Tuesday, January 28, 2014

944 - اللهم بعلمك الغيب ، وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي . اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة ، وأسألك كلمة الإخلاص في الرضا والغضب ، وأسألك القصد في الفقر والغنى ، وأسألك نعيما لا ينفد وأسألك قرة عين لا تنقطع ، وأسألك الرضا بالقضاء ، وأسألك برد العيش بعد الموت ، وأسألك لذة النظر إلى وجهك ، والشوق إلى لقائك ، في غير ضراء مضرة ، ولا فتنة مضلة . اللهم زينا بزينة الإيمان ، واجعلنا هداة مهتدين ، صححه الألبانى فى صحيح الجامع

 
اللهم بعلمك الغيب ، وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي ، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي .
اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة ،
وأسألك كلمة الإخلاص في الرضا والغضب ،
وأسألك القصد في الفقر والغنى ،
وأسألك نعيما لا ينفد
وأسألك قرة عين لا تنقطع ،
وأسألك الرضا بالقضاء ،
وأسألك برد العيش بعد الموت ،
وأسألك لذة النظر إلى وجهك ، والشوق إلى لقائك ، في غير ضراء مضرة ، ولا فتنة مضلة .
اللهم زينا بزينة الإيمان ، واجعلنا هداة مهتدين ، صححه الألبانى فى صحيح الجامع
 
------------------------------------------------
الراوي: عمار بن ياسر المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1301 خلاصة حكم المحدث: صحيح
------------------------------------------------
الشرح:
 
القصد: التوسط والاعتدال .
 
نعيماً لا ينفد: أي لا ينقطع ولا ينتهي.
 
قرة عين لا تنقطع: ما تقرّ به العين من لذة وسرور.
 
برد العيش: أصل البرد في الكلام: السهولة.
 
خشيتك: خوف مقترن مع تعظيم.
 
ضراء: عكس السراء, وهي الحال المضرة.
 
فتنة: الاختبار والامتحان
 
اللَّهم بعلمك الغيب: الباء للاستعطاف والتذلّل, أي أنشدك بحق علمك ما خفي على خلقك ، ولم يخف عليك مما استأثرت به, فيه تفويض العبد أموره إلى اللَّه جل شأنه, وطلب الخيرة في أحواله، وشأنه منه جل وعلا, وتوسلاً إليه سبحانه وتعالى بعلمه الذي وسع كل شيء, وأحاط بكل شيء.
 
وبقدرتك على الخلق: توسل لكمال قدرته النافذة على جميع المخلوقات: إنسها، وجنّها، وملائكتها، وهذا توسل بصفة القدرة بعد صفة العلم، أرجَى في قبول الدعاء واستجابته؛ لأن التوسل بأسماء اللَّه وصفاته كما سبق مراراً هو أكبر الوسائل التي يرجى معها استجابة الدعاء.
 
وينبغي أن يعلم أن الحاجات التي يطلبها العبد من اللَّه تعالى نوعان:
 
النوع الأول: ما عُلِم أنه خير محضٍ، كسؤال خشيته من اللَّه تعالى, وطاعته وتقواه، وسؤال الجنة، والاستعاذة من النار, فهذا يطلب من اللَّه تعالى بغير تردد، ولا تعليم بالعلم بالمصلحة؛ لأنه خير محض.
 
