Thursday, April 24, 2014

1103 - ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم كرب ، أو بلاء ، من أمر الدنيا دعا به ففرج عنه ؟ دعاء ذي النون : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، صححه الألبانى فى صحيح الجامع

 
ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم كرب ، أو بلاء ، من أمر الدنيا دعا به ففرج عنه ؟
دعاء ذي النون : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، صححه الألبانى فى صحيح الجامع
------------------------------------------------
الراوي: سعد بن أبي وقاص المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2605 خلاصة حكم المحدث: صحيح
------------------------------------------------
الشرح:
 
ذي النون: اى صاحب الحوت ، والنون هو الحوت ، و المقصود يونس عليه السلام
 
سُبْحَانَكَ: أصله من التسبيح: وهو تنزيه اللَّه تعالى، أي إبعاد اللَّه تعالى عن كل سوء ونقص، المتضمِّن لكل كمال
 
لفظ الدعاء والدعوة في القرآن يتناول معنيين‏:‏ دعاء العبادة، ودعاء المسألة‏
 
 ولفظ الصلاة في اللغة‏:‏ أصله الدعاء، وسميت الصلاة دعاء لتضمنها معنى الدعاء، وهو العبادة والمسألة‏.
 
‏‏ وقد فسر قوله تعالى‏:‏ ‏{‏‏ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ‏}‏‏ ‏[‏غافر‏:‏ 60‏]‏، بالوجهين، قيل‏:‏ اعبدوني وامتثلوا أمري أستجب لكم‏.
 
‏‏ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ‏}‏‏ ‏[‏الشورى‏:‏ 26‏]‏ أي‏:‏ يستجيب لهم، وهو معروف في اللغة، يقال‏:‏ استجابه واستجاب له
 
والمقصود هنا أن لفظ الدعوة والدعاء، يتناول هذا وهذا، قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}‏‏ ‏[‏يونس‏:‏ 10‏]‏، وفي الحديث" أفضل الذكر لا إله إلا اللّه، وأفضل الدعاء الحمد للّه‏"‏‏ رواه ابن ماجه وابن أبي الدنيا‏.‏
 
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره "دعـوة أخي ذي النون"‏‏ ‏{‏‏لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ‏}‏‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏ 87‏]‏، ما دعا بها مكروب إلا فرج اللّه كربته‏)‏، سماها دعوة، لأنها تتضمن نوعي الدعاء‏.
 
‏‏ فقوله لا إله إلا أنت اعتراف بتوحيد الإلهية‏.‏
 
وتوحيد الإلهية يتضمن أحد نوعي الدعاء، فإن الإله هو المستحق؛ لأن يدعي دعاء عبادة، ودعاء مسألة، وهو اللّه لا إله إلا هو‏.
 
‏‏ وقوله‏:‏ ‏{‏‏إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ‏}‏‏ اعتراف بالذنب، وهو يتضمن طلب المغفرة، فإن الطالب السائل تارة يسأل بصيغة الطلب، وتارة يسأل بصيغة الخبر، إما بوصف حاله، وإما بوصف حال المسئول، وإما بوصف الخالين‏.‏
 
كقول نوح عليه السلام‏:‏ ‏{‏‏رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنْ الْخَاسِرِينَ‏}‏‏ ‏[‏هود‏:‏ 47‏]‏ فهذا ليس صيغة طلب، وإنما هو إخبار عن اللّه أنه إن لم يغفر له ويرحمه خسر‏.
 
‏‏ ولكن هذا الخبر يتضمن سؤال المغفرة، وكذلك قول آدم عليه السلام‏:‏ ‏{رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ‏}‏‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 23‏]‏، هو من هذا الباب، ومن ذلك قول موسى عليه السلام‏:‏ ‏{‏‏رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ‏}‏‏ ‏[‏القصص‏:‏ 24‏]‏، فإن هذا وصف لحاله بأنه فقير إلى ما أنزل اللّه إليه من الخير، وهو متضمن لسؤال اللّه إنزال الخير إليه
 
فهذا فيه وصف العبد لحال نفسه المقتضى حاجته إلى المغفرة، وفيه وصف ربه الذي يوجب، أنه لا يقدر على هذا المطلوب غيره، وفيه التصريح بسؤال العبد لمطلوبه، وفيه بيان المقتضى للإجابة، وهو وصف الرب بالمغفرة، والرحمة، فهذا ونحوه أكمل أنواع الطلب‏.
 
‏‏ وكثير من الأدعية يتضمن بعض ذلك، كقول موسى عليه السلام‏:‏ ‏{‏‏أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ‏}‏‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 155‏]‏، فهذا طلب ووصف للمولى بما يقتضي الإجابة‏.‏
 
وقوله‏:‏ ‏{‏‏رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي‏}‏‏ ‏[‏القصص‏:‏ 16‏]‏، فيه وصف حال النفس والطلب، وقوله‏:‏ ‏{‏‏إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ‏}‏‏ ‏[‏القصص‏:‏ 24‏]‏، فيه الوصف المتضمن للسؤال بالحال، فهذه أنواع لكل نوع منها خاصة‏.
 
‏‏ يبقى أن يقال‏:‏ فصاحب الحوت ومن أشبهه لماذا ناسب حالهم صيغة الوصف والخبر دون صيغة الطلب‏؟‏
 
فيقال‏:‏ لأن المقام مقام اعتراف، بأن ما أصابني من الشر كان بذنبي، فأصل الشر هو الذنب، والمقصود دفع الضر، والاستغفار جاء بالقصد الثاني، فلم يذكر صيغة طلب كشف الضر لاستشعاره أنه مسيء ظالم، وهو الذي أدخل الضر على نفسه، فناسب حاله أن يذكر ما يرفع سببه من الاعتراف بظلمه، ولم يذكر صيغة طلب المغفرة؛ لأنه مقصود للعبد المكروب بالقصد الثاني، بخلاف كشف الكرب، فإنه مقصود له في حال وجــوده بالقصد الأول، إذ النفس بطبعها تطلب ما هي محتاجة إليه من زوال الضرر الحاصل من الحال قبل طلبها، زوال ما تخاف وجوده من الضرر في المستقبل بالقصد الثاني، والمقصود الأول في هذا المقام هو المغفرة وطلب كشف الضر، فهذا مقدم في قصده وإرادته، وأبلغ ما ينال به رفع سببه، فجاء بما يحصل مقصوده‏.
 
‏‏ وهذا يتبين بالكلام على قوله‏:‏ ‏{‏‏سُبْحَانَك‏}‏‏ فإن هذا اللفظ يتضمن تعظيم الرب وتنزيهه، والمقام يقتضى تنزيهه عن الظلم والعقوبة بغير ذنب، يقول‏:‏ أنت مقدس ومنزه عن ظلمي وعقوبتي بغير ذنب؛ بل أنا الظالم الذي ظلمت نفسي، قال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ‏}‏‏ ‏[‏النحل‏:‏ 118‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏‏وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ}‏‏‏[‏هود‏:‏ 101‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏‏وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمْ الظَّالِمِينَ‏}‏‏ ‏[‏الزخرف‏:‏ 76‏]‏، وقال آدم عليه السلام ‏:‏ ‏{‏‏رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا‏}‏‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 23‏]‏‏
 
و الله تعالى اعلم
 
للمزيد
 
 
 
 

No comments :

Post a Comment