Sunday, June 8, 2014

1265 - عن عِكرِمَةَ : قال لي ابنُ عباسٍ ولابنِه عليٍّ : انطَلِقا إلى أبي سعيدٍ، فاسمَعا من حديثِه، فانطلَقْنا، فإذا هو في حائطٍ يُصلِحُه، فأخَذ رِداءَه فاحتَبى، ثم أنشَأ يحدِّثُنا، حتى أتى ذِكرُ بِناءِ المسجدِ، فقال : كنا نحمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً، وعمَّارٌ لَبِنَتَينِ لَبِنَتَينِ، فرآه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فيَنفُضُ الترابَ عنه، ويقولُ : وَيحَ عمَّارٍ، تقتُلُه الفئةُ الباغيةُ، يدعوهم إلى الجنةِ، ويدعونَه إلى النارِ . قال : يقولُ عمَّارٌ : أعوذُ باللهِ من الفتنِ ، صحيح البخاري

عن عِكرِمَةَ : قال لي ابنُ عباسٍ ولابنِه عليٍّ : انطَلِقا إلى أبي سعيدٍ، فاسمَعا من حديثِه، فانطلَقْنا، فإذا هو في حائطٍ يُصلِحُه، فأخَذ رِداءَه فاحتَبى، ثم أنشَأ يحدِّثُنا، حتى أتى ذِكرُ بِناءِ المسجدِ، فقال : كنا نحمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً، وعمَّارٌ لَبِنَتَينِ لَبِنَتَينِ، فرآه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فيَنفُضُ الترابَ عنه، ويقولُ : وَيحَ عمَّارٍ، تقتُلُه الفئةُ الباغيةُ، يدعوهم إلى الجنةِ، ويدعونَه إلى النارِ .
قال : يقولُ عمَّارٌ : أعوذُ باللهِ من الفتنِ ، صحيح البخاري
------------------------------------------------
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: البخاري  - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 447 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
في حائطٍ يُصلِحُه: الحائط هو البستان
فأخذ رداءه فاحتبى: احْتبَى اى جلَس على أَلْيَتَيْه وضمّ فخِذَيْه وساقَيه إلى بطنه بذراعيه لِيِسْتَنِدَ
احْتَبَى بالثَّوب : أداره على ساقَيْه وظهره وهو جالس على نحو ما سبق ليستند
فيه التأهب لإلقاء العلم وترك التحديث في حالة المهنة إعظاما للحديث
 بناء المسجد: أي النبوي
وعمار لبنتين: مثنى لبنة و هى القالب الذى يبنى منه البناء او الحائط ،  وفيه جواز ارتكاب المشقة في عمل البر ، وتوقير الرئيس والقيام عنه بما يتعاطاه من المصالح ، وفضل بنيان المساجد
فينفض التراب عنه: وفيه إكرام العامل في سبيل الله والإحسان إليه بالفعل والقول
ويح عمار: هي كلمة رحمة
يدعوهم: والمراد قتلته كما ثبت من وجه آخر " تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلخ " وسيأتي التنبيه عليه . فإن قيل كان قتله بصفين وهو مع علي والذين قتلوه مع معاوية وكان معه جماعة من الصحابة فكيف يجوز عليهم الدعاء إلى النار ؟ فالجواب أنهم كانوا ظانين أنهم يدعون إلى الجنة ، وهم مجتهدون لا لوم عليهم في اتباع ظنونهم ، فالمراد بالدعاء إلى الجنة الدعاء إلى سببها وهو طاعة الإمام ، وكذلك كان عمار يدعوهم إلى طاعة علي وهو الإمام الواجب الطاعة إذ ذاك ، وكانوا هم يدعون إلى خلاف ذلك لكنهم معذورون للتأويل الذي ظهر لهم . وقال ابن بطال تبعا للمهلب : إنما يصح هذا في [ ص: 646 ] الخوارج الذين بعث إليهم علي عمارا يدعوهم إلى الجماعة ، ولا يصح في أحد من الصحابة . وتابعه على هذا الكلام جماعة من الشراح . وفيه نظر من أوجه :
أحدها : أن الخوارج إنما خرجوا على علي بعد قتل عمار بلا خلاف بين أهل العلم لذلك ، فإن ابتداء أمر الخوارج كان عقب التحكيم ، وكان التحكيم عقب انتهاء القتال بصفين وكان قتل عمار قبل ذلك قطعا ، فكيف يبعثه إليهم علي بعد موته .
ثانيها : أن الذين بعث إليهم علي عمارا إنما هم أهل الكوفة بعثه يستنفرهم على قتال عائشة ومن معها قبل وقعة الجمل ، وكان فيهم من الصحابة جماعة كمن كان مع معاوية وأفضل ، وسيأتي التصريح بذلك عند المصنف في كتاب الفتن ، فما فر منه المهلب وقع في مثله مع زيادة إطلاقه عليهم تسمية الخوارج وحاشاهم من ذلك .
ثالثها : أنه شرح على ظاهر ما وقع في هذه الرواية الناقصة ، ويمكن حمله على أن المراد بالذين يدعونه إلى النار كفار قريش كما صرح به بعض الشراح ، لكن وقع في رواية ابن السكن وكريمة وغيرهما وكذا ثبت في نسخة الصغاني التي ذكر أنه قابلها على نسخة الفربري التي بخطه زيادة توضح المراد وتفصح بأن الضمير يعود على قتلته وهم أهل الشام ولفظه " ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم " الحديث ، واعلم أن هذه الزيادة لم يذكرها الحميدي في الجمع وقال : إن البخاري لم يذكرها أصلا ، وكذا قال أبو مسعود . قال الحميدي : ولعلها لم تقع للبخاري ، أو وقعت فحذفها عمدا . قال : وقد أخرجها الإسماعيلي والبرقاني في هذا الحديث . قلت : ويظهر لي أن البخاري حذفها عمدا وذلك لنكتة خفية ، وهي أن أبا سعيد الخدري اعترف أنه لم يسمع هذه الزيادة من النبي - صلى الله عليه وسلم - فدل على أنها في هذه الرواية مدرجة ، والرواية التي بينت ذلك ليست على شرط البخاري ، وقد أخرجها البزار من طريق داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد فذكر الحديث في بناء المسجد وحملهم لبنة لبنة وفيه فقال أبو سعيد " فحدثني أصحابي ولم أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية " ا هـ . وابن سمية هو عمار وسمية اسم أمه
يقول عمار أعوذ بالله من الفتن: فيه دليل على استحباب الاستعاذة من الفتن ، ولو علم المرء أنه متمسك فيها بالحق ; لأنها قد تفضي إلى وقوع ما لا يرى وقوعه
و الله تعالى اعلم
للمزيد

No comments :

Post a Comment