Sunday, December 22, 2013

682 - من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ، وإنما أنا قاسم ويعطي الله ، ولن يزال أمر هذه الأمة مستقيما حتى تقوم الساعة ، أو : حتى يأتي أمر الله

من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ،
وإنما أنا قاسم ويعطي الله ،
ولن يزال أمر هذه الأمة مستقيما حتى تقوم الساعة ، أو : حتى يأتي أمر الله ، صحيح البخاري
------------------------------------------------
الراوي: معاوية بن أبي سفيان المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7312 خلاصة الدرجة: [صحيح]
------------------------------------------------
الشرح:
هذا الحديث مشتمل على ثلاثة أحكام :
أحدها : فضل النفقة في الدين .
وثانيها : أن المعطي في الحقيقة هو الله .
وثالثها : أن بعض هذه الأمة يبقى على الحق أبدا . فالأول لائق بأبواب العلم .
والثاني لائق بقسم الصدقات ، ولهذا أورده مسلم في
والثالث لائق بذكر أشراط الساعة
بينما كان صلى الله عليه وسلم يوزع الصدقات والأعطيات على مستحقيها اعترض أحدهم على القسمة، فقال: اعدل يا رسول الله. قال: ويحك؟ من يعدل إذا لم أعدل؟ تفقه يا هذا في دينك، وتعلم قواعد شريعتك، وتفهم أحكام الإسلام، والرضا بما حكم نبيه، ومن لم يتفقه في الدين حرم الخير، ولم يبال الله به، وإن من فقه الدين أن تعلم يا هذا أن الله هو المعطي، هو مالك الملك يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء، ويذل من يشاء بيده الخير، إنه على كل شيء قدير، وإن من الدين أن تعلم يا هذا أنني ما أنا إلا قاسم وموزع ومناول، ما أنا إلا أداة منفذة لإرادة الله، وإرادة الله فوق كل شيء، وهو الذي يعطي، تعلم يا هذا فقه الدين، واسلك طريق من أراد اللهم بهم خيرا، فهم قناديل منيرة في كل عصر، يبقون على الحق ما بقي الزمان، لا يطفئهم أعداء الله، ولا يضرهم العتاة، حتى يأتي أمر الله، وتقوم الساعة.
من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين: الفقه هو: الفهم أي: يرزقه فهما ويرزقه ذكاء ومعرفة؛ بحيث إنه يستنبط الأحكام من الأدلة، وبحيث إنه يكون معه قوة إدراك وقوة فهم واستنباط من الأدلة، وهذا ما وهبه الله -تعالى- لكثير من الصحابة ومن بعدهم، دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس بقوله:" اللهم فقهه في الدين" وفي رواية:" وعلمه التأويل"فكان كذلك، حتى ذكروا أنه فسر مرة سورة النور تفسيرا بليغا لو سمعه اليهود والنصارى والترك والروم لأسلموا، وهذا مما رزقه الله ومما فتح عليه.
وكذلك كثير من الأئمة، تذكرون الحديث الذي فيه قوله -صلى الله عليه وسلم- " مثل ما بعثتي الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكان منها طائفة قبلت الماء وأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء؛ فسقى الناس وزرعوا، وأصاب طائفة منها إنما هي قيعان لا تنبت كلأ ولا تمسك ماء؛ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثتي الله به من الهدى والعلم؛ فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به"
فهذا الحديث يبين أن الناس ثلاثة أقسام:
قسم رزقهم الله -تعالى- الحفظ والفقه،
وقسم رزقهم الله الفقه والفهم،
وقسم حرموا من ذلك كله،
فمن أراد الله-تعالى - به خيرا فتح الله على قلبه وفقهه، وجعل في قلبه فهما للنصوص؛ بحيث إنه يستنبط من الآية عشرة أحكام أو أكثر، وكذا يستنبط من الأحاديث، وتجدون هذا في الشروح بحيث إن بعضهم إذا شرح الحديث استنبط منه عشرة أحكام، عشرين حكما قد تصل إلى مائة حكم وإلى مائة فائدة من فوائد الحديث، فهذا من الفهم ومن الفقه
 إنما أنا قاسم ويعطي الله: المعنى لا اتصرف فيكم بعطية ولا منع برأيي و لا أعطى أحدا ولا أمنع أحدا الا بأمر الله
ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله: أي على دين الله وفقهه، والمراد بالأمة أمة الإجابة، وتصدق ببعض أفرادها، وما يقوم به بعضها يستند وينسب إليها، أي وسيظل بعض أفراد هذه الأمة متفقهين في دين الله.
 أما من هم المقصودون بهذا البعض؟ فآراء، تأتي في فقه الحديث.
 وأما علاقة هذه الجملة بما قبلها فهي رفع إيهام أن الخير والتفقه في الدين مرتبط بزمن أو قرون.
لا يضرهم من خالفهم: أي لا يثنيهم وعد أو وعيد عن قيامهم على دين الله، وجهرهم بالحق، وصلابتهم فيه.
حتى يأتي أمر الله: أي قيام الساعة.
 أي إلى نهاية الدنيا، وبعدها يكون الحكم لله وحده، والأمر لله وحده، ولا تكليف، فلا وجه للاستشكال بأن ما بعد "حتى" يخالف ما قبلها، فيترتب عليه أن هذه الأمة بعد قيام الساعة لا تقوم على أمر الله، أو يضرها حينئذ من خالفها، وقيل: إن لفظ الغاية قصد به التأبيد، كقوله تعالى  خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض  أي قائمين على دين الله أبدا، أو لا يضرهم من خالفهم أبدا وقيل: المراد من أمر الله الثاني فتنة الدجال، فما بعد الغاية يخالف ما قبلها وأحسن التوجيهات هو الأول
فاللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله، وأولئك هم أولو الألباب
و الله تعالى اعلم
للمزيد

No comments :

Post a Comment