النوع الثاني: ما لا يعلم هل هو خير للعبد أم لا، كالموت والحياة، والغنى والفقر، والولد والأهل، وكسائر حوائج الدنيا التي يجهل عواقبها، فهذه لا ينبغي أن يُسأل اللَّه منها إلا ما يعلم فيه الخيرة للعبد؛ لأن العبد جاهل بعواقب الأمور، وقد تضمّن الدعاء في هذا الحديث النوعين معاً؛ فإنه لما سأل الموت والحياة قيّد ذلك بما يعلم اللَّه تعالى أن فيه الخيرة لعبده, ولما سأل الخشية وما بعدها مما هو خير صرف جزم به، ولم يقيّده بشيء
 
ولهذا ينبغي للعبد أن يفقه في باب الدعاء، ما يدعو به؛ لأنه يدعو رب الأرض والسموات، فينبغي أن يتخيَّر لمولاه أجمل الألفاظ، وأحسن المعاني، وأنبل الأماني
 
أحيني ما علمت الحياة خيراً لي: أسألك بأن تحيني حياة طيبة، بأن يغلب خيري على شرّي, بأن أتمسك بشريعتك، متبعاً لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم إذا كانت الحياة خيراً لي, وفي هذا تفويض كامل للَّه تعالى, وتقديم اختياره تعالى على اختيار نفسه, لعجزه، وضعف اختيار العبد لنفسه، فهو عاجز عن تحصيل مصالحه، ودفع مضارّه إلا بما أعانه اللَّه عليه، ويَسَّره له, وفيه كذلك حسن الظن باللَّه جل وعلا بكمال أفعاله، وصفاته المقترنة بكمال الحكمة والعلم والعدل.
 
وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي: بأن تغلب سيئاتي على حسناتي, بأن تقع الفتن والفساد والشر في الدين، ففي هذه الحال يكون الموت خيراً لما فيه من الراحة للمؤمن، والسلامة من البلايا؛ ولهذا جاء النهي في السنة عن تمني الموت لضُر نزل بالعبد لجهله بالعواقب،
ففي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ إِمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ يَزْدَادُ وَإِمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ)).
أي علّة النهي عن تمني الموت بأن العبد إن كان محسناً فحياته يرجى أن يزداد بها إحساناً، وإن كان مسيئاً فإنه يسترضي اللَّه بالإقلاع عن الذنوب، وطلب المغفرة
 
وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة: أي أسألك يا إلهي دوام الخشية مع الخوف في السر والعلن، والظاهر والباطن في حال كوني مع الناس، أو غائباً عنهم، فإن خشيتك رأس كُل خير، فقد مدح اللَّه جل وعلا في عدة آيات من يخشاه بالغيب، قال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ"،
وقال: "مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ"
 
وقد فُسّر الغيب في هذه الآيات بالدنيا؛ لأن أهلها في غيب عما وعدوا به من أمر الآخرة، والموجب لخشية اللَّه تعالى في السر والعلانية، أمور منها:
 
1-قوة الإيمان بوعده ووعيده على المعاصي.
2-النظر في شدة بطشه وانتقامه وقوته وقهره.
3-قوة المراقبة للَّه، والعلم بأنه شاهد ورقيب على قلوب عباده وأعمالهم، وأنه مع عباده، حيث كانوا
 
وأسألك كلمة الحق في الرضى والغضب: وهذا المطلب عزيز جداً يقلّ في واقع العبد، لذلك سأله ربَّه تعالى، وأسألك يا اللَّه النطق بالحق في جميع أحوالي، في حال غضبي، وفي حال رضاي، فلا أداهن في حال رضى الناس وغضبهم عليَّ، ويكون الحق مقصدي في جميع الأحوال
 
وأسألك القصد في الغنى والفقر: وبأن أكون مقتصداً معتدلاً في حال غناي وفقري، فلا أنفق في الغنى بسرف، ولا طغيان، ولا أضيّق في حال فقري خوف نفاد الرزق، كما قال تعالى: "وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا"
والقوام هو القصد، والتوسّط، وفي كل الأمور
 
وأسألك نعيماً لا ينفد: أي أسألك نعيماً لا ينقضي، ولا ينتهي، وليس ذلك إلا نعيم الآخرة
 
