Sunday, December 22, 2013

681 - لا تقوم الساعة حتى

 
لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان ، يكون بينهما مقتلة عظيمة ، دعوتهما واحدة .
 وحتى يبعث دجالون كذابون ، قريب من ثلاثين ، كلهم يزعم أنه رسول الله ،
وحتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ، ويتقارب الزمان ، وتظهر الفتن ، ويكثر الهرج ، وهو القتل .
 وحتى يكثر فيكم المال ، فيفيض حتى يهم رب المال من يقبل صدقته ، وحتى يعرضه ، فيقول الذي يعرضه عليه : لا أرب لي به .
 وحتى يتطاول الناس في البنيان .
 وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول : يا ليتني مكانه .
 وحتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت ورآها الناس - يعني - آمنوا أجمعون ، فذلك حين : { لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا } .
 ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما ، فلا يتبايعانه ولا يطويانه .
 ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه .
 ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه ، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها ، صحيح البخاري
 
------------------------------------------------
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7121 خلاصة الدرجة: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
   
هذا الحديث قد اشتمل على جملة كثيرة من أشراط الساعة ونقف مع المسألة الأولى وهي قوله-صلى الله عليه وسلم-: « لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان يكون بينهما مقتلة عظيمة دعواهما واحدة 3
يقول المحقق من حقق هذا الكتاب الذي في مسلم: دعواهما واحدة، والمعنى قريب.
ويتبادر -والله أعلم بالصواب- أنه المراد ما جرى بين علي -رضي الله عنه- ومن معه ومعاوية ومن معه، كما في صفين، حتى تتقاتل فئتان عظيمتان تكون بينهما مقتلة عظيمة، وفعلا كان بينهما مقتلة عظيمة في صفين.
ذكر أهل التاريخ أنه قتل في هذه الواقعة سبعين ألفا فيما بين العسكريين.
ويشهد بهذا -والله أعلم- الحديث المتفق على صحته في فضل الحسن، وأنه- صلى الله عليه وسلم- قال: « إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين »4 بين فئتين عظيمتين من المسلمين، وفعلا دعوتهما واحدة كلهم مسلمون كلهم على الحق، وإن كان أهل السنة والجماعة يقولون: إن عليا-رضي الله عنه- هو الأحق، هو الأحق بالأمر، وأن جيش معاوية إنهم بغاة على علي-رضي الله عنه-، ويستدلون على هذا بالحديث الصحيح: « تقتل عمارا الفئة الباغية » فرضي الله عن الجميع
 
 دجالون كذابون: الدجل التغطية والتمويه ، ويطلق على الكذب أيضا ، فعلى هذا " كذابون " تأكيد
 وقد ظهر مصداق ذلك في آخر زمن النبي صلى الله عليه وسلم فخرج مسيلمة باليمامة ، والأسود العنسي باليمن ، ثم خرج في خلافة أبي بكر طليحة بن خويلد في بني أسد بن خزيمة ، وسجاح التميمية في بني تميم ، وفيها يقول شبيب بن ربعي وكان مؤدبها :
أضحت نبيتنا أنثى نطيف بها وأصبحت أنبياء الناس ذكرانا
وقتل الأسود قبل أن يموت النبي صلى الله عليه وسلم وقتل مسيلمة في خلافة أبي بكر ، وتاب طليحة ومات على الإسلام على الصحيح في خلافة عمر ، ونقل أن سجاح أيضا تابت

يقبض العلم: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم والمراد به العلم الشرعي علم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيفية قبض العلم أن يقبض العلماء كما في صحيح البخاري عن عبدالله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبقي عالما اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا )
 
