Tuesday, April 29, 2014

1124 - أنَّ عروة بن الزبير سأل عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها زوجُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : أرأيتَ قولَهُ : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوْا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوْا } . أو كُذِبُوا ؟ قالت : بل كَذَّبَهُمْ قومهم ، فقلتُ : واللهِ لقد استيقنوا أنَّ قومهم كذَّبوهم وما هو بالظَّنِّ . فقالت : يا عُرَيَّةُ لقد استيقنوا بذلك ، قلتُ : فلعلَّها أو كُذِبُوا ، قالت : معاذَ اللهِ ، لم تكن الرسلُ تظُنُّ ذلك بربها . وأما هذهِ الآيةُ ، هم أتباعُ الرسلِ ، الذين آمنوا بربهم وصدَّقوهم ، وطال عليهمُ البلاءُ ، واستأخرَ عنهم النصرُ ، حتى إذا استيأستْ ممن كذَّبهم من قومهم ، وظنُّوا أنَّ أتباعهم كذَّبوهم ، جاءهم نصرُ اللهِ ، صحيح البخاري

 
أنَّ عروة بن الزبير سأل عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها زوجُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : أرأيتَ قولَهُ : { حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوْا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوْا } . أو كُذِبُوا ؟
قالت : بل كَذَّبَهُمْ قومهم ،
فقلتُ : واللهِ لقد استيقنوا أنَّ قومهم كذَّبوهم وما هو بالظَّنِّ .
فقالت : يا عُرَيَّةُ لقد استيقنوا بذلك ،
قلتُ : فلعلَّها أو كُذِبُوا ،
قالت : معاذَ اللهِ ، لم تكن الرسلُ تظُنُّ ذلك بربها . وأما هذهِ الآيةُ ،
 هم أتباعُ الرسلِ ، الذين آمنوا بربهم وصدَّقوهم ، وطال عليهمُ البلاءُ ، واستأخرَ عنهم النصرُ ، حتى إذا استيأستْ ممن كذَّبهم من قومهم ، وظنُّوا أنَّ أتباعهم كذَّبوهم ، جاءهم نصرُ اللهِ ، صحيح البخاري
 
------------------------------------------------
الراوي: عروة بن الزبير المحدث: البخاري  - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3389 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
 
كُذِّبُوْا: اى ان الرسل كذّبهم اتباعهم و قومهم
 
كُذِبُوا: اى ان الرسل كَانُوا بَشَرًا ضَعُفُوا وَأَيِسُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا
  
عُرَيَّةُ : تخفيف عروة
 
هم أتباعُ الرسلِ ، الذين آمنوا بربهم وصدَّقوهم ، وطال عليهمُ البلاءُ ، واستأخرَ عنهم النصرُ: اى المعنى انه اتباع الرسل يأسوا من محاربتهم و طول البلاء و انتظارهم للنصر
 