وأسألك قرة عين لا تنقطع: وقرة العين هي من جملة النعيم الذي أسأله في الدنيا والآخرة؛ لأن النعيم منه ما هو منقطع، ومنه ما لا ينقطع، فمن قرّت عينه بالدنيا فقُرَّة عينه منقطعة، سروره فيها زائل؛ لأن لذاتها مشوبة بالفجائع والمنغصات، فلا تقرَّ عين المؤمن في الدنيا إلا باللَّه عز وجل وذكره ومحبته والأنس به، والمحافظة على طاعته في الليل والنهار، ومن أعظمها الصلاة،
كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم:((وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ))، وقرّة العين في الآخرة تشمل النعيم في البرزخ، وفي الجنة، وقرّة العين التي لاتنقطع هي التي لا تنتهي، فإنّ من قرَّت عينه باللَّه جلّ وعلا فقد حصلت له قرة عين لا تنقطع في الدنيا، ولا في البرزخ، ولا في الآخرة
 
وأسألك الرضى بعد القضاء: سأل الرضى بعد حلول القضاء؛ لأنه حينئذ تتبين حقيقة الرضا، وأما الرضى قبل القضاء، فهو عزم ودعوى من العبد، فإذا وقع القضاء، فقد تنفسخ العزائم، وسؤال اللَّه الرضى بعد القضاء يتضمن الرضا بما فيه من خير أو شر، فأما في الخير فيرضى ويقنع به ولا يتكلف في طلب الزيادة، ويشكر على ما أوتي به. وأما في الشر فيصبر، ولا يتكلّف في طلب الزيادة، ويشكر على ما أوتي به، وأما في الشر فيصبر ولا ينزعج ولا يتسخّط، ويتلّقاه بوجهٍ منبسطٍ،وخاطرٍ منشرحٍ،وشكرٍ مستمرٍّ ، والرضى بالقضاء مقام عظيم، من حصل له فقد رضي اللَّه عنه، فإن الجزاء من جنس العمل
 
وأسألك بَرْدَ العيش بعد الموت: أي أسألك الراحة بعد الموت، ويكون ذلك برفع الروح إلى الجنان في عليين، وهذا يدل على أن العيش وطيبه، وبرده، إنما يكون بعد الموت للمؤمن، فإن العيش قبل الموت منغصٌ لما فيه من الهموم والغموم
 
وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك: جمع هذا الدعاء أطيب وأهنأ شيء في الدنيا، وهو الشوق إلى لقاء اللَّه عز وجل وأنعم وأطيب شيء في الآخرة هو النظر إلى وجه اللَّه الكريم، الذي لا شيء أجمل، ولا أنعم، ولا أهنأ من رؤيته، فعن صهيب رضى الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا دَخَلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُريدُونَ شَيئاً أَزيدُكُمْ؟ فَيقُولُونَ: ألَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟ ألَمْ تُدْخِلْنَا الجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قال: فَيَكْشِفُ الحِجَابَ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئاً أَحَبَّ إلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إلَى رَبِّهِمْ  عز وجل ]) فهو أعظم من كل نعيم في الجنة وما فيها
 
في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مُضلة: أي أسألك شوقاً لا يوجد فيه ما يُضرني في ديني، ولا في دنياي بأن أحيا حياة خالية من الضرّ والبلاء الذي لا صبر عليه، وخالية من الفتن المضلّة، الموقعة في الحيرة، ومفضية إلى الهلاك
 
واجعلنا هداة مهتدين: بأن نهدي أنفسنا، ونهدي غيرنا، وهذا أفضل الدرجات
 
ووصف الهداة بالمهتدين، وذلك أن يكون العبد عالماً بالحق متبعاً له، معلّماً لغيره ومرشداً له، ويدخل فيمن دعا إلى الهدى، ومن دعا إلى التوحيد من الشرك إلى السنة من البدعة ، فحقّ على الداعي أن يعتني بهذا الدعاء العظيم الجامع والشامل لكل خيرات الدنيا والآخرة
 
و الله تعالى اعلم
 
للمزيد
 
 

No comments :

Post a Comment