Sunday, April 27, 2014

1114 - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تضربن إماء الله فجاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله قد ذئر النساء على أزواجهن فأمر بضربهن فضربن فطاف بآل محمد صلى الله عليه وسلم طائف نساء كثير فلما أصبح قال لقد طاف الليلة بآل محمد سبعون امرأة كل امرأة تشتكي زوجها فلا تجدون أولئك خياركم ، صححه الألبانى فى صحيح ابن ماجه

 
 قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تضربن إماء الله
فجاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله قد ذئر النساء على أزواجهن
فأمر بضربهن فضربن فطاف بآل محمد صلى الله عليه وسلم طائف نساء كثير
فلما أصبح قال لقد طاف الليلة بآل محمد سبعون امرأة كل امرأة تشتكي زوجها
فلا تجدون أولئك خياركم ، صححه الألبانى فى صحيح ابن ماجه
 
------------------------------------------------
الراوي: إياس بن عبدالله بن أبي ذباب المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 1628 خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح
------------------------------------------------
الشرح:
 
إماء: جمع أَمَةُ و هى جارية ، امرأةٌ مملوكة عكسها حُرَّة ، ونقول : يا أَمَةَ الله ، كما نقول : يا عبدَ الله
و المقصود الزوجات
 
ذَئِرَ: اى تجرءوا
 
طاف بآل محمد: اى زار زوجات النبى صلى الله عليه و سلم
 
فلا تجدون أولئك خياركم: اى لا تجدون هؤلاء افضلكم و احسنكم
 
و الحديث محمول على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كان قد نهاهم عن ضربهن في حالة غير حالة النشوز ؛ لأن كتاب الله دل على جواز ضرب المرأة إذا نشزت ، ولهذا قال في الحديث ذئر النساء ، أي : تجرأن ، قال الشاعر :
 
 
ولقد أتانا عن تميم أنهم ذئروا لقتلي عامرا وتغضبوا
 
 
أي : تجرءوا ، وعلى الجملة وقع الإذن موافقا لظاهر الكتاب ؛ لأن الجرأة من مبادئ النشوز
 
 
حكم ضرب الزوجة: لا يخلو أمر تأديب الزوجة بالضرب من حالتين:
الحالة الأولى: أن يضرب الزوج زوجته لحق الله تبارك وتعالى، كضربها لأجل تقصيرها في أمر الطهارة والصلاة والصيام ونحوها، فيستحب له ذلك، وصرَّح ابن البزري بالوجوب[1].
 
الحالة الثانية: أن يكون ضرب الزوج زوجته لحق نفسه، كضربها لأجل النشوز والعصيان في حقوق النكاح فيباح له ذلك[2]، "ولا يجوز له أن يضربها إلا أن يتحقق أنه لا عذر لها في الامتناع منه في ذلك الوقت، وإنما تذهب إلى الإضرار به في منعه بما أحله الله له من الاستمتاع بها"[3].
 
لقوله تعالى: ﴿ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ﴾[4].
 
فالأمر في الآية بالضرب للإباحة لما ورد في بعض الأحاديث من المنع من ضرب النساء؛ ولأجل أن خيار المسلمين من لا يفعل ذلك.
 
ومن ذلك: قوله - عليه الصلاة والسلام -: "لا تضربُن إماء الله"، فجاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، قد ذئر النساء على أزواجهن، فأمر بضربهن فضُربن، فأطاف بآل محمد صلى الله عليه وسلم طائف نساء كثير، فلما أصبح قال:"لقد أطاف بآل محمد سبعون امرأة كل امرأة تشتكي زوجها، فلا تجدون أولئك خياركم"[5].
 
قال البغوي رحمه الله:
"فيه دليل على أن ضرب النساء في منع حقوق النكاح مباح"[6].ا.هـ.
 
قال النووي رحمه الله: "وأشار الشافعي رحمه الله إلى أن تأويلين له - يعني حديث النهي عن ضرب النساء -:
أحدهما: أنه منسوخ بالآية أو حديث آخر بضربهن.
والثاني: حمل النهي على الكراهة أو ترك الأولى، وقد يحمل النهي على الحال الذي لم يوجد في السبب المجوِّز للضرب[7].
 
قلت - أي النووي -:
هذا التأويل الأخير هو المختار، فإن النسخ لا يصار إليه إلا إذا تعذر الجمع، وعلمنا التاريخ، والله أعلم"[8]. ا. هـ.
 