يتقارب الزمان:  ﻳﻌﻨﻲ ﺗﺴﺎﺭﻉ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ فتصبح ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻛﺄﻧﻬﺎ ﺷﻬﺮ، وﺍﻟﺸﻬﺮ ﻛﺄﻧﻪ ﺃﺳﺒﻮﻉ، والأﺳﺒﻮﻉ ﻛﺄﻧﻪ ﻳﻮﻡ، وﺍﻟﻴﻮﻡ ﻛﺄﻧﻪ ﺳﺎﻋﺔ، ﻫﺬﺍ ﻣﻤﺎ ﻟﻌﻠﻪ ﻣﻦ ﺃﻗﺮﺏ ﻣﺎ ﻗﻴﻞ ﻓﻴﻪ
و ﻣﻤﺎ ﻗﻴﻞ ﻓﻴﻪ: ﻳﺘﻘﺎﺭﺏ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻧﻪ ﻳﺘﺴﺎﺭﻉ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻏﻔﻠﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺗﺴﺮﻉ الأﻳﺎﻡ، وﺗﺬﻫﺐ ﺑﺴﺮﻋﺔ، ﻛﻤﺎ ينشغل ﺍﻟﻨﺎﺱ الآﻥ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻣﻊ ﺗﻮﺍﻓﺮ ﺍﻟﻠﺬﺍﺕ ﻭﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﺘﻊ، ﺗﺬﻫﺐ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﻭالأﻳﺎﻡ ﺑﺴﺮﻋﺔ، الآﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺸﻜﻮﻥ، ﻭﻓﻲ ﺃﺯﻣﺎﻥ ﻣﺎﺿﻴﺔ ﺃﻳﻀﺎ ﻳﺤﺪﺙ ﻫﺬﺍ، ﻓﺒﻌﺾ الأﻣﻮﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺴﻤﻴﻬﺎ ﺃﻭ ﻳﻘﺎﻝ ﻋﻨﻬﺎ: ﺇﻧﻬﺎ ﺃﺷﺮﺍﻁ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﻳﺘﻜﺮﺭ

الهَرْجُ: شدَّةُ القتل وكثرتُه
 
و هَرَجَ القومُ : وقعوا في فتنةٍ واختلاط وتقاتُل
 
يزول فيها العلم ويظهر فيها الجهل: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم والمراد به العلم الشرعي علم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيفية قبض العلم أن يقبض العلماء كما في صحيح البخاري عن عبدالله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبقي عالما اتخذ الناس رؤساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) 
 
قول القرطبي رحمه الله :
 " بيَّنَ هذا الحديث أن القتال إذا كان على جهل من طلب دنيا ، أو اتباع هوى ، فهو الذي أريد بقوله : ( القاتل والمقتول في النار ) " انتهى.
 
" فتح الباري " (13/34)
 
ويقول الإمام النووي رحمه الله :
 
" وأما كون القاتل والمقتول من أهل النار فمحمول على من لا تأويل له ، ويكون قتالهما عصبية ونحوها " انتهى.
 
" شرح مسلم " (18/15)
 
والذي يتحصل من هذه الأحاديث أن القتل يكثر في آخر الزمان ، ولا يكون مبرَّرًا معروف الأسباب ، وذلك يمكن أن يقع في الحالات الآتية :
 
1-في حالات قتال الفتنة التي يشتبه فيها الحق بالباطل ، فلا يظهر للناس وجه الصواب فيها، ويقع القتال بينهم ، فلا يدري حينئذ القاتل فيم قَتَل ، ولا المقتول لماذا قُتِل ، ومعنى : ( لا يدري ) الواردة في الحديث – بناء على هذا الوجه - أنهم لا يعرفون الحق من الباطل في الفتنة التي أدت إلى القتل ، وإلا فهم يعرفون وقوع الفتنة نفسها .
 
2-وقد يقع مثل هذا القتل أيام الحروب العصبية ، التي يقع فيها القتل بسبب التعصب للقبيلة أو الطائفة ، ويكون المقاتل جاهلا أهوجَ ، إنما شارك في القتال لاستغاثة أهل قبيلته أو طائفته به ، وهو لا يدري عن سبب وقوع القتال شيئا .
 