اختلف العلماء فى معنى الآية:
فحسب كلام الحافظ بن حجر في فتح الباري حول هذه الآية:
 فَقِيلَ الْجَمِيع مَقُول الْجَمِيع ، وَقِيلَ الْجُمْلَة الْأُولَى مَقُول الْجَمِيع وَالْأَخِيرَة مِنْ كَلَام اللَّه . وَقَالَ آخَرُونَ الْجُمْلَة الْأُولَى وَهِيَ ( مَتَى نَصْر اللَّه ) مَقُول الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ . وَالْجُمْلَة الْأَخِيرَة وَهِيَ ( أَلَا إِنَّ نَصْر اللَّه قَرِيب ) مَقُول الرَّسُول ، وَقُدِّمَ الرَّسُول فِي الذِّكْر لِشَرَفِهِ وَهَذَا أَوْلَى ، وَعَلَى الْأَوَّل فَلَيْسَ قَوْل الرَّسُول ( مَتَى نَصْر اللَّه ) شَكًّا بَلْ اِسْتِبْطَاء لِلنَّصْرِ وَطَلَبًا لَهُ ، وَهُوَ مِثْل قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ " اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتنِي " قَالَ الْخَطَّابِيُّ : لَا شَكَّ أَنَّ اِبْن عَبَّاس لَا يُجِيز عَلَى الرُّسُل أَنَّهَا تُكَذِّب بِالْوَحْيِ ، وَلَا يُشَكّ فِي صِدْق الْمُخْبِر ، فَيُحْمَل كَلَامه عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُمَا لِطُولِ الْبَلَاء عَلَيْهِمْ وَإِبْطَاء النَّصْر وَشِدَّة اِسْتِنْجَاز مَنْ وَعَدُوهُ بِهِ تَوَهَّمُوا أَنَّ الَّذِي جَاءَهُمْ مِنْ الْوَحْي كَانَ حُسْبَانًا مِنْ أَنْفُسهمْ ، وَظَنُّوا عَلَيْهَا الْغَلَط فِي تَلَقِّي مَا وَرَدَ عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ ، فَيَكُون الَّذِي بُنِيَ لَهُ الْفِعْل أَنْفُسهمْ لَا الْآتِي بِالْوَحْيِ ، وَالْمُرَاد بِالْكَذِبِ الْغَلَط لَا حَقِيقَة الْكَذِب كَمَا يَقُول الْقَائِل كَذَبَتْك نَفْسك .
قُلْت : وَيُؤَيِّدهُ قِرَاءَة مُجَاهِد ( وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كَذَبُوا ) بِفَتْحِ أَوَّله مَعَ التَّخْفِيف أَيْ غَلِطُوا ، وَيَكُون فَاعِل ( وَظَنُّوا ) الرُّسُل ، وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون أَتْبَاعهمْ . وَيُؤَيِّدهُ مَا رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ بِأَسَانِيدَ مُتَنَوِّعَةٍ مِنْ طَرِيق عِمْرَانَ بْن الْحَارِث وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَأَبِي الضُّحَى وَعَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة وَالْعَوْفِيّ كُلّهمْ عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي هَذِهِ الْآيَة قَالَ : أَيِسَ الرُّسُل مِنْ إِيمَان قَوْمهمْ ، وَظَنَّ قَوْمهمْ أَنَّ الرُّسُل كَذَبُوا .
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ : إِنْ صَحَّ هَذَا عَنْ اِبْن عَبَّاس فَقَدْ أَرَادَ بِالظَّنِّ مَا يَخْطِر بِالْبَالِ وَيَهْجِس فِي النَّفْس مِنْ الْوَسْوَسَة وَحَدِيث النَّفْس عَلَى مَا عَلَيْهِ الْبَشَرِيَّة ، وَأَمَّا الظَّنّ وَهُوَ تَرْجِيح أَحَد الطَّرَفَيْنِ فَلَا يُظَنّ بِالْمُسْلِمِ فَضْلًا عَنْ الرَّسُول .
 
وَقَالَ أَبُو نَصْر الْقُشَيْرِيُّ وَلَا يَبْعُد أَنَّ الْمُرَاد خَطَرَ بِقَلْبِ الرُّسُل فَصَرَفُوهُ عَنْ أَنْفُسهمْ ، أَوْ الْمَعْنَى قَرَّبُوا مِنْ الظَّنّ كَمَا يُقَال بَلَغْت الْمَنْزِل إِذَا قَرُبَتْ مِنْهُ .
 
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ الْحَكِيم : وَجْهه أَنَّ الرُّسُل كَانَتْ تَخَاف بَعْدَ أَنْ وَعَدَهُمْ اللَّه النَّصْر أَنْ يَتَخَلَّف النَّصْر ، لَا مِنْ تُهْمَة بِوَعْدِ اللَّه بَلْ لِتُهْمَةِ النُّفُوس أَنْ تَكُون قَدْ أَحْدَثَتْ حَدَثًا يَنْقُض ذَلِكَ الشَّرْط ، فَكَانَ الْأَمْر إِذَا طَالَ وَاشْتَدَّ الْبَلَاء عَلَيْهِمْ دَخَلَهُمْ الظَّنّ مِنْ هَذِهِ الْجِهَة .
 
