Saturday, January 18, 2014

884 - يا أبا سعيد من رضي بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا ، وجبت له الجنة فعجب لها أبو سعيد فقال : أعدها علي . يا رسول الله ففعل . ثم قال : وأخرى يرفع بها العبد مائة درجة في الجنة . ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ، قال : وما هي ؟ يا رسول الله قال : الجهاد في سبيل الله . الجهاد في سبيل الله

 
يا أبا سعيد من رضي بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد نبيا ، وجبت له الجنة
فعجب لها أبو سعيد فقال : أعدها علي . يا رسول الله ففعل .
ثم قال : وأخرى يرفع بها العبد مائة درجة في الجنة . ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ،
قال : وما هي ؟ يا رسول الله
قال : الجهاد في سبيل الله . الجهاد في سبيل الله ، صحيح مسلم
 
------------------------------------------------
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1884 خلاصة الدرجة: صحيح
------------------------------------------------
الشرح:
 
وأخرى يرفع بها العبد مائة درجة في الجنة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض: قال القاضي عياض - رضي الله عنه - : يحتمل أن هذا على ظاهره ، وأن الدرجات هنا المنازل التي بعضها أرفع من بعض في الظاهر ، وهذه صفة منازل الجنة كما جاء في أهل الغرف أنهم يتراءون كالكوكب الدري ،
ويحتمل أن المراد الرفعة بالمعنى من كثرة النعيم وعظيم الإحسان مما لم يخطر على قلب بشر ، ولا بصفة مخلوق ، وأن أنواع ما أنعم الله به عليه من البر والكرامة يتفاضل تفاضلا كثيرا ، ويكون تباعده في الفضل كما بين السماء والأرض في البعد ،
قال القاضي : والاحتمال الأول أظهر وهو كما قال . والله أعلم
 
الرضا بالله - تعالى - ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا؛ هو جوهر السعادة، وعنوان الفلاح، وبه يجد العبد حلاوة الإيمان؛ كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ذاق طعمَ الإيمان من رضي بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد رسولاً))؛ رواه مسلم
فهذا الحديث العظيم يُثبت أن للإيمان طعمًا حلوًا يجده من حقق هذا الرضا، وكلما امتلأ القلب بهذا الرضا عظمت الحلاوة، وازداد الإيمان.
إنها نعمة - وأيُّ نعمة - أنعم الله - تعالى - بها على المؤمنين، فهداهم للإيمان، ووفقهم للرضى به
 
إن الرضا بالشيء هو القناعة به، فمن رضي بالله - تعالى - ربًّا لم يطلب غيره، ومن رضي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - رسولاً لم يسلك إلا ما يُوافق شريعته، ومن كان كذلك خلصت حلاوة الإيمان إلى قلبه، وذاق طعمه.
والرضا بذلك عام وخاص، فالرضا العام أن لا يتخذ غير الله - تعالى - ربًّا، ولا غير دين الإسلام دينًا، ولا غير محمد - صلى الله عليه وسلم - رسولاً، وهذا الرضا لا يخلو عنه مسلم؛ إذ لا يصح التدين بدين الإسلام إلا بذلك الرضا.
 
وأما الرضا الخاصّ فهو الذي تكلم فيه أرباب القلوب، وأصحاب السلوك، ويحققه العبد إذا لم يكن في قلبه غير الله - تعالى - ولم يكن له همٌّ إلا مرضاته، فيخالف هواه طاعةً لله - تعالى - وقد ذكر المحقّقون من العلماء أنَّ الرضا أعلى منازل التوكل، فمن رَسَخ قدمُه في التوكل والتسليم والتفويض لله - تعالى - حصل له الرضا ولابد، ولكن لعزته، وعدم إجابة أكثر النفوس له، وصعوبته عليها؛ لم يوجبه الله - تعالى - على خلقه؛ رحمة بهم، وتخفيفًا عنهم. لكنَّه - تعالى - ندبهم إليه، وأثنى على أهله، وأخبر أن ثوابه رضاه - تعالى – عنهم، الذي هو أعظم وأكبر وأجلّ من الجنان وما فيها، فمن رضي عن ربه رضي الله عنه، بل إن رضى العبد عن الله ما هو إلا من نتائج رضى الله - تعالى - عنه؛ ولذا كان الرضا باب الله الأعظم، وجنة الدنيا، وفيه جماع الخير كله؛ كما كتب عمر بن الخطاب لأبي موسى - رضي الله عنهما - يقول: "أمَّا بعد: فإن الخير كله في الرضا"
إن مَن رضي بالله - تعالى - ربًّا وجد حلاوةً في طاعته، ولذةً في البعد عن معصيته، ومن رضي بالإسلام دينًا وجد حلاوةً في اتباع الشريعة، والعمل بها، والتحاكم إليها، ومن رضي بالرسول - صلى الله عليه وسلم - رسولاً وجد حلاوة في اتباع سنته، والتزام هديه.
 
ومن كان كذلك فلن يجد مشقة في أداء الفرائض، والمحافظة على النوافل، وكثرة التطوع والذكر؛ لأن لذته في ذلك، ولن يعسر عليه بغض المعاصي والمحرمات، والبعد عنها، وإنكار قلبه لها؛ لأنها تفسد طعم الإيمان الذي يجده، وسبب ذلك كله ما قام في قلبه من كمال الرضا بالله - تعالى - وبدينه وبرسوله - صلى الله عليه وسلم
 
و الله تعالى اعلم
 
للمزيد
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

No comments :

Post a Comment