Wednesday, January 22, 2014

902 - جاء حبر من اليهود فقال : إنه إذا كان يوم القيامة ، جعل الله السماوات على إصبع ، والأرضين على إصبع ، والماء والثرى على إصبع ، والخلائق على إصبع ، ثم يهزهن ، ثم يقول : أنا الملك أنا الملك ، فلقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يضحك حتى بدت نواجذه ، تعجبا وتصديقا لقوله ، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : { وما قدروا الله حق قدره - إلى قوله - يشركون }

 
عن عبدالله بن مسعود: جاء حبر من اليهود فقال :
إنه إذا كان يوم القيامة ، جعل الله السماوات على إصبع ،
والأرضين على إصبع ،
والماء والثرى على إصبع ،
والخلائق على إصبع ،
ثم يهزهن ،
ثم يقول : أنا الملك أنا الملك ،
فلقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يضحك حتى بدت نواجذه ، تعجبا وتصديقا لقوله ،
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : { وما قدروا الله حق قدره - إلى قوله - يشركون } ، صحيح البخاري
 
------------------------------------------------
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7513 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
 
جاء حبر: بفتح الحاء وكسرها، وهو العالم من علماء اليهود
 
جعل الله السماوات على إصبع:  فهذا يدل على إثبات الأصابع لله عز وجل ، كما يليق بجلال الله وعظمته
 
حتى بدت نواجذه: وهو ما يظهر عند الضحك من الأسنان وقيل هي الأنياب وقيل الأضراس وقيل الدواخل من الأضراس التي في أقصى الحلق
 
قال ابن بطال لا يحمل ذكر الإصبع على الجارحة بل يحمل على أنه صفة من صفات الذات لا تكيف ولا تحدد " وهذا ينسب للأشعري " وعن ابن فورك يجوز أن يكون الإصبع خلقا يخلقه الله فيحمله الله ما يحمل الإصبع ، ويحتمل أن يراد به القدرة والسلطان ، كقول القائل ما فلان إلا بين إصبعي إذا أراد الإخبار عن قدرته عليه ، وأيد ابن التين الأول بأنه قال على إصبع ولم يقل على إصبعيه ،
قال ابن بطال : وحاصل الخبر أنه ذكر المخلوقات وأخبر عن قدرة الله على جميعها فضحك النبي صلى الله عليه وسلم تصديقا له وتعجبا من كونه يستعظم ذلك في قدرة الله تعالى ، وأن ذلك ليس في جنب ما يقدر عليه بعظيم ، ولذلك قرأ قوله تعالى ( وما قدروا الله حق قدره ) الآية أي ليس قدره في القدرة على ما يخلق على الحد الذي ينتهي إليه الوهم ، ويحيط به الحصر ؛ لأنه تعالى يقدر على إمساك مخلوقاته على غير شيء كما هي اليوم ، قال تعالى ( إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ) وقال ( رفع السماوات بغير عمد ترونها )
 وقال الخطابي لم يقع ذكر الإصبع في القرآن ولا في حديث مقطوع به ، وقد تقرر أن اليد ليست بجارحة حتى يتوهم من ثبوتها ثبوت الأصابع بل هو توقيف أطلقه الشارع فلا يكيف ولا يشبه ، ولعل ذكر الأصابع من تخليط اليهودي ، فإن اليهود مشبهة وفيما يدعونه من التوراة ألفاظ تدخل في باب التشبيه ولا تدخل في مذاهب المسلمين ، وأما ضحكه صلى الله عليه وسلم من قول الحبر فيحتمل الرضا والإنكار ، وأما قول الراوي " تصديقا " له فظن منه وحسبان ، وقد جاء الحديث من عدة طرق ليس فيها هذه الزيادة ، وعلى تقدير صحتها فقد يستدل بحمرة الوجه على الخجل ، وبصفرته على الوجل ، ويكون الأمر بخلاف ذلك ، فقد تكون الحمرة لأمر حدث في البدن كثوران الدم ، والصفرة لثوران خلط من مرار وغيره ، وعلى تقدير أن يكون ذلك محفوظا فهو محمول على تأويل قوله تعالى ( والسماوات مطويات بيمينه ) أي قدرته على طيها ، وسهولة الأمر عليه في جمعها بمنزلة من جمع شيئا في كفه واستقل بحمله من غير أن يجمع كفه عليه بل يقله ببعض أصابعه ، وقد جرى في أمثالهم فلان يقل - كذا - بإصبعه ويعمله بخنصره انتهى ملخصا ،
وقد تعقب بعضهم إنكار ورود الأصابع لوروده في عدة أحاديث كالحديث الذي أخرجه مسلم " إن قلب ابن آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن " ولا يرد عليه ؛ لأنه إنما نفى القطع ،
قال القرطبي في المفهم قوله " إن الله يمسك " إلى آخر الحديث ، هذا كله قول اليهودي وهم يعتقدون التجسيم وأن الله شخص ذو جوارح كما يعتقده غلاة المشبهة من هذه الأمة ، وضحك النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو للتعجب من جهل اليهودي ، ولهذا قرأ عند ذلك ( وما قدروا الله حق قدره ) أي ما عرفوه حق معرفته ولا عظموه حق تعظيمه فهذه الرواية هي الصحيحة المحققة ،
وأما من زاد " وتصديقا له " فليست بشيء فإنها من قول الراوي وهي باطلة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يصدق المحال وهذه الأوصاف في حق الله محال ؛ إذ لو كان ذا يد وأصابع وجوارح كان كواحد منا فكان يجب له من الافتقار والحدوث والنقص والعجز ما يجب لنا ، ولو كان كذلك لاستحال أن يكون إلها إذ لو جازت الإلهية لمن هذه صفته لصحت للدجال وهو محال ، فالمفضي إليه كذب فقول اليهودي كذب ومحال ، ولذلك أنزل الله في الرد عليه ( وما قدروا الله حق قدره ) وإنما تعجب النبي صلى الله عليه وسلم من جهله فظن الراوي أن ذلك التعجب تصديق وليس كذلك ، فإن قيل قد صح حديث " إن قلوب بني آدم بين إصبعين من أصابع الرحمن " 

