Sunday, December 29, 2013

731 - العين حق ونهى عن الوشم

 
العين حق
ونهى عن الوشم ، صحيح البخاري
 
------------------------------------------------
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5740 خلاصة الدرجة: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
 
‏لم تظهر المناسبة بين هاتين الجملتين , فكأنهما حديثان مستقلان
 
 ويحتمل أن يقال : المناسبة بينهما اشتراكهما في أن كلا منهما يحدث في العضو لونا غير لونه الأصلي
 
والوشم: أن يغرز إبرة أو نحوها في موضع من البدن حتى يسيل الدم ثم يحشى ذلك الموضع بالكحل أو نحوه فَيَخْضَرّ
 
العين حق: المعنى أن الذي يصيب من الضرر بالعادة عند نظر الناظر إنما هو بقدر الله السابق لا بشيء يحدثه الناظر في المنظور
فالإصابة بالعين حقٌّ لا شك فيه، ويعلم المؤمنون بالرسول وما أُنزل إليه من ربِّه أنه: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [التغابن: 11]
 
وفي بعض المناسبات قَرَن النبي إصابة العين بالقدر، وإن كانت منه بلا ريبٍ؛ توكيدًا لنفاذ سَهمها، وشدَّة تأثيرها فيمن تصيب بإذن القائم على كل نفس بما كسَبت، وكأنه يقول - صلوات الله عليه وسلامه -: (لو صحَّ أن يغالب القدرَ شيءٌ، ويُسابقه في إفناء شيء أو الإضرار به قبل أجَله المضروب له، لسبَقت العين)، فهو تأكيد بليغٌ من طريق الفرض، ومثله في كلام البُلغاء والمُربين ذائعٌ شائع لا نُطيل القول به
 
و قوله - صلوات الله وسلامه عليه -: ((وإذا استُغسِلتم، فاغسلوا))، فهو بيان للطب المادي من العين، يأمر العائن أن يَغتسل إذا طُلِب منه الغُسل، وفيه إشارة إلى أن الاغتسال كان معروفًا عندهم، فأمرهم ألا يَمتنعوا منه إذا طُلِب منهم، وأدنى ما فيه الطمأنينة لهم، ورفْع الوَهم عنهم، وظاهر أن هذا الاغتسال رُخصة، فينبغي الاقتصار على ما جاء فيها دون التوسُّع فيما ابتدَع المبتدعون، وتزيَّدوا وكذبوا على الله ورسوله، ونفروا كثيرًا من ذوِي الفطرة البريئة من الأحاديث الصحيحة!
 
وقد روى أبو داود عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان يُؤْمر العائن، فيتوضَّأ، ثم يَغتسل منه المَعين".
 
وفي هذا الاغتسال - كما قال العلماء - مناسبة لا تَأْباها العقول السليمة؛ فهذا تِرياق سُمِّ الحيَّة يُؤخذ من لحمها، وهذا علاج النفس الغضبية، توضع اليد على بدن الغضبان، فيَسكُن، فكأن العين الحاسدة كشعلة من نار وقعت على جسد المحسود، ففي اغتساله إطفاء لتلك الشعلة.
 
وأعظم من هذا الطب المادي وأنسبُ، ذلك الطب الروحي النبوي، بالرُّقَى والمعوذات التي جاءت عن الله ورسوله وقايةً وعلاجًا
 
ففي كلٍّ من الإبرة والعين وخزٌ من الشيطان يُغضب الرحمن - عز وجل - وإن كان أحدهما وخزًا حسيًّا، والآخر وخزًا معنويًّا! ذلك لأن من البواعث على الوشم دَفْعَ العين أو اتقاء ضررها بما لم يعتمد على عقلٍ ولا نقلٍ، فكان من اللطائف النبوية النهي عن الدواء الذي لم يَأذَن به الله
 
 
و الله تعالى اعلم
 
للمزيد
 
 
 
 
 
 
 

No comments :

Post a Comment