جعل الله الرحمة في مائة جزء ، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءا ، وأنزل في الأرض جزءا واحدا ،
فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق ، حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها ، خشية أن تصيبه ، صحيح البخاري
------------------------------------------------
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6000 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
يتراحم الخلق: اى يرحم بعضهم بعضاً
حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها ، خشية أن تصيبه: قال ابن أبي جمرة :
خص الفرس بالذكر لأنها أشد الحيوان المألوف الذي يعاين المخاطبون حركته مع ولده , ولما في الفرس من الخفة والسرعة في التنقل , ومع ذلك تتجنب أن يصل الضرر منها إلى ولدها
وفي الحديث إشارة إلى أن الرحمة التي في الدنيا بين الخلق تكون فيهم يوم القيامة يتراحمون بها أيضا , وصرح بذلك المهلب فقال : الرحمة التي خلقها الله لعباده وجعلها في نفوسهم في الدنيا هي التي يتغافرون بها يوم القيامة التبعات بينهم .
قال : ويجوز أن يستعمل الله تلك الرحمة فيهم فيرحمهم بها سوى رحمته التي وسعت كل شيء وهي التي من صفة ذاته ولم يزل موصوفا بها , فهي التي يرحمهم بها زائدا على الرحمة التي خلقها لهم , قال : ويجوز أن تكون الرحمة التي أمسكها عند نفسه هي التي عند ملائكته المستغفرين لمن في الأرض ; لأن استغفارهم لهم دال على أن في نفوسهم الرحمة لأهل الأرض .
قلت : وحاصل كلامه أن الرحمة رحمتان , رحمة من صفة الذات وهي لا تتعدد , ورحمة من صفة الفعل وهي المشار إليها هنا .
ولكن ليس في شيء من طرق الحديث أن التي عند الله رحمة واحدة بل اتفقت جميع الطرق على أن عنده تسعة وتسعين رحمة , وزاد في حديث سلمان أنه يكملها يوم القيامة مائة بالرحمة التي في الدنيا , فتعدد الرحمة بالنسبة للخلق .
وقال القرطبي : مقتضى هذا الحديث أن الله علم أن أنواع النعم التي ينعم بها على خلقه مائة نوع , فأنعم عليهم في هذه الدنيا بنوع واحد انتظمت به مصالحهم وحصلت به مرافقهم , فإذا كان يوم القيامة كمل لعباده المؤمنين ما بقي فبلغت مائة وكلها للمؤمنين
و الله تعالى اعلم
للمزيد
No comments :
Post a Comment