قُلْت : وَلَا يُظَنّ بِابْنِ عَبَّاس أَنَّهُ يُجَوِّز عَلَى الرَّسُول أَنَّ نَفْسَهُ تُحَدِّثُهُ بِأَنَّ اللَّه يُخْلِف وَعْدَهُ ، بَلْ الَّذِي يُظَنّ بِابْنِ عَبَّاس أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ " كَانُوا بَشَرًا " إِلَى آخِر كَلَامه مَنْ آمَنَ مِنْ أَتْبَاع الرُّسُل لَا نَفْس الرُّسُل ، وَقَوْل الرَّاوِي عَنْهُ " ذَهَب بِهَا هُنَاكَ " أَيْ إِلَى السَّمَاء مَعْنَاهُ أَنَّ أَتْبَاع الرُّسُل ظَنُّوا أَنَّ مَا وَعَدَهُمْ بِهِ الرُّسُل عَلَى لِسَان الْمَلِك تَخَلَّفَ ، وَلَا مَانِع أَنْ يَقَع ذَلِكَ فِي خَوَاطِر بَعْض الْأَتْبَاع .
وَعَجَب لِابْنِ الْأَنْبَارِيّ فِي جَزْمه بِأَنَّهُ لَا يَصِحّ . ثُمَّ الزَّمَخْشَرِيّ فِي تَوَقُّفه عَنْ صِحَّة ذَلِكَ عَنْ اِبْن عَبَّاس ، فَإِنَّهُ صَحَّ عَنْهُ ، لَكِنْ لَمْ يَأْتِ عَنْهُ التَّصْرِيح بِأَنَّ الرُّسُل هُمْ الَّذِينَ ظَنُّوا ذَلِكَ ، وَلَا يَلْزَم ذَلِكَ مِنْ قِرَاءَة التَّخْفِيف ، بَلْ الضَّمِير فِي " وَظَنُّوا " عَائِد عَلَى الْمُرْسَل إِلَيْهِمْ ، وَفِي " وَكُذِبُوا " عَائِد عَلَى الرُّسُل أَيْ وَظَنَّ الْمُرْسَل إِلَيْهِمْ أَنَّ الرُّسُل كُذِبُوا ، أَوْ الضَّمَائِر لِلرُّسُلِ وَالْمَعْنَى يَئِسَ الرُّسُل مِنْ النَّصْر وَتَوَهَّمُوا أَنَّ أَنْفُسهمْ كَذَبَتْهُمْ حِينَ حَدَّثَتْهُمْ بِقُرْبِ النَّصْر ، أَوْ كَذَبَهُمْ رَجَاؤُهُمْ . أَوْ الضَّمَائِر كُلّهَا لِلْمُرْسَلِ إِلَيْهِمْ أَيْ يَئِسَ الرُّسُل مِنْ إِيمَان مَنْ أُرْسِلُوا إِلَيْهِ ، وَظَنَّ الْمُرْسَل إِلَيْهِمْ أَنَّ الرُّسُل كَذَّبُوهُمْ فِي جَمِيع مَا اِدَّعُوهُ مِنْ النُّبُوَّة وَالْوَعْد بِالنَّصْرِ لِمَنْ أَطَاعَهُمْ وَالْوَعِيد بِالْعَذَابِ لِمَنْ لَمْ يُجِبْهُمْ ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مُحْتَمَلًا وَجَبَ تَنْزِيه اِبْن عَبَّاس عَنْ تَجْوِيزه ذَلِكَ عَلَى الرُّسُل ، وَيُحْمَل إِنْكَار عَائِشَة عَلَى ظَاهِر مَسَاقهمْ مِنْ إِطْلَاق الْمَنْقُول عَنْهُ
 
و الله تعالى اعلم
 
للمزيد
 
 
 
 
 
 
 
 

No comments :

Post a Comment