَجَمْعهَا حُبُوب
 
فِي حَمِيل السَّيْل: أَيْ مَا يَحْمِلهُ السَّيْل ، والمراد أن الغثاء الذي يجيء به السيل يكون فيه الحبة فيقع في جانب الوادي فتصبح من يومها نابتة
 
قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا:  قال الخطابي : قشبه الدخان إذا ملأ خياشيمه وأخذ يكظمه , وأصل القشب خلط السم بالطعام يقال قشبه إذا سمه , ثم استعمل فيما إذا بلغ الدخان والرائحة الطيبة منه غايته .
 وقال النووي : معنى قشبني سمني وآذاني وأهلكني , هكذا قاله جماهير أهل اللغة .
 وقال الداودي : معناه غير جلدي وصورتي
 
 يا رب لا تجعلني أشقى خلقك: ‏
‏المراد بالخلق هنا من دخل الجنة , فهو لفظ عام أريد به خاص , ومراده أنه يصير إذا استمر خارجا عن الجنة أشقاهم , وكونه أشقاهم ظاهر لو استمر خارج الجنة وهم من داخلها , قال الطيبي : معناه يا رب قد أعطيت العهد والميثاق ولكن تفكرت في كرمك ورحمتك فسألت
 
و الله تعالى اعلم
 
للمزيد
 
 
 
 
 
 
 

No comments :

Post a Comment