Tuesday, July 15, 2014

1336 - على المرء المسلم السمع و الطاعة ، فيما أحب و كره ، إلا أن يؤمر بمعصية ، فإذا أمر بمعصية ، فلا سمع و لا طاعة ، صححه الألبانى فى صحيح النسائى

على المرء المسلم السمع و الطاعة ، فيما أحب و كره ،
إلا أن يؤمر بمعصية ، فإذا أمر بمعصية ، فلا سمع و لا طاعة ، صححه الألبانى فى صحيح النسائى
------------------------------------------------
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: الألباني - المصدر: صحيح النسائي - الصفحة أو الرقم: 4217 خلاصة حكم المحدث: صحيح
------------------------------------------------
الشرح:
 السمع: ‏‏الأولى الأمر بإجابة أقوالهم ‏
 والطاعة: ‏لأوامرهم وأفعالهم ‏
 على المرء المسلم: ‏‏أي حق وواجب عليه ‏
 فيما أحب وكره: ‏‏أي فيما وافق غرضه أو خالفه ‏
 ما لم يؤمر: ‏‏أي المسلم من قبل الإمام ‏
 بمعصية: ‏‏أي بمعصية الله ‏
 فإن أُمر: ‏بضم الهمزة ‏
 فلا سمع عليه ولا طاعة: ‏‏تجب بل يحرم إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
 وفيه أن الإمام إذا أمر بمندوب أو مباح وجب .
 قال المظهر : يعني سماع كلام الحاكم وطاعته واجب على كل مسلم سواء أمره بما يوافق طبعه أو لم يوافقه بشرط أن لا يأمره بمعصية , فإن أمره بها فلا تجوز طاعته , ولكن لا يجوز له محاربة الإمام .
 وقال النووي في شرح مسلم : قال جماهير أهل السنة من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين : لا ينعزل الإمام بالفسق والظلم وتعطيل الحقوق ولا يخلع ولا يجوز الخروج عليه لذلك , بل يجب وعظه وتخويفه , للأحاديث الواردة في ذلك .
 قال القاضي : وقد ادعى أبو بكر بن مجاهد في هذا الإجماع وقد رد عليه بعضهم هذا بقيام الحسن وابن الزبير وأهل المدينة على بني أمية وبقيام جماعة عظيمة من التابعين والصدر الأول على الحجاج مع ابن الأشعث , وتأول هذا القائل قوله : أن لا تنازع الأمر أهله في أئمة العدل , وحجة الجمهور أن قيامهم على الحجاج ليس بمجرد الفسق بل لما غير من الشرع وظاهر من الكفر .
 قال القاضي : وقيل إن هذا الخلاف كان أولا , ثم حصل الإجماع على منع الخروج عليهم انتهى
على المرء: هذه كلمة تدل على الوجوب ، وأنه يجب على المرء المسلم بمقتضى إسلامه أن يسمع ويطيع لولاة الأمور فيما أحب وفيما كره، حتى لو أمر بشيء يكرهه؛ فإنه يجب عليه أن يقوم به ولو كان يرى خلافه، ولو كان يكره أن ينفذه. فالواجب عليه أن ينفذ، إلا إذا أمر بمعصية الله ، فإذا أمر بمعصية الله فطاعة الله تعالى فوق كل طاعة، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وفي هذا دليلٌ على بطلان مسلك من يقول: لا نطيع ولاة الأمور إلا فيما أمرنا الله به، يعني إذا أمرونا أن نصلي صلينا، إذا أمرونا أن نزكي زكينا. أما إذا أمرونا بشيء ليس فيه أمر شرعي؛ فإنه لا يجب علينا طاعتهم؛ لأننا لو وجبت علينا طاعتهم لكانوا مشرعين، فإن هذه نظرة باطلة مخالفة للقرآن والسنة؛ لأننا لو قلنا: إننا لا نطيعهم إلا فيما أمرنا الله به لم يكن بينهم وبين غيرهم فرق، كل إنسان يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر فإنه يطاع.
ثم نقول : بل نحن قد أمرنا بطاعتهم فيما لم يأمرنا الله عز وجلّ ؛ إذا لم يكن ذلك منهياً عنه أو محرماً، فإننا نطيعهم حتى في التنظيم إذا نظموا شيئاً من الأعمال، يجب علينا أن نطيعهم؛ وذلك أن بطاعتهم يكون امتثال أمر الله عزّ وجلّ، وامتثال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحفظ الأمن، والبعد عن التمرد على ولاة الأمور، وعن التفرق، فإذا قلنا لا نطيعهم إلا في شيء أمرنا به؛ فهذا معناه أنه لا طاعة لهم.
يأتي بعض الأنظمة : مثلاً تنظم فيها الحكومة شيئاً نظاماً لا يخالف الشرع، لكن لم يأتِ به الشرع بعينه، فيأتي بعض الناس ويقول: لا نطيع في هذا، فيقال : بل يجب عليك أن تطيع، فإن عصيت فإنك آثم مستحق لعقوبة الله، ومستحق لعقوبة ولاة الأمور.