ولذا نصَّ كثير من محققي الفقهاء من المالكية[9] والشافعية[10] والحنابلة[11] على أن الأولى والأفضل للزوج شرعًا العفو عن زوجته وعدم ضربها، إبقاءً للمودة والرحمة في الحياة الزوجية، وأنه "ينبغي للزوج مداراة زوجته"[12].
 
ويؤيد هذه الأفضلية في ترك ضرب الزوجة أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يضرب زوجة له قط، فعن عائشة رضي الله عنها قالت:"ما ضرب رسول الله خادمًا له، ولا امرأة، ولا ضرب بيده شيئًا"[13].
 
"قال عطاء[14] رحمه الله: لا يضربها وإن أمرها ونهاها فلم تُطِعْه، ولكن يغضب عليها.
 
قال القاضي - ابن العربي، معلقًا على قول عطاء -:
هذا من فقه عطاء، فإنه من فهمه بالشريعة ووقوفه على مظان الاجتهاد، علم أن الأمر بالضرب ها هنا أمر إباحة، ووقف على الكراهية من طريق أخرى، في قول النبي صلى الله عليه وسلم...:"إني لأكره للرجل يضرب أمته عند غضبه، ولعله أن يضاجعها من يومه"[15]، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم استؤذن في ضرب النساء، فقال:"اضربوا، ولن يضرب خياركم"[16].
 
فأباح وندب إلى الترك، وإن في الهجر لغاية الأدب.
 
والذي عندي - أي ابن العربي - أن الرجال والنساء لا يستوون في ذلك، فإن العبد يُقرع بالعصا، والحر تكفيه الإشارة، ومن النساء، بل من الرجال من لا يقيمه إلا الأدب، فإذا عَلِمَ ذلك الرجل، فله أن يؤدِّب، وإن ترك فهو أفضل"[17]. ا. هـ.
-----------------------------
[1] انظر: ما تقدم حول هذه الحالة في ص(236).
[2] انظر: الحاوي للماوردي (13/423).
[3] البيان والتحصيل لابن رشد (6/75).
[4] من الآية (34)، من سورة النساء.
[5] تقدم تخريجه في ص(228).
[6] شرح السنة للبغوي (9/187)، وانظر: الحاوي للماوردي (13/423)، ومعونة أولي النهى (7/414).
[7] وهذا تأويلٌ ثالث حاصله: أن إباحة ضرب النساء الوارد في الآية، والخبر المجوِّز للضرب محمول على النشوز، وما ورد من النهي عن الضرب في الخبر ففي غير النشوز، فأبيح الضرب مع وجود سببه، و نهي عنه مع ارتفاع سببه، وهذا متَفقٌ لا يعارض بعضه بعضاً. انظر: الحاوي للماوردي (9/600).
[8] روضة الطالبين (7/368).
[9] انظر: أحكام القرآن لابن العربي (1/536).
[10] انظر: روضة الطالبين (7/368)، وتحفة المحتاج (7/455 مع حاشية الشرواني وابن القاسم)، وأسنى المطالب (3/239).
[11] انظر: المبدع (7/215)، ومعونة أولي النهى (7/413)، وكشاف القناع (5/210).
[12] معونة أولي النهى (7/414).
[13] رواه الإمام أحمد في "مسنده" (6/32، 206، 229، 232، 281)، وأبو داود في "سننه" كتاب الأدب. باب التجاوز في الأمر برقم (4786)، وابن ماجه في "سننه" كتاب النكاح. باب ضرب النساء برقم (1984)، واللفظ له، والدارمي في "سننه" كتاب النكاح. باب في النهي عن ضرب النساء برقم (2138)، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود" برقم (4003)، و"صحيح سنن ابن ماجه" برقم (1614).
[14] هو: عطاء بن أبي رباح، أبو محمد القرشي مولاهم، مفتي الحرم، ولد في أثناء خلافة عثمان رضي الله عنه، وتوفي سنة (115هـ).
انظر: كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد (6/20)، وحلية الأولياء (3/310)، وسير أعلام النبلاء (5/78).
[15] تقدم تخريجه في ص(153).
[16] تقدم تخريجه في ص(228).
[17] أحكام القرآن لابن العربي (1/536).
 
 
و الله تعالى اعلم
 
للمزيد
 
 
 
 
 
 
 

No comments :

Post a Comment