3-ويمكن أن يكون في حالة وقوع القتل العشوائي العام ، كالقتل بأسلحة الدمار الشامل ، فيصاب بهذه الأسلحة كثير من الأبرياء ، فلا يعرف المقتول لماذا قتل ، ولا يعرف القاتل لماذا قتل هؤلاء الأبرياء ، فجملة ( لا يدري ) في الحديث على حقيقتها ، فلا القاتل ولا المقتول يعرفان سبب القتل ، لأنه قتل عشوائي .
 
4-ومنه أيضا : ما يحصل من السفهاء من التحرش بالناس بالقتل لسفاهته وحمقه والتذاذه، فيقتل الآخرين ، فيصدق عليهما الحديث .
 
5-ومنه أيضاً : أن المعنى ( لا يدري ) أي : الوجه الشرعي في القتل ، كما جاء في " مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح " (15/352) ترقيم الشاملة: " ( لا يدري القاتل فيم قَتل ) أي : المقتول هل يجوز قتله أم لا ، ( ولا المقتول ) أي : نفسه أو أهله ( فيم قُتل ) هل بسبب شرعي أو بغيره ، كما كثر النوعان في زماننا" انتهى.
 

 يكثر فيكم المال: فيبحث صاحب المال عن من يقبل صدقته فلا يجد 
لا أرب لي به: اى لا حاجة لى به 
 
 يتطاول الناس في البنيان:  التطاول في البنيان على نوعين 
النوع الأول: تطاول نحو السماء بحيث تشيد العمارات
الطويلة التي تناطح السحاب أو قريب من ذلك 
والنوع الثاني: تطاول بجمال البنيان وتشيده
والاعتناء به كل هذا من التطاول وهو دليل على اشتغال الناس في أحوال الدنيا دون أحوال
الدين؛ لأن التطاول في هذا يشغل القلب والبدن فيلهو به الإنسان عن مصالح دينه.

 
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين : هل وجد التطاول في البنيان أم لا؟
والجواب: الله أعلم فإنه قد يوجد ماهو أعظم مما في هذا الزمان،لكن كل أناس وكل جيل يحدث فيه من التطاول والتعالي في البنيان، وكل زمن يقول أهله: هذا من أشراط الساعة، والله أعلم، لكن هذه علامة واضحة

 يمر الرجل بقبر الرجل فيقول : يا ليتني مكانه:  أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول ليتني مكانه قال العلماء لما يرى من الأمور العظام التي يفضل الموت عليها من عظيم البلاء ورئاسة السفهاء وخمول العلماء واستيلاء الباطل في الأحكام وعموم الظلم واستحلال الحرام فإذا رأى هذه الفتن العظيمة أحب أن يكون قد مات حتى يمر بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه
 
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ويختل نظام سيرها فيعلم الناس كلهم حينئذ أنها تسير بتقدير الله وأمره فيؤمنون بالله ولكن هذا الإيمان لا ينفعهم لا ينفع إلا من كان مؤمنا من قبل أو كاسبا في إيمانه خيرا
ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم  أن الساعة تقوم بغتة وضرب لذلك أربعة أمثلة:
أولها أن يقوم الرجلان في بيع ثوب بينهما قد نشراه بينهما يتبايعانه فلا يمكنهما البيع ولا طي الثوب بل تقوم الساعة وهم على هذه الحال قبل تمام البيع وقبل طي الثوب
الثاني تقوم الساعة والرجل قد انصرف بلبن ناقته ليشربه ولكنه لا يتمكن من شربه
الثالث تقوم الساعة والرجل يصلح حوض ابله ليسقيها فلا يسقي فيه
الرابع تقوم الساعة وقد رفع اللقمة إلى فمه ولكنه لا يطعمها كما قال الله عز وجل (لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً )(لأعراف: من الآية187)
 
 إن من قرأ مثل هذا الحديث وغيره من الأحاديث الواردة في الفتن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف ما أطلع الله نبيه عليه من علم الغيب وإذا كان مؤمنا حقا فإنه يتجنب أسباب الفتن
 
وعلى كلٍّ : نسأل الله تعالى السلامة والعافية ، وأن يحفظنا والمسلمين من هذه الأحوال

و الله تعالى اعلم
 
للمزيد
 
 
 


No comments :

Post a Comment