وعلى ولاة الأمور أن يعزروا مثل هؤلاء الذين يعصون أوامرهم التي يلزمهم أن يقوموا بها؛ لأنهم إذا عصوا أوامر ولاة الأمور - وقد أمر الله تعالى بطاعتهم فيها- فهذا معصية لله. وكل إنسان يعص الله فإنه مستحق التعزيز يعني التأديب بما يراه ولي الأمر.
ومن ذلك مثلاً أنظمة المرور؛ أنظمة المرور هذه مما نظمه ولي الأمر، وليس فيها معصية، فإذا خالفها الإنسان فهو عاصٍ وآثم، مثلاً السير على اليسار، والسير على اليمين، والسير في الاتجاه الفلاني، وفي السير يجب أن يقف إذا كانت الإشارة حمراء وما أشبه ذلك، كل هذا يجب أن ينفذ وجوباً، فمثلاً إذا كانت الإشارة حمراء؛ وجب عليك الوقوف. لا تقل : ما أمرنا اله بذلك، ولاة الأمور نظموا لك هذا التنظيم وقالوا التزم به، فإذا تجاوزت فإنك عاص آثم؛ لأنك قلت لربك لا سمع ولا طاعة والعياذ بالله
وهكذا أيضاً الأنظمة في الإمارة، والأنظمة في القضاء، وكل الأنظمة التي لا تخالف الشرع؛ فإنه يجب علينا أن نطيع ولاة الأمور فيها، وإلا أصبحت المسألة فوضى، وكل إنسان له رأي، وكل إنسان يحكم بما يريد، وأصبح ولاة الأمور لا قيمة لهم، بل هم أمراء بلا أمر، وقضاة بلا قضاء.
فالواجب على الإنسان أن يمتثل لأمر ولاة الأمور إلا فيما كان فيه معصية الله. فلو قالوا لنا مثلاً: لا تخرجوا إلى المساجد لا تصلوا الجمعة ، لا تصلوا الجمعة والجماعة، قلنا لهم: لا سمع ولا طاعة. ولو قالوا: اظلموا الناس في شيء قلنا: لا سمع ولا طاعة . كل شيء أمر الله به أو نهى عنه فإنه لا سمع ولا طاعة لهم فيه أبداً
إذاًَ أوامر ولاة الأمور تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: أن يأمروا بما أمر الله به، فهنا تجب طاعتهم لوجهين:
الوجه الأول:أنه مما أمر الله به.
والوجه الثاني: أنه مما أمروا به كغيرهم من الناس ؛ إذا أمرك شخص بالمعروف وهو واجب ، فالواجب عليك أن تقوم به.
الثاني:أن يأمروا بمعصية الله، فهنا لا سمع لهم ولا طاعة مهما كان، وأنت إذا نالك عذاب منهم بسبب هذا فسيُعاقبون عليهم هم يوم القيامة.
الوجه الأول: لحق الله ؛ لأن أمرهم بمعصية الله منابذة لله عزّ وجلّ لوجهين.
الوجه الثاني: لحقك أنت؛ لأنهم اعتدوا عليك، وأنت وهم كلكم عبيد الله، ولا يحل لكم أن تعصوا الله.
الثالث: إذا أمروا بشيء ليس فيه أمر ولا نهي، فيجب عليك أن تطيعهم وجوباً، فإن لم تفعل فأنت آثم، ولهم الحق أن يعزروك وأن يؤدبوك بما يرون من تعزير وتأديب؛ لأنك خالفت أمر الله في طاعتهم، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام (( على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، ما لم يؤمر بمعصية، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة)).
ثم أشد من ذلك من لا يعتقد للإمام بيعة؛ من يقول : أنا ما بايعت الإمام، ولا له بيعة علىّ؛ لأن مضمون هذا الكلام أنه لا سمع له ولا طاعة له ولا ولاية، وهذا أيضاً من الأمر المنكر العظيم؛ فإن الرسول عليه الصلاة والسلام أخبر أن من مات من غير بيعة وليس له إمام؛ فإنه يموت ميتة جاهلية، يعني ليست ميتة إسلامية؛ بل ميتة أهل الجهل والعياذ بالله، وسيجد جزاءه عند الله عزّ وجل.
فالواجب أن يعتقد الإنسان أن له إماماً ، وأن له أميراً يدين له بالطاعة في غير معصية الله، فإذا قال مثلاً: أنا لن أبايع، قلنا : البيعة لا تكون في رعاع الناس وعوام الناس، إنما تكون لأهل الحل والعقد
وليست البيعة لازمة لكل واحد من الناس أن يجيء يبايع ، ولا يمكن لعوام الناس ، ورعاع الناس تابعون لأهل الحل والعقد، فإذا تمت البيعة من أهل الحل والعقد؛ صار المُبايع إماماً، وصار ولي أمر تجب طاعته في غير معصية الله، فمن مات وهو يعتقد أنه ليس له ولي أمر، وأنه ليست له بيعة، فإنه يموت ميتة جاهلية. نسأل الله العافية والحماية
----------------------------
من شرح الشيخ بن العثيمين للحديث
و الله تعالى اعلم
للمزيد

No comments :

Post a Comment