Saturday, August 23, 2014

1462 - مقتل عبد الله بن الزبير

عن أبو نوفل بن أبي عقرب: رأيت عبد الله بن الزبير على عقبة المدينة .
 قال فجعلت قريش تمر عليه والناس .
 حتى مر عليه عبد الله بن عمر .
 فوقف عليه .
 فقال : السلام عليك ، أبا خبيب ! السلام عليك ، أبا خبيب ! السلام عليك ، أبا خبيب ! أما والله ! لقد كنت أنهاك عن هذا .
 أما والله ! لقد كنت أنهاك عن هذا .
 أما والله ! لقد كنت أنهاك عن هذا .
 أما والله ! إن كنت ، ما علمت ، صواما .
 قواما .
 وصولا للرحم .
 أما والله ! لأمة أنت أشرها لأمة خير .
 ثم نفذ عبد الله بن عمر .
 فبلغ الحجاج موقف عبدالله وقوله .
 فأرسل إليه .
 فأنزل عن جذعه .
 فألقي في قبور اليهود .
 ثم أرسل إلى أمه أسماء بنت أبي بكر .
 فأبت أن تأتيه .
 فأعاد عليها الرسول : لتأتيني أو لأبعثن إليك من يسحبك بقرونك .
 قال فأبت وقالت : والله ! لا آتيك حتى تبعث إلي من يسحبني بقروني .
 قال فقال : أروني سبتي .
 فأخذ نعليه .
 ثم انطلق يتوذف .
 حتى دخل عليها .
 فقال : كيف رأيتني صنعت بعدو الله ؟ قالت : رأيتك أفسدت عليه دنياه ، وأفسد عليك آخرتك .
 بلغني أنك تقول له : يا ابن ذات النطاقين ! أنا ، والله ! ذات النطاقين .
 أما أحدهما فكنت أرفع به طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وطعام أبي بكر من الدواب .
 وأما الآخر فنطاق المرأة التي لا تستغني عنه .
 أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا " أن في ثقيف كذابا ومبيرا " فأما الكذاب فرأيناه .
 وأما المبير فلا إخالك إلا إياه .
 قال فقام عنها ولم يراجعها 
------------------------------------------------
الراوي: أبو نوفل بن أبي عقرب المحدث: مسلم  - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2545 خلاصة حكم المحدث: صحيح
------------------------------------------------
الشرح:
رأيت عبد الله بن الزبير على عَقَبَةِ المدينة: يريد على عقبة مكة واقعة في طريق أهل المدينة حين ينزلون مكة ، وكان عبد الله بن الزبير مصلوبا هناك بعد ان قتله الحجاج بن يوسف الثقفى و جنوده.
 ولذا جعل له قبر في الحجون قريب العقبة ، لكنه غير ثابت ، وكذا سائر قبور الصحابة في مقبرة مكة ليس لها محل معين على وجه الصحة حتى تربة خديجة - رضي الله عنها - أيضا ، وإنما بنى عليها اعتمادا على رؤيا بعض الأولياء والله أعلم
والناس: أي وسائر الناس يمرون عليه أيضا
حتى مر عليه عبد الله بن عمر فوقف عليه قال : السلام عليك أبا خُبَيْبٍ ، بضم الخاء المعجمة وفتح الموحدة الأولى بعدها تحتية ساكنة ، كنية ابن الزبير كني بابنه خبيب أكبر أولاده ،
 السلام عليك أبا خُبَيْبٍ ، السلام عليك أبا خُبَيْبٍ ، فيه استحباب تثليث السلام على الميت ولو قبل الدفن .
 لقد كنت أنهاك عن هذا ، لقد كنت أنهاك عن هذا ، لقد كنت أنهاك عن هذا:  المشار إليه بهذا صلبه ، والمعنى كنت أنهاك عما يؤدي إلى ما أراك فيه .
عَلِمْتُ: أي علمتك
 صَوَّامًا: أي كثير الصيام في النهار
 قَوَّامًا: كثير القيام في الليل
 وَصُولًا: أي مبالغا في الصلة
 لِلرَّحِمِ: أي للقرابة
وقد أراد ابن عمر بهذا القول براءة ابن الزبير مما نسب إليه الحجاج من قول عدو الله وظالم ونحوه ، وإعلام الناس بمحاسنه ، وأن ابن الزبير كان مظلوما ومرجوما وعاش سعيدا ومات شهيدا أما كرره تأكيدا
 والله لأمة: أي لجماعة
 أنت أَشَرُّهَا: أي اكثرهم شراً بزعمهم
 لأمة خير: أي ان كنت انت بزعمهم اكثر الناس شراً ، فالخير بهذه الأمة عظيم
 وأنت شرها صفتها أي : ولأمة أنت أكثر من وصل إليه شر الناس لأمة خير ، فالحكم فرضي وتقديري ، أوزعمي وادعائي على طريق الإنكاري .
 ثم نَفَذَ: اى ذهب
 موقف عبد الله ، وقوله: أي خبر وقوفه عليه ، وقوله في حقه لديه
 فأرسل: أي الحجاج
 إلى: أي إلى ابن الزبير
فَأُنْزِلَ: بصيغة المجهول
 عن جذعه: أي المصلوب عليه
 فَأُلْقِيَ: بصيغة المجهول أي فطرح