فالجواب أنه إذا جاءنا مثل هذا في الكلام الصادق تأولناه أو توقفنا فيه إلى أن يتبين وجهه مع القطع باستحالة ظاهره لضرورة صدق من دلت المعجزة على صدقه ، وأما إذا جاء على لسان من يجوز عليه الكذب بل على لسان من أخبر الصادق عن نوعه بالكذب والتحريف كذبناه وقبحناه ،
ثم لو سلمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم صرح بتصديقه لم يكن ذلك تصديقا له في المعنى بل في اللفظ الذي نقله من كتابه عن نبيه ، ونقطع بأن ظاهره غير مراد انتهى ملخصا . وهذا الذي نحا إليه أخيرا أولى مما ابتدأ به لما فيه من الطعن على ثقات الرواة ورد الأخبار الثابتة ، ولو كان الأمر على خلاف ما فهمه الراوي بالظن للزم منه تقرير النبي صلى الله عليه وسلم على الباطل وسكوته عن الإنكار وحاشا لله من ذلك ، وقد اشتد إنكار ابن خزيمة على من ادعى أن الضحك المذكور كان على سبيل الإنكار ، فقال بعد أن أورد هذا الحديث في " كتاب التوحيد " من صحيحه بطريقه قد أجل الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عن أن يوصف ربه بحضرته بما ليس هو من صفاته فيجعل بدل الإنكار والغضب على الواصف ضحكا ، بل لا يوصف النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الوصف من يؤمن بنبوته
 
و الله تعالى اعلم
 
للمزيد
 
 
 
 
 
 

 

No comments :

Post a Comment