Sunday, June 22, 2014

1299 - أن عبد الرحمن بن عوف أتي بطعام ، وكان صائما ، فقال : قتل مصعب ابن عمير وهو خير مني ، كفن في بردة : إن غطي رأسه بدت رجلاه ، وإن غطي رجلاه بدا رأسه ، وأراه قال : وقتل حمزة وهو خير مني ، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط ، أو قال : أعطينا من الدنيا ما أعطينا ، وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا ، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام ، صحيح البخاري

أن عبد الرحمن بن عوف أتي بطعام ، وكان صائما ،
فقال : قتل مصعب ابن عمير وهو خير مني ، كفن في بردة : إن غطي رأسه بدت رجلاه ، وإن غطي رجلاه بدا رأسه ،
وأراه قال : وقتل حمزة وهو خير مني ، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط ،
أو قال : أعطينا من الدنيا ما أعطينا ، وقد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا ، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام ، صحيح البخاري
------------------------------------------------
الراوي: إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4045 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
أُتِيَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف بِطَعَامٍ: ‏في رواية نوفل بن إياس أن الطعام كان خبزا ولحما
وهو صائم: ‏‏ذكر ابن عبد البر أن ذلك كان في مرض موته
قتل مصعب بن عمير: ‏‏تقدم نسبه وذكره في أول الهجرة , وأنه كان من السابقين إلى الإسلام وإلى الهجرة , وكان يقرئ الناس بالمدينة قبل أن يقدم النبي صلى الله عليه وسلم , وكان قتله يوم أحد , وذكر ذلك ابن إسحاق وغيره , وقال ابن إسحاق : وكان الذي قتل مصعب بن عمير عمرو بن قميئة الليثي , فظن أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إلى قريش فقال لهم : قتلت محمدا .
 وفي الجهاد لابن المنذر من مرسل عبيد بن عمير قال : " وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على مصعب بن عمير وهو متجعف على وجهه , وكان صاحب لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث
وهو خير مني: ‏‏لعله قال ذلك تواضعا .
 ويحتمل أن يكون ما استقر عليه الأمر من تفضيل العشرة على غيرهم بالنظر إلى من لم يقتل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم , وقد وقع من أبي بكر الصديق نظير ذلك , فذكر ابن هشام أن رجلا دخل على أبي بكر الصديق وعنده بنت سعد بن الربيع وهي صغيرة فقال : من هذه ؟ قال : هذه بنت رجل خير مني , سعد بن الربيع , كان من نقباء العقبة شهد بدرا واستشهد يوم أحد
ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط: ‏يشير إلى ما فتح لهم من الفتوح والغنائم وحصل لهم من الأموال , وكان لعبد الرحمن من ذلك الحظ الوافر
ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام: ‏‏في رواية أحمد عن غندر عن شعبة " وأحسبه لم يأكله " .
 وفي الحديث فضل الزهد , وأن الفاضل في الدين ينبغي له أن يمتنع من التوسع في الدنيا لئلا تنقص , حسناته , وإلى ذلك أشار عبد الرحمن بقوله خشينا أن تكون حسناتنا قد عجلت .
 قال ابن بطال : وفيه أنه ينبغي ذكر سير الصالحين وتقللهم في الدنيا لتقل رغبته فيها قال : وكان بكاء عبد الرحمن شفقا أن لا يلحق بمن تقدمه
الحديث يتكلم عن  عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه حين جيء إليه بالطعام وهو صائم، والصائم يشتهي الطعام عادة، ولكنه رضي الله عنه تذكر ما كان عليه الصحابة الأولون، وهو رضي الله عنه من الصحابة الأولين من المهاجرين رضي الله عنهم، لكنه قال احتقاراً لنفسه قال: إن مصعب بن عمير رضي الله عنه كان خيراً مني.
وكان مصعبٌ رجلاً شاباً، كان عند والديه بمكة وكان والداه أغنياء، وأمه وأبوه يلبسانه من خير اللباس : لباس الشباب والفتيان، وقد دلّلاه دلالاً عظيماً، فلما أسلم هجراه وأبعداه، وهاجر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكان مع المهاجرين، وكان عليه ثوب مرقع بعدما كان في مكة عند أبويه يلبس أحسن الثياب، لكنه ترك ذلك كله مهاجراً إلى الله ورسوله.
وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم أحد ، فاستشهد رضي الله عنه، وكان معه بردة- أي ثوب- إذا غطوا به رأسه بدت رجلاه- وذلك لقصر الثوب- وإن غطوا رجليه بدا رأسه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يستر به رأسه وأن تستر رجلاه بالإذخر؛ نبات معروف.
فكان عبد الرحمن بن عوف يذكر حال هذا الرجل ، ثم يقول: إنهم قد مضوا وسلموا مما فتح الله به من الدنيا على من بعدهم من المغانم الكثيرة، كما قال تعالى : (وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا) (الفتح:19) .
ثم قال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه :" قد خشينا أن تكون حسناتنا عجلت لنا"؛ لأن الكافر يجزى على حسناته في الدنيا، وله في الآخرة عذاب النار، والمؤمن قد يجزى في الدنيا وفي الآخرة، لكن جزاء الآخرة هو الأهم.
فخشي رضي الله عنه أن تكون حسناتهم قد عجلت لهم في هذه الدنيا، فبكى خوفاً وفرقاً، ثم ترك الطعام رضي الله عنه.
ففي هذا دليلٌ على البكاء من خشية الله ومخافة عقابه
و الله تعالى اعلم
للمزيد

No comments :

Post a Comment