 في قبور اليهود: أي في موضع قبورهم من سكان مكة ، أو من واديها من غير أهلها ، وهذا لا ينافي ما سبق من أنه مدفون في أعلى المعلى ; لأنه حمل بعد ذلك من ذلك المحل الأدنى ودفن في الموضع الأول .
 ثم أرسل: أي الحجاج
 إلى أمه أسماء بنت أبي بكر: أي يطلبها
 فأبت أن تأتيه: أي فامتنعت من الإتيان إليه ، والوقوف لديه والسلام عليه ،
 فأعاد عليها الرسول: أي قائدا على لسانه
 لتأتيني: :بتشديد النون على صيغة الخطاب   
أو لأبعثن إليك: أي لأرسلن إلى إتيانك إلي
 من يسحبك: بفتح الحاء أي يجرك
 بِقُرُونِكِ: أي بضفائر شعرك
 والله لا آتيك: لا أجيئك
فقال: أي الحجاج
أروني سِبْتَيَّ:  أي نعلي والمعنى ائتوني بهما أو قدموهما لي ، وكذا ضبطه النووي وقال : هي النعل التي لا شعر عليها
ففي النهاية : السبت بالكسر الجلود المدبوغة بالقرظ ، وهو بالتحريك ورق السلم يتخذ منها النعال أي : السبتية سميت بذلك لأن شعرها قد سبت عنها أي : حلق وأزيل . وقيل : لأنها انسبتت بالدباغ أي : لانت ، ويقال للنعل المتخذ منها سبت اتساعا ، ومنه : يا صاحب السبتين ، ويروى السبتيتين على النسب ، وقال أبو داود : منسوب إلى موضع يقال له : سوق السبت
فأخذ نعليه: أي فلبسهما
 ثم انطلق يَتَوَذَّفُ: قال أبو عبيد : معناه يسرع ، وقيل : يتبختر
 فقال : كيف رأيتني: أي كيف وجدتني
صنعت بعدو الله: أراد به ابنها على زعمه الفاسد ، واعتقاده الكاسد
 رأيتك أفسدت عليه دنياه: اى بقتله
وأفسد عليك آخرتك: اى بما تنتظره من عذاء الله جزاء على قتله
 بلغني أنك تقول له: أي في حياته أو بعد مماته
 يا ابن ذات النِّطَاقَيْنِ: بكسر النون وهو ما تشد به المرأة وسطها عند معاناة الأشغال ، لترفع به ثوبها ، وسميت بذلك لأنها قطعت نطاقها نصفين عند مهاجرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشدت بأحدهما قربته ، وبالآخر سفرته ، فسماها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ ذات النطاقين ، وقيل : شدت بأحدهما سفرته ، وبالآخر وسطها للشغل ، وكان الحجاج من خبثه حمل قوله - صلى الله عليه وسلم - في حقها ذات النطاقين على الذم ، وأنها خدامة وخراجة ولاجة تشد نطاقها للخدمة ، فكأنها سلمت أنها ذات نطاقين ، ولكن نطاق ليس هذا شأنه
أنا والله ذات النطاقين : أما أحدهما ، فكنت أرفع به طعام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطعام أبي بكر من الدواب: متعلق بأرفع أي أربط به سفرة طعامهما ، وأعلقها مرفوعة خشية من الدواب كالفأرة والذرة ونحوهما
 وأما الآخر ، فنطاق المرأة التي لا تستغني عنه:  إما لخدمتها المتعارفة في بيتها الممدوحة في حقها ، وإما لربطها في وسطها إبقاء لحالها خشية أن تصير بطونية ، كما هو الآن عادة العرب من الحزام ، المصنوع من الجلد للفقراء ، وألحقوا به المصنوع من الذهب والفضة للأغنياء
في ثقيف كذابا وَمُبِيرًا: أي مفسدا او مهلك او قاتل
فأما الكذاب فرأيناه: تعني المختار ، و هو شخص ادعى النبوة من ثقيف
وأما الْمُبِيرُ فلا إخالك: أي فلا أظنك
 إلا إياه: أي ذلك الْمُبِيرُ
 قال النووي : في سلام ابن عمر عليه وهو مصلوب استحباب السلام على الميت وتكريره ، وفيه الثناء على الموتى بجميل صفاتهم المعروفة ، وفيه منقبة عظيمة لابن عمر لقوله الحق في الملأ وعدم اكتراثه بالحجاج ; لأنه يعلم أن مقامه وثناءه عليه يبلغه ، فلم يمنعه ذلك أن يقول الحق ، ويشهد لابن الزبير بما يعلمه فيه من الخير ، وبطلان ما أشاع عنه الحجاج من قوله : عدو الله وظالم ونحوه ، فأراد ابن عمر - رضي الله عنهما - براءة ابن الزبير من الذي نسب إليه الحجاج ، وإعلام الناس بمحاسنه ، ومذهبنا أن ابن الزبير كان مظلوما انتهى
فقام عنها: أي الحجاج
فلم يُرَاجِعْهَا: أي فلم يردها في الكلام ، ثم إنها ماتت بعد قتل ابنها بعشرة أيام ، ولها مائة سنة ولم يقع لها سن
و الله تعالى اعلم
للمزيد

No comments :

Post a Comment